قناة السويس.. صمام الأمان .. شريان أغرق الإخوان| 30 يونيو أنقذت القناة من البيع والتقسيم تحت مسمى «الإقليم»

قناة السويس
قناة السويس

كارت أحمر رفعته قناة السويس فى وجه جماعة الإخوان المسلمين منذ أن فكرت تلك الجماعة فى السيطرة عليها وبيعها للأجانب تحت مسمى الإقليم لتعلن القناة للعالم أجمع بأنها ملك فقط للشعب المصرى وهو الذى يتحكم فى مصيرها وصاحب الكلمة العليا بشأنها واليد القوية فى إدارتها..

وتعلن أيضا شهادة وفاة الإخوان المسلمين الذين سمحوا لأنفسهم بالتفريط فى أرض الوطن الغالى «مصر»..

وكانت ثورة 30 يونيو هى البوتقة التى انصهرت وتبخرت فيها أحلام الإخوان المسلمين حول قناة السويس لتعلن تلك الثورة المجيدة انتهاء عصر كان بمثابة ظرف استثنائى فى تاريخ الوطن لن يتكرر مرة أخرى..

لتتوالى الإنجازات بعد تلك الثورة فى هذا المرفق الحيوى الذى يدر مليارات الدولارات للدخل القومى المصرى، بدأت هذه الإنجازات بحفر قناة السويس الجديدة عام 2015 واكتتاب المصريين شهادات لحفرها ثم تحقيق طفرة فى المجرى الملاحى والأسطول البحرى لقناة السويس وإنشاء أنفاق جديدة أسفلها لربط الوادى بسيناء وكذلك إنشاء مزارع سمكية جديدة ومدن سكنية على ضفتيها وتطوير القطاع الجنوبى لإتمام الازدواج الكامل للقناة..

«الأخبار» تطرح عبر هذا الملف رؤيتين لقناة السويس إحداهما كانت بمثابة الخيانة فى زمن الإخوان المسلمين والأخرى كانت بمثابة الانتماء للوطن فى زمن الرئيس عبد الفتاح السيسى.

قناة السويس والإخوان.. تاريخ طويل وممتد ومسلسل لا ينتهى من الخيانة والتآمر.. وهذا أمر بديهى وطبيعى من جماعة انسلخت من جدار الوطن وفضلت مصالحها الشخصية على مصالح مصر.. فالجماعة الإرهابية منذ نشأتها وهى تضع قناة السويس نصب أعينها وتريد السيطرة عليها بأى شكل من الأشكال وبأى ثمن، فهى تعلم جيدا الأهمية الكبرى والاستراتيجية لقناة السويس، فلجأت الجماعة إلى التحالف تارة مع المستعمر من أجل تحقيق أهدافها وتارة أخرى لجأت إلى محاولة البيع والتأجير أثناء توليهم مقاليد الأمور فى مصر، وتارة إلى سلاح الشائعات والتشكيك فى القرارات الوطنية التى ترتبط بقناة السويس وتارة أخيرة بسلاح الشماتة فى حادثة سفينة إيفرجيفين.. «الأخبار» ترصد فى السطور القادمة مسلسل خيانة الإخوان لوطنهم مصر ولشريانها الأبى قناة السويس.

البداية كانت فى نهاية العشرينيات من القرن الماضى حيث دعا حسن البنا مؤسس جماعة الإخوان الإرهابية أنصاره إلى اجتماع، وكان الاجتماع فى محافظة الإسماعيلية التى شهدت إعلان مولد الإخوان عام 1928، ووقتها أعلن البنا عن خبر سار، قال إنه تحصل على دعم من شركة قناة السويس «الشركة التى كانت تدير القناة»، لبناء مسجد فى المدينة، هلل أنصار الجماعة وقتها، فى حين تسرب الخبر إلى أهالى الإسماعيلية، الذين ثاروا ضد البنا، وتساءلوا باستغراب، كيف نبنى مسجدا بمال «الخواجات»؟، ليخرج البنا بتصريح يحمل فى طياته الخيانة قائلا «المال مالنا، والقناة قناتنا، والبحر بحرنا»..

القصة وتفاصيلها وردت فى كتاب «أموال الإخوان» للكاتب الصحفى الكبير عبد القادر شهيب، والذى نقل جزءا كبيرا منها من كتاب «الدعوة والداعية» لحسن البنا، والذى اعترف فيه مرشد الجماعة، أنه تحصل على منحة من شركة قناة السويس التى كان يسيطر عليها فى هذا الوقت «الإنجليز والفرنسيون» وبلغت قيمتها 500 جنيه استرلينى..

البنا قال إن السيد الباروندى بنو، مدير الشركة منحه المبلغ لبناء مسجد ومدرسة، والغريب أن مؤسس الجماعة قال فى كتابه إنه عاتب مدير الشركة الأجنبى على صغر المبلغ، رغم أن المبلغ يعادل حسب رأى الكاتب، 4 ملايين جنيه استرلينى حاليا ويصل إلى 70 مليون جنيه مصرى.
وكعادة الإخوان تم إنفاق المبلغ لبناء دار ومقر للجماعة وعدد من الكتاتيب لنشر فكرهم فى مدن القناة، ليس ذلك فقط بل إن البنا اعترف كذلك فى كتابه «الدعوة والداعية» بتحصله على تبرعات كثيرة من مدير شركة قناة السويس الانجليزى، فى وقت كان الشعب المصرى يعانى من ويلات الفقر، والأحزاب تعانى من ضعف التمويل، مما يثير التساؤل عن علاقة الجماعة بالانجليز، وماذا قدموا من خيانة للحصول على كل هذه المنح والأموال.

سؤال ظهرت إجابته بعد أكثر من 35 عامًا، عندما هاجمت الجماعة قرار الرئيس جمال عبد الناصر رئيس الجمهورية بتأميم قناة السويس وتحويلها لإدارة مصرية خالصة.. الجماعة وعلى موقع ويكيبديا «الإخوان المسلمين» كشفوا عن وجه الخيانة الذى طالما عايشوه مع كل محتل يدخل مصر فذكرت موقفها صراحة من قرار التأميم، مشيرة إلى أن قرار تأميم قناة السويس كان أكبر خدعة فى تاريخ مصر، وأن ما فعله عبد الناصر كان من أجل تحقيق انتصار سياسى، ولم تتوقف الجماعة عند ذلك فقط بل شككت فى وطنية الرئيس جمال عبد الناصر، وقالت «إن ما فعله لم يكن وطنيا».. حديث الجماعة بهذه العنجهية يشير إلى أنها كانت ترغب فى أن تستمر القناة ضمن الإدارة الانجليزية والفرنسية، مما يؤكد دور التخابر والخيانة الذى كان يجمع الإخوان بالانجليز والفرنسيين فى ذلك الوقت ضد الدولة المصرية.

بيع القناة

ومنذ تأسيس الجماعة فى عشرينات القرن الماضى، لم تخرج قناة السويس من عقل وتفكير أعضائها، فهم يعتبرونها أداة قوية، بالسيطرةعليها يستطيعون أن يحققوا ما يريدونه من اتفاقيات مع دول بعينها تخدم مصالحهم فقط.

وهذا الأمر وضح جليا عندما زار «عقل الإخوان» خيرت الشاطر نائب مرشد الجماعة، إحدى الدول العربية والتى كانت تتخذ ضد إرادة الشعب المصرى فى 30 يونيو موقفا مغايرا، وتقف بكل ما تملك من أدوات ووسائل مع جماعة الإخوان الإرهابية.

زيارة الشاطر الرجل القوى فى الجماعة، كانت محل رقابة واهتمام من الأجهزة الأمنية والمحللين الاقتصاديين والسياسيين والقانونيين فى ذلك الوقت، خاصة أنه تم كشف مغزى الزيارة قبل توجه الشاطر نفسه إلى هذه الدولة، فالهدف الذى ذهب من أجله كان تسليم القناة لهذه الدولة لمدة 99 عاما، وكأن الإخوان أرادوا محتلا جديدا للقناة على غرار المحتل الانجليزى والفرنسى فى السنوات الماضية، اللذين طالما تعاونوا وتخابروا معهما.

ولا يخفى على أحد ما ذكره المحللون السياسيون فى عام 2012 من أن زيارة الشاطر المتحكم الأول فى الجماعة كانت تهدف إلى سلخ قناة السويس من جسد الوطن دون النظر لما تمثله من قيمة استراتيجية لمصر والمصريين على مدى التاريخ.

مشروع التبعية

مشروع قناة السويس الذى أعده الإخوان عام 2012 كانوا يرغبون فى تنفيذه على أرض الواقع عام 2013، انتقده الراحل طارق البشرى الفقيه القانونى الذى كان يراه الإخوان قريبا منهم، حيث وصف المشروع أنه بمثابة الإعلان الرسمى لإقليم قناة السويس واستقلاله عن الدولة المصرية.

وتابع فى حديثه لبعض وسائل الإعلام وقتها «مسودة المشروع حولت قناة السويس إلى ملكية خاصة لأعضاء الهيئة العامة لتنمية إقليم قناة السويس ومنحت رئيس الجمهورية سلطات مطلقة للإقليم بعيداً عن أى رقابة، كما أن مسودته تدعو العالم وكل من شاء ليمارس نشاطه التجارى فى هذا الإقليم حسبما يشاء مطمئناً أن الإقليم خارج نطاق القوانين المصرية والأجهزة المؤسسية المصرية».

أما الخبراء والاقتصاديون، فأضافوا أن مسودة المشروع بشكله الحالى الذى طرحته الجماعة، يجعل من محور قناة السويس دولة داخل الدولة وإقليماً يظهر من تسميته أنه خارج السيادة المصرية ويجعل من رئيس الدولة الحاكم بأمره، ومن مجموعة الـ 15- أعضاء وممثلى الهيئة المسئولة عن إدارته المالكين الفعليين والمتحكمين فى أراضى هذا الإقليم. ويكون من حق هذه المجموعة توزيع امتيازات قناة السويس والمحور بأكمله على من يشاءون دون التقيد والرجوع لأى قوانين مصرية لتعود من جديد قناة السويس تحت الرهن والامتياز من جديد بعد تحقيق حلم تأميمها.

فروض الطاعة

أما السياسيون فكانت لهم وجهة نظر أخرى، حيث ذكروا فى عدد من وسائل الإعلام أن مسودة مشروع القانون كانت بمثابة تقديم فروض الطاعة للأمريكان بتحقيق حلم إسرائيل بأن تكون سيناء الوطن البديل للفلسطينيين وتحقيق حلم وهدف ومخطط إعادة تقسيم الشرق الأوسط من جديد من خلال مشروع يصطدم بنص المادة الأولى من دستور الإخوان لعام 2012 والتى تنص فى صدر أحكام الدستور على أن «مصر دولة مستقلة موحدة لا تقبل التجزئة» ويصطدم بحكم المادة الخامسة من ذات الدستور من أن الشعب هو مصدر السلطات، أى قوانينه تسرى على أرض مصر، إلا أن الإخوان أرادوا إبعاد القانون عن إقليمهم الذى يرونه بعينهم «قناة السويس».

أما القانونيون والقضاة، فاعترضوا على مشروع القانون، وقالوا إن مسودته المطروحة للنقاش ستحول القضاء إلى ما يشبه العرفى بنص المادة 30 من المشروع والتى تنص على إنشاء لجنة لتسوية المنازعات بالإقليم تشكل من 3 أعضاء فقط من الهيئات القضائية ينتدبهم رئيس مجلس إدارة الهيئة بالاتفاق مع المجالس العليا للهيئات القضائية التابعين لها بالإضافة إلى عضوين يمثل كل عضو طرفاً من أطراف النزاع، وأضافوا أن القانون أيضاً أعطى الهيئة حق إرساء المشروعات بالأمر المباشر دون التقيد بقانون المناقصات العامة، كما أنه لم يكفل أو يضمن تضارب المصالح، وفى نفس الوقت فتح الباب على مصراعيه لتلقى المنح والامتيازات دون رقيب أو حسيب.

وجاءت ثورة 30 يونيو لتكون الصخرة التى تتحطم عليها كافة أحلام الإخوان خاصة أحلامها تجاه قناة السويس لتتحول تلك الأحلام الى كوابيس تطاردهم حتى يومنا هذا ومع ذلك لم يتوقف مسلسل الخيانة والشماتة والتشكيك فى كل قرار وطنى لصالح قناة السويس.

محاربة القناة

كان إعلان الرئيس عبد الفتاح السيسى فى 5 أغسطس عام 2014 خلال كلمته فى احتفالية تدشين مشروع تنمية محور قناة السويس، عن إطلاقه شرارة بدء تنفيذ 3 مشاريع عملاقة، على رأسها محور قناة السويس، ودعوته الشعب المصرى للمساهمة فى بناء القناة الجديدة، ضربة قوية لتنظيم الإخوان فى ذلك الوقت، حيث عملت الجماعة على تخويف الشعب المصرى وتحريضهم على عدم المشاركة فى دعم وتمويل القناة الجديدة.

وكانت وسيلة الإخوان فى ذلك الوقت إطلاق الفتاوى، لمنع المصريين من شراء شهادات الاستثمار فى مشروع قناة السويس الجديدة، وحرضت وسائل إعلام وصحف الجماعة وعدد من الشخصيات الدينية المحسوبة على التيار السلفى المصريين للابتعاد عن تمويل القناة الجديدة.

لم يقف الإخوان عند هذا الحد، بل شمتوا وأظهروا حقدهم الدفين فى تعطل السفينة البنمية إيفرجيفين فى المجرى الملاحى لقناة السويس، وامتلأت صفحات الإخوان غلا وحقدا تجاه مصر وقناة السويس وأظهروا فرحتهم بتعطل السفينة ومن ثم تعطل الملاحة فى القناة ولكن شاء المولى عز وجل أن يرد كيدهم فى نحورهم وأن ينجح المصريون من أبنائهم المخلصين من أبناء هيئة قناة السويس فى تعويم السيفنة إيفرجيفين بعد 6 أيام فقط من تعطلها، رغم أن أرجح الأقاويل على لسان الخبراء العالميين كانوا يتوقعون تعويمها بعد 6 شهور من بدء الحادثة.

الصندوق السيادى

ومع كل قرار للرئيس السيسى لتنمية وزيادة موارد قناة السويس يخرج الإخوان مشككين فى هذا القرار وكان آخره قرار إنشاء صندوق القناة السيادى الذى يهدف إلى جذب الاستثمارات فى قناة السويس، حيث بمجرد صدور القرار خرج الإخوان من جحورهم على مختلف وسائل التواصل الاجتماعى وملأوا الدنيا ضجيجا وادعوا بأن الرئيس السيسى يشرع فى بيع قناة السويس وتأجيرها للأجانب، وهو الأمر الذى نفاه تماما الفريق إسامة ربيع رئيس هيئة قناة السويس فى مؤتمر صحفى عالمى عقده فى مقر هيئة قناة السويس منذ بضعة شهور مؤكدا من خلاله عدم صحة شائعات الإخوان وأن القناة ملك للمصريين ولا يمكن التفريط فى شبر واحد من أرضها ومياهها.

كان المؤتمر الصحفى هذا طعنة فى صدر الإخوان الذين دأبوا على نشر الشائعات حول قناة السويس لتحقيق مآربهم فى ضرب الاقتصاد الوطنى وتعطيل الملاحة داخل أهم شريان مائى فى العالم يربط بين البحرين المتوسط والأحمر

امتدت شائعات الإخوان أيضا إلى التطوير الذى يشمل حاليا القطاع الجنوبى فى قناة السويس حيث ادعى الإخوان كذبا بأن التطوير عديم الفائدة وليس له أى نفع على القناة والمصريين وهو الأمر الذى رد عليه أيضا الفريق أسامة ربيع فى المؤتمر الصحفى الأخير للقناة والذى أكد أن مشروع تطوير القطاع الجنوبى للقناة هو امتداد لتحقيق الازدواج الكامل لقناة السويس حيث تم إنجاز أكثر من 90 % من المشروع بما يحافظ على زمن الملاحة للسفينة الواحدة فى قناة السويس وهو 11 ساعة كما يقلل من حوادث السفن فى هذا الجزء الصخرى الذى تسعى القناة إلى حفره وتحقيق الازدواج به.