بدون تردد

محمد بركات يكتب: قوة واحدة للدولة

محمد بركات
محمد بركات

على الرغم من بعد المسافة الجغرافية الفاصلة بين الاتحاد الروسي والسودان، وبالرغم من الاختلاف الكلى والشامل بين الطبيعة الاجتماعية والاقتصادية والسياسية فى الدولتين،...، إلا أن هذا الاختلاف لم يمنع وجود تشابه شديد بين ما جرى ويجرى فى السودان خلال الآونة الأخيرة، وبين ما جرى ويجرى فى روسيا هذه الأيام.

ففى السودان شهدنا ونشاهد صداماً مسلحاً ومباشراً بين قوات الجيش السودانى وميليشيات الدعم السريع المسلحة، كنتيجة طبيعية للصراع على السلطة والرغبة فى السيطرة على القيادة العسكرية بين الجانبين،...، وهو ما أدى لنشوب حرب فعلية بينهما داخل السودان.

وفى روسيا تابعنا ونتابع بدايات صدام خطير بين قوات الجيش الروسي وميليشيات «مجموعة فاجنر الروسية» المسلحة، كنتيجة طبيعية أيضا للصراع على السلطة والقيادة العسكرية، بين قيادة الجيش وقائد مجموعة فاجنر، واتهامات متبادلة بين الجانبين،...، وهوما كان يمكن أن يؤدى إلى تطورات خطيرة على المستويين العسكرى والسياسى داخل روسيا لولا وساطة رئيس بيلاروسيا فى اللحظة الأخيرة.

وكما حدث فى السودان عندما أعلن الجيش أن ما قامت به قوات الدعم السريع، هو حالة تمرد عسكرى مرفوض وخارج عن الشرعية ويهدد وحدة وأمن البلاد،...، حدث أيضا نفس الشىء فى روسيا، مع الفارق الجغرافى والسياسى والاجتماعى، حيث أعلن الجيش ان ما قامت به مجموعة فاجنر هو حالة تمرد عسكرى يهدد وحدة الجيش وقت الحرب ويجب القضاء عليه.

وعلى الرغم من عدم الوضوح الكافى حتى الآن لمسار الأحداث فى روسيا وتطوراتها المحتملة، وبالرغم من المسارعة الى معالجة ما جرى قبل وصوله إلى تكرار ما جرى ويجرى فى السودان،...، إلا أن ما جرى فى الحالتين يؤكد أن الخطأ الفادح والكبير فى الحالتين، هو تجاهل الحقيقة التاريخية المؤكدة والثابتة، فى زمان وكل وقت منذ قيام الدول، وهى أنه لا يجب ولا يصح على الاطلاق السماح بوجود قوة أخرى بجوار قوة الجيش فى الدولة،...، وأن مجرد السماح بذلك خطأ كبير، بل خطيئة لا يمكن أن تغتفر، سواء كان ذلك فى السودان أو روسيا أو غيرهما.