فيض الخاطر

حمدي رزق يكتب: كتاب الكُرَماءُ..

حمدي رزق
حمدي رزق

تحتفظ المكتبة العربية بكتاب عظيم، « كتاب البُخلاء »، دوّن فيه أبو عثمان عمرو بن بحر « الجاحظ « بعض صور البُخل فى الذين قابلهم وتعرف عليهم فى بيئته الخاصة خصوصًا فى بلدة « مرو» عاصمة « خراسان » .

صور « الجاحظ » البخلاء تصويراً واقعياً حسياً نفسياً فكاهياً، وثق فيه حركاتهم ونظراتهم القلقة أو المطمئنة ونزواتهم النفسية، وفضح أسرارهم وخفايا منازلهم، وأطلع القراء على مختلف أحاديثهم، وكشف عن نفسياتهم وأحوالهم جميعاً.

بخلت المكتبة العربية بكتاب عن «الكُرَماءُ» فى شهرة كتاب الجاحظ، ويستحقون كتابا يوثق آيات الكرم، والكَرَمُ بمعنى الجُود، السَّخَاء، ومنها كَرَمُ الأَخْلاَقِ، نُبْلُهُ، سُمُوُّ النَّفْسِ، وكُرَماءُ جمع كَريم، ورَجُلٌ كَرَمٌ بمعنى كريم، وأَرضٌ كَرَمٌ أَرضٌ طيِّبةٌ .

ومن أقوال الشاعر والكاتب المسرحي الانجليزي الشهير «وليم شكسبير» : « زينة الغنى الكرم وزينة الفقير القناعة وزينة المرأة العفة » .

الروائى الشهير «ماريو بارجاس يوسا» يصك تعبيرا راقيا «الكرم هو أن تعطى أكثر من استطاعتك، وعزة النفس هو أن تأخذ أقل مما تحتاج» .

فى حياتى لمست كرما من كرماء مقدرين، ولولا تواضعهم لذكرت آيات من كرمهم، لا يعرف الفضل لأهل الفضل إلا ذوو فضل، وبعد فضل الكريم الحنان المنان سبحانه وتعالي، كان فضلهم سابغا، وكرمهم حقيقيا، و الكرم الحقيقى هو أن تقوم بشيء لطيف لشخص لن يكتشف ذلك أبداً .

معلوم من يزرع المعروف يحصد الشكر، كتاب الكُرَماءُ يكتبه الشاكرون، يعجب المصطفى صلى الله عليه وسلم : « عَجَبًا لأَمْرِ المُؤْمِنِ، إنَّ أمْرَهُ كُلَّهُ خَيْرٌ، وليسَ ذاكَ لأَحَدٍ إلَّا لِلْمُؤْمِنِ، إنْ أصابَتْهُ سَرَّاءُ شَكَرَ، فَكانَ خَيْرًا له، وإنْ أصابَتْهُ ضَرَّاءُ، صَبَرَ فَكانَ خَيْرًا له».

والإمام على بن أبى طالب يقول  «إن النعمة موصولة بالشكر، والشكر متعلق بالمزيد ولن ينقطـع المزيد من الله حتى ينقطع الشكر من العبد».

والمثل العربى يقول «اشكر من أنعم عليك، وأنعم على من شكرك»، وبالشكر تدوم النعم.

وفى سياق الكرم «أجود الناس من جاد عن قلة وصان وجه السائل عن المذلة».. كونوا كرماء فى زمن العسرة يكرمكم الله.