بلا حرج

الدبلوماسية الإنسانية

أحمد غراب
أحمد غراب

 ما الذى يجعل أى إنسان يزهد فى متاع الدنيا ونعيمها الزائل ، ويفنى حياته فى مكافحة الرزيلة والتعفف عن المعاصى حتى اللمم ؟!!

جلس الرسول بعد صلاة الجمعة بالمسجد مع أصحابه يتبادلون أطراف الحديث ، وقال الحبيب المصطفى-عليه أفضل الصلاة والسلام: اشتقت لأخوانى ؛ فاندهشوا وقالوا : ألسنا أخوانك ؟!! قال : أنتم أصحابى ؛ إنما أخوانى أناس يجيئون بعدى آمنوا بى ، ولم يرونى .

الحمد لله أننا من أمة سيدنا محمد ؛ فهو يشتاق لرؤيتنا ، والصحابة بجلالة قدرهم يغبطوننا على أخوة الرسول واشتياقه لنا . ما هذا الجمال وما هذه الروعة التى تجعل الإنسان يستحى من الله ورسوله قبل أن يقدم على خطأ أورزيلة أو حتى اللمم ؟!!

خارج المسجد أرى عبدالله بن العباس بن عبدالمطلب يعين زيد بن ثابت عالم الأمة على ركوب دابته ، ويقبل يده ؛ فيقول زيد : لم هذا يا ابن عم رسول الله ؟!! قال عبدالله : هكذا أمرنا أن نفعل مع علمائنا ، ولما أخذ عبدالله بزمام الدابة ، وسار بها فى حر الظهيرة بالمدينة المنورةولما وصلا إلى البيت نزل زيد وقبل يد عبدالله بن العباس ، فقال عبدالله : لم هذا يا شيخنا ؟!! قال زيد : هكذا أمرنا أن نكون مع أهل بيت نبينا .

●●●

لعبت الدبلوماسة الإنسانية دورا كبيرا فى تدعيم العلاقات الدولية المصرية فى الستينات والسبعينات من القرن الماضى . واليوم بدت بادرة طيبة مع مطلع العام الجديد ؛ حيث افتتح سامح شكرى وزير الخارجية المصرى ورئيس وزراء بورندى مركز مجدى يعقوب لعلاج أمراض القلب فى كيجالى العاصمة لنستعيد الدور الإنسانى للحضارة المصرية التى ملأت العالم علما ورخاء.

لقطة مضيئة من بعيد يقابلها على الجانب الآخر صورة مغايرة فى المجالات المهنية بشوارعنا ومياديننا ؛ على سبيل المثال لا الحصر نجد على الحوائط إعلانا مكررا يقول « فلان الفلانى الأزهرى .. مأذون وراقى شرعى ومعالج بالحجامة « وموضوع العنوان والتليفونات بصورة واضحة .

هل يعقل أن أفتتح غرفة فى بيتى لتحسين دخلى بعد الظهر، ولعلاج المرضى بالجامة والذى منه ، وأنا غير مؤهل لإعطاء أى نوع من أنواع الحقن ، ولا أستطيع مواجهة النزيف ووقفه إذا حدث لأى إنسان ؟!!!

قليل من الوعى الصحى والاجتماعى يغنينا عن كثير من الأمراض والنفقات التى تقتطع من أقواتنا يوميا للإنفاق على العلاج ومقاومة آثار الجهل بالوعى المنتشر بين كثير من الطبقات العليا والنخبة الزائفة .

لو أتقن كل منا فى تخصصه وترك تخصص الغير لأصبح مجتمعنا أشبه بالمدينة المنورة التى حولها الحبيب المصطفى عليه أفضل الصلاة والسلام من مجتمع جاهلى إلى مجتمع متحضر ينشر العلم والخير والحضارة فى كل ربوع العالم .