صلاح الجمل: تصدر القارئ المُقلد للمشهد لا يليق | حوار

صلاح الجمل
صلاح الجمل

فى بداياته كان الأول على العالم فى مسابقة «يوم القرآن» بمدينة كيب تاون، ثم كانت شهرته كبيرة بسبب تمكنه فى الأداء من ناحية ولطريقته الفريدة فى القراءة والابتهالات الدينية من ناحية أخرى فى دعاء الأنبياء، حتى إنه تم ترشيحه لجائزة الأسطوانة البلاتينية.. إنه القارئ صلاح الجمل، أحد القراء الذين كرّمتهم وزارة الأوقاف مؤخرًا لجهدهم الكبير فى إحياء ليالى شهر رمضان، والذى نال شرف تسجيل القرآن الكريم فى الحرمين المكي والمدني.. وكان هذا الحوار:

■ كيف استقبلت تكريمك الأخير من وزير الأوقاف؟
- كان تكريمي من أكبر رأس فى المجال الدعوى شرفًا كبيرًا لى ونعمة من الله؛ وهذا مؤشر أننا نعيش عصر تنفيذ أحلام كبيرة أصبحنا نراها بأعيننا على يد د. محمد مختار جمعة، هذا الرجل الذى لا يدخر جهدًا لإعلاء شأن الدين وخدمة مساجد وقراء مصر؛ وأكبر دليل على ذلك ما رأيناه فى مساجدنا طوال شهر رمضان؛ حتى إن المساجد الكبرى، بل وفى المحافظات، كانت ممتلئة بالمصلين ، حتى فى صلاة التهجد، وليس فقط فى العشاء والتراويح، وهذا هو الزاد الذى نتقوّى به كل عام.
دور تثقيفى

■ هل ترى أن المساجد قد عادت إلى دورها التثقيفى مؤخرا؟
- ربما يكون أبلغ رد ما سمعته من أحد المصلين، حين قال: «إن الله أحيا الدين فى مصر بوزير الأوقاف»، نظرًا لجهده الكبير فى إعادة المساجد إلى كامل دورها التثقيفى والدعوى والريادي، وكأن المسجد عاد إلى عصور الحضارة الإسلامية حين كان مركزًا كاملًا للدعوة.

■ ما رأيك فى نشاط المقارئ فى المساجد الكبرى خلال الفترة الأخيرة؟
- هذه إحدى الدرر فى مساجدنا، ويكفى أن ذلك يتم بخطط مدروسة ونظام دقيق للقراء والمبتهلين؛ فالمقارئ موجودة منذ زمان، ولكن هذا التكامل الذى نراه لم يحدث من قبل؛ وأرجو أن يتم تعميم المقارئ فى جميع قرى ونجوع مصر؛ وأثق أن وزير الأوقاف سينفذ هذه الأفكار؛ كما أرجو أن يتم اختيار أفضل المقرئين للتدريس فى هذه المقارئ، مع إعادة الكتاتيب مرة أخرى، لأنها هى التى كانت تغذى المقارئ بالطلاب الممتازين وليس العكس.

 اقرأ أيضًا | «تطور الشخصية المعمارية» محاضرة في مكتبة الاسكندرية .. الخميس

■ ولكن ألا ترى أن هذا يحتاج إلى دعم مادى كبير فى الوقت الذى يشتكى فيه مشايخ المقارئ من قلة المكافآت؟
- أعتقد أن المقارئ يجب أن يكون العمل بها لوجه الله لمن يملك القدرة على ذلك من القراء الكبار؛ أما إذا كانت المقرأة هى العمل الوحيد للشيخ ومصدر رزقه الذى يقتات منه فعلى الوزارة أن تقدم له مكافآت تليق به وتكفيه عن سؤال الناس؛ وكذلك فى الكتاتيب التى يجب أن تشرف عليها الوزارة.

■ هل تعتقد أن دولة التلاوة المصرية بخير؟
- لا شك أن مصر دولة عظيمة فى التلاوة، ولا شك أن لدينا أملا كبيرًا فى المستقبل، ورغم هذا فعلينا ألا نحاول تجميل الوضع، فالسوشيال ميديا تمتلئ بكثير من القراء من الدول الأخرى بعدما تأخرنا الفترة الماضية؛ والسبب أن متصدرى الساحة الآن كلهم «مقلدون»، وهذه آفتنا الرئيسية، فالمقلد «حرامي» سطا على مجهود قارئ آخر، قد نسمح بأن يقرأ «المقلد» بالحارة أو الشارع، ولكن ليس على المنصات الرئيسية، فهذا لا يليق بمصر.

■ ولكن عدم التقليد شرط أساسى بالفعل فى دخول الإذاعة؟
- نعم، ولكن هل يتم تنفيذ هذا الشرط! فلدينا عشرات يُقلدون الشيخ مصطفى إسماعيل، وعشرات يُقلدون الشيخ عبد الباسط، وغيرهما؛ فهؤلاء المقلدون يجب ألا يتصدروا المشهد، وأنا هنا أهاجم الفكرة وليس شخصًا؛ لأن المقلد مستحيل أن يتطابق مع الذى يُقلده، فكل قارئ له شكل ولون.

■ لماذا لا نجد نماذج من القراء مشابهة لكبار القراء القدماء؟
- بل لدينا عشرات مثل الخمسة الكبار، بل إننى أعد الشيخ الطبلاوي معهم وأرى أن نزيح اثنين من الخمسة ونجعله الثالث؛ ولدينا الشيخ شعبان الصياد، وهذا قارئ مُبهر، وآية واحدة منه شغلت العالم كله: «أفلا يتدبرون القرآن ولو كان من عند غير الله لوجدوا فيه اختلافا كثيرا»، والرجل لديه كنوز، ولكننا ندور فى فلك الخمسة الكبار، جزاهم الله خيرًا، لكن مصر مليئة بغيرهم من المميزين فى الأجيال القديمة، أما الأجيال الحديثة فلا أرى أحدًا!

■ هل ترى أن نقابة القراء تقوم بدورها كاملا؟
- أنا طبيب وقارئ هاو، ولا أعرف كثيرا من أمور نقابة القراء؛ خاصة أن هناك أشياء كثيرة لا تقوم بها، مع وجود قراء فقراء بمعاش زهيد ويحتاجون إلى الدعم؛ ولذا أرى أننا مساكين، ونقابة بلا نقابة، فأين هو مكاننا الثابت الدائم الذى يليق بنا رغم أننا نقابة مهنية منذ الرئيس السادات، إننا نؤجر كل فترة مكانا جديدا؛ ولذلك أقترح من خلال «الأخبار» أن يتبرع كبار القراء بعشرة أو عشرين ألف جنيه مع دعم الوزارة لتوفير مكان دائم ولائق بقراء مصر، وأثق أن معالى وزير الأوقاف لن يتأخر عن تنفيذ هذا الاقتراح.

■ وبكم ستتبرع أنت؟
- أتعهد من خلال «الأخبار» أن أسهم بعشرين، بل ثلاثين ألف جنيه لنقابة القراء؛ ولكن بشرط أن يدفع جميع القراء الكبار، وأن تشرف على هذا الأمر وزارة الأوقاف، مع فضيلة الشيخ حشاد، نقيب القراء، وهو رجل يُحبه الجميع ويحترمونه.

■ هناك من يعتقد أن أسعار حفلات بعض القراء مبالغ فيها.. ما رأيك؟
- بل إنها غير مبالغ فيها أبدًا، لأننا فى مجتمع وينبغى أن يحصل القارئ على أعلى أجر، ولذلك مئة ألف جنيه غير كثيرة على القارئ فى الحفلة الواحدة؛ وأقترح أن تقوم الوزارة بتنظيم هذا الأمر وتتولى هى مسئولية التنسيق بين الجمهور والقراء بحيث نحصل على أموالنا من الوزارة وليس من الناس، وبحيث تتولى هى معاقبتهم عند أى خروج على آداب أو أحكام التلاوة.

■ من القراء الأقرب إليك وتحب الاستماع إليهم باستمرار؟
- الشيخ محمد رفعت، وراغب مصطفى غلوش، وشعبان الصياد، وأحيانا أبو العينين شعيشع؛ ومع هذا لا أحب أن أقلد واحدًا منهم، بل إذا تشابهت «القفلة» مع أحدهم أغيّرها فى الجلسة نفسها.

■ هناك من يقول إنك مبتهل أكثر منك قارئ.. ما ردك؟
- أنا مجاز فى الإذاعة بصفتى قارئًا؛ وعندما أخذت الفرصة فى الدعاء فتح الله عليّ، وكثيرون لا يعلمون أن الشيخ محمد رفعت كان مبتهلًا من الطراز الأول، وغيره كثيرون؛ فهذا ليس عيبًا.

■ هل توافق على تحول المطربين إلى قراء؟
- هذا تهريج؛ لأنه إذا كانت أصواتهم جيدة فإن أحكامهم سيئة؛ وقد نقبل بهذا فى المنزل ولكننا لا نقبله إذا خرج على الناس وفى وسائل التواصل؛ لأنه ينبغى ألا يتصدى للقراءة إلا المتقن حتى من أهل القرآن أنفسهم.