رحلة العائلة المقدسة إلى أرض مصر 

الأرشي الأكليريكي يونان مرقص
الأرشي الأكليريكي يونان مرقص

تحتفل الكنيسة القبطية الأرثوذكسية فى كل ربوع العالم فى مثل هذا اليوم الموافق 1 يونية سنة 4001 ق.م لخلق أبونا آدم ( 24 بشنس ) من كل عام وهذا الأحتفال  منذ الآف السنين بعيد دخول السيد المسيح والعائلة المقدسة لمصر ويعتبر هذا العيد من الأعياد السيدية الصغرى فى الكنيسة وفى المسيحية .. وهذه الرحلة هى من أعظم الرحلات الإلهية ، والكنيسة القبطية الأرثوذكسية هى أعظم كنائس العالم بنصوص الكتاب المقدس.

مصر البلد الوحيد الذى احتمى به السيد المسيح من بطش هيردوس الملك .. قضت العائلة المقدسة فيها أكثر من ثلاث سنوات وستة أشهر ، باركها الله بأطول محور سياحى فى العالم طوله 3500 كم. 

اقرأ أيضا.. ماذا لو جاء السيد المسيح له المجد إلى العالم ؟

والعائلة المقدسة كانت من أهم اللاجيئين لمصر والمحتمين بها ، كان من الممكن أن يطلب ملاك الله من يوسف ان يهرب إلى أقرب مكان من فلسطين مثل سوريا أوالأردن أولبنان أو العراق.. ولكن نؤمن أنه عند ملئ الزمان سوف تتحقق النبؤات الإلهية :

من أهم الأحداث التاريخية التى جرت على أرض مصر فى تاريخها الطويل تلك هذه الزيارة المباركة ، وكانت هذه رحلة الهروب لمصر بترتيب من قبل الله الأزلى قبل كل الدهور ، وأن تتحرك من أرض المهد إلى أرض الكنانة وادى النيل العظيم..  حينما ظهر ملاك الله ليوسف فى حلم  وقال له خذ الصبى وأمه واهرب إلى مصر وكن هناك حتى أقول لك .. فقام يوسف مسرعاً بكل طاعة وأخذ الصبى وأمه وأنصرف إلى مصر حيث كان الحاكم هيردوس الملك مزمعاً أن يقتل هذا الصبى الطفل يسوع المسيح ... لئلا إذا وقع الصبى فى يد هيردوس الملك ليهلكه ، لانه يظن فى نفسه أن جسده خيال ، وعندما سمعت أمه خبر الأنتقام من هيردوس الملك  أنزعجت جداً فقامت مسرعة خوفاً على أبنها ، وكانت فى ذلك الحين ترضع الطفل من لبنها الطاهر ، فسقط البعض منه على الأرض أثناء قيامها للرحيل ، فتحولت صخور المغارة التى كانت تجلس عليها العذراء مريم وأبنها  إلى اللون الأبيض الناصع كثلج ، وموجودة حالياً هذه المغارة وتسمى بمغارة الحليب بجوار كنيسة المهد ( الميلاد ) بالقدس فلسطين ، فأتى يوسف النجار ومريم العذراء وأبنها الطفل يسوع على حمار وكانت معهم سالومى بنت خالة العذراء مريم لكى تخدمهم طوال مدة الرحلة ، فخرجت تلك العائلة من الطريق الساحلى مروراً برفح الحدودية بقطاع غزة ، فوصلوا إلى الحدود المصرية بعد 10 أيام من مغادرة أورشليم ، ومن ثم يكون وصولهم إلى الحدود السيناوية فى 25 فبراير من العام الأول الميلادى ، مرواً بالمناطق  التى حددتاها  فى ضوء التقليد وبما يتفق منطق الأمور فى رحلتى الذهاب والعودة ، وقبل ان يعلم هيردوس الملك بأنصراف المجوس إلى بلادهم بالفرس عن طرق أخرى  ،  والتأكيد على ذلك نجده فى الأسس الكتابية فى الكتاب المقدس ، وهى عبارة عن نبؤات من العهد القديم  من قبل ميلاد السيد المسيح له المجد ب 700 سنة ق.م على لسان الأنبياء القديسين أشعياء وهوشع عن زيارة العائلة المقدسة إلى مصر :  نجد فى سفر أشعياء النبى  بتقول " هوذا الرب راكب على سحابة سريعة ، وقادم إلى مصر ، فترتجف أوثان مصر من وجهه ، ويذوب قلب مصر داخلها " ( أش 1:19 ) ، وهذا ماحدث عندما دخل المسيح أى مدينة فى مصر وكانت الأوثان تسقط فى المعابد وتنكسر ( انكفأت على الأرض لأنه حل بها كلمة الله المتجسد ، كما انكفأ داجون أمام تابوت العهد ( اصم 3:5 )  فخاف الجميع من هذا الحدث الغير مألوف ، وكانوا يرتعبون من هذه المشاهد .. والمقصود بالسحابة السريعة هى القديسة العذراء مريم .

والنبؤة الثانية : بتقول " فى ذلك اليوم فى أرض مصر خمس مدن تتكلم بلغة كنعان وتحلف لرب الجنود " ،  " فى ذلك اليوم يكون مذبح للرب فى وسط أرض مصر وعمود للرب عند تخمها فيكون علامة وشهادة لرب الجنود فى أرض مصر  " ( أش18:19-20). وتفسير الخمس مدن هنا : هى مدينة الشمس " عين شمس " و مدينة تحفنحيس " تل الدفنة " ومدينة بابليون " مصر القديمة " ومدينة سين " أسوان " ومدينة تل اليهودية بسيناء وهؤلاء المدن تتحث بلغة كنعان حسب النبؤات الإلهية..
ومذبح الرب فى وسط أرض مصر المقصود به صخرة الإيمان المسيحى التى قامت على أنقاض الوثنية وهو الحجر الذى  ينام عليه الطفل يسوع المسيح ويقع فى دير المحرق فى أسيوط فى جبل قسقام بالقوصية فقد صار مذبحاً للرب وعليه بنيت كنيسة بأسم السيدة العذراء مريم فى عهد القديسة هيلانة والدة الملك قسطنين فى القرن الرابع الميلادى .. ويقع هذا المذبح جغرافياً من جميع الأتجاهات الأربعة تجد أنه فى وسط أرض مصر   .. ومصر لها تاريخ كبير بالمقاصد السياحية والأماكن المقدسة التى زارتها العائلة المقدسة .. والعمود عند تخمها المقصود به كاروز الديار المصرية  مارمرقس الرسولى.

والنبؤة الثالثة فى سفر أشعياء تقول : " فيعرف الرب فى مصر ويعرف المصريون الرب ويقدمون ذبيحة وتقدمة ".(21:19).

والنبؤة الرابعة فى سفر هوشع النبى (1:11) وتقول " من مصر دعوت ابنى " ويذكر أسم مصر العظيم فى الكتاب المقدس 698 مرة (670 مرة فى العهد الجديد و28مرة فى العهد القديم ).

وبحسب الباحثون نعتقد أن العائلة المقدسة أنفقت مصاريف الرحلة من الكنوز التى قدمت للطفل يسوع المسيح عند ولادته من المجوس الثلاث من الذهب ومن أموال يوسف النجار الخاصة به .. أستغرقت العائلة المقدسة أيام طويلة حوالى 119 يوماً تقريباً أى نحو أربعة أشهر من المغادرة من أورشليم حتى وصولهم إلى فيبستة أو تل بسطة وكانت شاقة جداً بالسير على الأقدام ومرات بالركبوه ( حمار ) ومرات بالمراكب النيلية، فقد اجتازت العائلة المقدسة برارى وودياناً وجبال وصحارى وعرة وبرد وحر وأمطار ، وتقابلت مع وحوش وحيوانات مفترسة وشوق الأرض وجبال ومرتفعات ، وتقابلت مع عصابات طرق حتى وصلوا إلى مصر ، وقطعت الرحلة مسافة 3500 كم تقريباً  مروراً من منطقة التحرك من رفح إلى منطقة بسطليون المعروفة حالياً بالشيخ زويد بشمال سيناء ومنها للعريش ثم الفرما ثم نزلت على أخر فرع فى النيل ثم إلى تل بسطا " أرض حاسان " ومنها إلى منية سمنود وبلقاس وسط الدلتا ثم إلى سخا ومن هذه المحطة رجعت العائلة إلى مدينة المطرية وعين شمس مروراً بمنطقة الزيتون ثم حارة زويلة ومصر القديمة والأزبكية مروراً بالجيزة ثم سمالوط بجبل الطير وأنصنا والأشمونين والقوصية ومير والدير المحرق ثم الى درنكة أسيوط ثم عادت العائلة المقدسة إلى مدينة الناصرة بفلسطين بعد بشارة الملاك ليوسف بالعودة .. حيث سلكت العائلة المقدسة فى طريق العودة طريقاً آخر غير طريق وصولهم لمصر مرت العائلة المقدسة فى 31 محطة موزعين بين 5 مناطق جغرافية فى 12 محافظة فى مصر. 

جاء السيد المسيح ليبارك أهل مصر بوجوده بينهم فتتم جميع النبؤات الخاصة بمجىيئه لمصر ، ولكن الهروب كان له سبب  !!  الله  قصد أن يعلم البشرية فضيلة الهروب من وجه الشر .. فقال لا تقابل الشر بالشر بل أغلب الشر بالخير ، ولا تنتقموا لأنفسكم أيها الأحباء ، بل أعطوا مكاناً للغضب لانه مكتوب " لى النقمة أنا أجازى يقول الرب " ( رو19:12 ) ، وكمان قال صلوا لأجل الذين يسيئون اليكم ، وباركوا لأعنيكم ، وأحسنوا لمبيغضيكم ، ولاترد شتيمة بشتيمة بل بالعكس مباركين ، عالمين أنكم لهذا دعيتم لكى ترثوا بركة ( ابط 9:3 )  ولاتقاوموا الشر بالشر ، بل من لطمك على خدك الأيمن فحول له الآخر ( متى 39:5 ) . غير مجازين الخطأ بخطاً آخر  "متقابلش الشر بالشر ،أتعامل مع الناس بالخير اللى فيك ، مهما الخير ده أتقابل بالشر ، حب الكل ، وخاف على الكل ، خليك مصدر فرحة وبهجة لكل اللى حواليك ، " مبارك شعبى مصر".. وكل عام وشعب مصر المبارك بخير وسلام ومحبة.