شئ من الآمل

عبدالقادر شهيب يكتب: يونيو وذكرياته

عبدالقادر شهيب
عبدالقادر شهيب

هاهو شهر يونيو يهل علينا مجددا بما يحمله من ذكريات.. وحتى عشر سنوات مضت كانت كل ذكريات هذا الشهر لنا مؤلمة .. لكن هذا الشهر الآن ومنذ عقد كامل وهو يحمل لنا ذكريات جميلة لأنها ذكريات انتفاضة الملايين من المصريين للتخلص من حكم الإخوان الفاشي، والنجاح فى تحقيق ذلك بعد أن انحاز الجيش للشعب وتبنى مطالبه ووفر له الحماية عندما قرر الخروج إلى الشوارع والميادين فى مواجهة جماعة لها باع طويل وقديم فى ممارسة العنف منذ سنوات النشأة لها. 

أتذكر أننى عندما خرجت من منزلى الكائن خلف الكلية الحربية يوم الثلاثين من يونيو عام 2013 وجدت نفسى ضمن كتلة بشرية ضخمة لا يسمح لى نظرى رؤية أولها أو آخرها.. والجميع، رجالا ونساء، شبابا وأطفالا وشيوخا، يسيرون فى اتجاه  قصر الاتحادية، وأغنية شادية يا حبيبتى يا مصر التى تذيعها المحلات على جانبى الطريق تلهب حماس الناس الذين توحدوا على هتاف واحد هو: (يسقط  يسقط حكم المرشد). 

لقد كنت متأكدا أن دعوة حركة تمرد للخروج إلى الشوارع سوف تلقى استجابة واسعة من عموم الناس بعد أن شاركت قبلها بعدة أيام قليلة مع الصديقة العزيزة أمينة شفيق فى الحديث بندوة نظمها منتدى حوار الثقافات بالهيئة القبطية الإنجيلية فى أسوان ورصدت حماسا بالغا من الحضور الذين كانوا من الأقصر والمنيا وأسيوط بالإضافة إلى أسوان، لتلبية دعوة ٣٠ يونيو.. وعندما استمعت ليلتها لخطاب مرسى الشهير الذى امتد لعدة ساعات صرت على يقين أن الذين سيخرجون يوم ٣٠ يونيو لن يعودوا إلى منازلهم إلا بعد التخلص من حكم الإخوان.. لذلك شرعت على الفور فى إعداد كتابى (الساعات الأخيرة من حكم مرسى).. فقد حنث الإخوان فى هذا الخطاب بكل وعودهم لقيادة الجيش بالاستجابة لمطالب الناس لاحتواء الأزمة السياسية، وبدلا من التهدئة انخرط مرسى فى توجيه التهديد والوعيد للمصريين.. فهم كانوا لا يتصورون وقتها أن تخرج كل هذه الملايين إلى الشوارع والميادين تطالب بالتخلص من حكمهم الفاشى، وكانت كل تصريحات قادتهم تتحدث باستهانة عن دعوة ٣٠ يونيو، وكانوا يقولون إنه يوم سوف يمر ويستمرون فى الحكم والسيطرة على مقاليد الأمور فى البلاد.. ولذلك كان ما حدث صدمةً كبيرة لهم لم يفيقوا بعد منها رغم مرور عقد من الزمان!