فى الصميم

جونسون وترامب.. وأسئلة السقوط!!

جلال عارف
جلال عارف

ربما هى المصادفة لكنها تعنى الكثير.. فى يوم واحد كانت واشنطون تكشف اللثام عن اتهامات جديدة ضد الرئيس السابق ترامب قد تكون هى الأخطر حتى الآن لأنها تتعلق بالوثائق بالغة السرية التى احتفظ بها بعد خروجه من البيت الأبيض. ولأن العقوبة ـ إذا ثبتت الاتهامات ـ تصل للسجن عشرين عامًا!!..

فى نفس اليوم كانت لندن تشهد سقوطًا قد يكون الأخير لرئيس الوزراء الأسبق بوريس جونسون الذى بادر بإعلان استقالته من البرلمان قبل أن يصدر قرار بطرده بعد ثبوت الاتهامات الموجهة له بتضليل البرلمان بشأن فصيحة «بارتى جيت» التى خالف فيها القواعد فى زمن كورونا!!

الرجلان كانا الحليفين الأقرب لبعضهما وهما فى الحكم تشابهت البدايات بينهما رغم أن جونسون أكثر ثقافة وترامب أكثر ارتباطًا بعالم المال. ساند ترامب جونسون فى معركة الخروج من الاتحاد الأوروبى «البريكست» وشجعه على المضى فيها، ووعد بأن يعوضه بتحالف أقوى مع أمريكا. صعد الرجلان لقمة السلطة بسرعة كبيرة وأصبح كل منهما ظاهرة سياسية فى بلاده.

قبل عامين فقط كان جونسون يقود حزبه لأكبر انتصار فى انتخابات البرلمان منذ نصف قرن ويبدو مسيطرًا تمامًا على الأوضاع لدرجة الإيمان بأنه سيحكم بريطانيا لعشرين عامًا أخرى، وفى نفس الوقت كان ترامب يبدو واثقًا من بقائه فى البيت الأبيض لفترة رئاسية ثانية ويعلن الأسف لأن الدستور لا يسمح له بأكثر من ذلك!!

بعد عام واحد كان المشهد مختلفًا تمامًا مع تلاحق الأزمات على الرجلين.. ترامب غادر البيت الأبيض بعد مقاومة كارثية لتسليم السلطة إثر خسارته للانتخابات أمام بايدن.

لتبدأ سلسلة مطاردات قانونية له بتهم تبدأ من التهرب الضريبى والجرائم الجنسية ولا تنتهى بالتحريض على اقتحام الكونجرس، أما جونسون فواجه أيضًا سلسلة فضائح حكومية لكن الخطر الأكبر كانت فضيحة «بارتى جيت» وكذب على البرلمان والشعب بشأنها.

وفقد رئاسة الحكومة وزعامة الحزب، وها هو خارج البرلمان فى خطوة قد تقطع الطريق على أى محاولة للعودة كما كان يخطط!!

قد يكون هناك خلاف فى السرعات بين بريطانيا وأمريكا عند المحاسبة على الأخطاء السياسية. وقد تكون سلطة «الحزب» أقوى فى النظام البرلمانى عنها فى النظام الرئاسى الأمريكى ..

لكن دراما جونسون وترامب تستحق الدراسة وتطرح أسئلة عديدة عن صعود وهبوط هذا النوع من الزعامات، وعن مصير تيار كان الاثنان يمثلان «العلامة المسجلة» له فى الغرب الذى يشهد صعودًا لأقصى اليمين مرشحًا للاستمرار مع الأزمة الاقتصادية العالمية.

فى أمريكا يقولون إن «الترامبية» مستمرة حتى بدون ترامب، وفى بريطانيا يبدو أن الخروج من أوروبا «البريكست» لم يعد إنجازًا، وطريق المراجعة لم يعد مغلقًا!!