خواطر الإمام الشعراوي .. حسنة الدنيا وحسنة الآخرة

خواطر الإمام الشعراوي
خواطر الإمام الشعراوي

يستكمل الشيخ الشعراوى خواطره حول الآية 200 من سورة البقرة بقوله: ما نفهمه من قول الله عز وجل فى ختام هذه الآية: «فَمِنَ الناس مَن يَقُولُ ربنا آتِنَا فِى الدنيا وَمَا لَهُ فِى الآخرة مِنْ خَلاَقٍ».

أن العبد حين يؤدى مناسكه لله يجد نفسه أهلا لأن يسأل الله، وما دمت قد وجدت نفسك أهلا لأن تسأل الله فاسأل الله بخير باق؛ لأن الإنسان إنما يُصَعدُ حاجته إلى المسئول على مقدار مكانة المسئول ومنزلته؛ فقد تذهب لشخص تطلب منه عشرة قروش، وقد تذهب لآخر أغنى من الأول فتقول له: أعطنى جنيهًا، ولثالث: تطلب منه عشرة جنيهات، إنك تطلب على قدر همة كل منهم فى الإجابة على سؤالك.

إذن ما دام العباد بعد أداء المناسك فى موقف سؤال لله فليُصَعِّدُوا مسألتهم لله وليطلبوا منه النافع أبدًا، ولا ينحطوا بالسؤال إلى الأمور الدنيوية الفانية البحتة. «فَمِنَ الناس مَن يَقُولُ رَبَّنَآ آتِنَا فِى الدنيا وَمَا لَهُ فِى الآخرة مِنْ خَلاَقٍ» إن العبد قد لا يريد من دعائه لله إلا الدنيا، ولا حظ ولا نصيب له فى الآخرة، ومثل هذا الإنسان يكون ساقط الهمة؛ لأنه طلب شيئًا فى الدنيا الفانية، ويريد الله أن نُصَعِّد همتنا الإيمانية.

وحول قوله تعالى : «وَمِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ رَبَّنَا آتِنَا فِى الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِى الْآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النار» فى الآية 201 من سورة البقرة يقول الشيخ الشعراوي: ولماذا لم ننس الدنيا هنا؟ لأنها هى المزرعة للآخرة. وقوله سبحانه: «آتِنَا فِى الدنيا حَسَنَةً» اختلف فيها العلماء؛ بعضهم ضيقها وقال: إن حسنة الدنيا هى المرأة الصالحة. وقال عن حسنة الآخرة إنها الجنة. ومنهم من قال: إن حسنة الدنيا هى العلم؛ لأن عليه يُبْنَى العمل، وفى حسنة الآخرة قال: إنها المغفرة؛ لأنها أم المطالب.

ومن استعراض أقوال العلماء نجدهم يتفقون على أن حسنة الآخرة هى ما تؤدى إلى الجنة مغفرة ورحمة، لكنهم اختلفوا فى حسنة الدنيا. أقول: لماذا لا نجعل حسنة الدنيا أعم وأشمل فنقول: يا رب أعطنا كل ما يُحَسِّنُ الدنيا عندك لعبدك.

ويذيل الحق هذه الآية بقول: «وَقِنَا عَذَابَ النار» وسبحانه وتعالى حين يَمْتَنُّ على عباده يمتن عليهم بأن زحزحهم عن النار وأدخلهم الجنة، كأن مجرد الزحزحة عن النار نعيم، فإذا ما أدخل الجنة بعد الزحزحة عن النار فكأنه أنعم على الإنسان بنعمتين؛ لأنه سبحانه قال: «وَإِن مِّنكُمْ إِلاَّ وَارِدُهَا» «مريم: 71».

ومعناها أن كل إنسان سيرى النار إما وهو فى طريقه للجنة، فيقول: الحمد لله، الإيمان أنجانى من هذه النار وعذابها، فهو عندما يرى النار وبشاعة منظرها يحمد الله على نعمة الإسلام، التى أنجته من النار، فإذا ما دخل الجنة ورأى نعيمها يحمد الله مرة ثانية، وكذلك يرى النار من هو من أهل الأعراف أى لا فى النار ولا فى الجنة، يقول الحق: «فَمَن زُحْزِحَ عَنِ النار وَأُدْخِلَ الجنة فَقَدْ فَازَ» «آل عمران: 185».

إقرأ أيضاً|خواطر الإمام الشعراوي| نصيحة أم سلمة