الطبيب المترجم قناص الجوائز: أعدت اكتشاف رواية «ديكنز» الفريدة

محمد سالم
محمد سالم

فى الأسبوع الماضى أعلن المركز القومى للترجمة أسماء الفائزين بجوائزه التى ضمت عددًا كبيرًا من المتميزين فى فروع الترجمة المختلفة، ومن بينها جائزة جابر عصفور للترجمة الأدبية والتى حصدها المترجم محمد سالم عبادة عن ترجمة رواية «بارنابى ردج» للأديب الإنجليزى الأشهر «تشارلز ديكنز»، ويبدو الأمر كأنه إعادة ترجمة لعمل كلاسيكى كما هو مُعتاد، لأن أعمال «ديكنز» هى الأكثر ترجمة إلى العربية فى الأدب الإنجليزي.

ويعلق سالم فى حوارنا معه على ذلك قائلًا: صحيحٌ أنه قد يكون أوسعَ أدباء الإنـجليزية مقروئيّةً فى العالَم العربي، وأنا شخصيًّا لم أكد أصدّق نفسى حين أسفرَ بحثى عن أنّ (بارنابى رَدج) لم تُترجم إلى العربية من قبل! وعلى كلّ حالٍ فقد اخترتُ هذه الروايةَ لفرادتِها فى تاريخ الرواية الإنجـليزية، من حيث إنها إحدى روايتين فحَسبُ تتناولان ما يسمَّى بأحداث شغب «جوردن» التى وقعَت عام 1780 من بعض الغوغاء فى «لندن، والتى استهدفَت الأقلّيّةَ «الكاثوليكية» بعُنفٍ.

اقرأ ايضاً| علاء زريفة: تحررت من فكرة الأدب كرسالة

وربما لم تشهد العاصمة البريطانية مثيلًا له منذ وضعَت الحربُ الأهلية أوزارَها فى منتصف القرن السابع عشر، هذا بجانب أنّها إحدى روايتين فحَسب لدِكِنز تنتميان إلى تصنيف الرواية التاريخية، والأخرى الأشهَر بين قُرّاء العربية هى «قصة مدينتَين» بالطبع، ولديَّ مشروعٌ لترجمة روايةٍ أخرى لدِكِنز لم تُترجَم إلى العربية من قبل، وهى الأخرى فريدةٌ وسط مُنجزِه الروائيّ، إذ تَعكس فى بعض تفاصيلِها مرحلةً من حياتِه لا نجِد صداها إلا فى هذه الرواية، لكنى أؤثر ألّا أكشِف عن اسمِها الآن.

«سالم» شاعر وقاص وروائى غزير الإنتاج، وحصل على كثير من الجوائز المُعتبرة فى الأدب، احتفل الأسبوع الماضى بصدور ديوانه الأخير «آخر سحابة صيف»، ورغم أن منجزه فى الترجمة لا يتعدى أربعة كتب، إلى أنه سبق ورشحت ترجمته لكتاب «هرمس العربي»: من حكيمٍ وثنيٍّ إلى نبيِّ العِلم» فى قائمة جوائز الشيخ زايد، ويتحدث عن هذا الكتاب قائلا: هو رحلة استكشافية ثريّة على تخوم عِلم الأساطير المقارن والدراسات الثقافية، ويتتبّع الجذور التاريخية لذلك التصوُّر المستقرّ فى شطرٍ كبيرٍ من تراث الكِتابات الحِكميّة، والسِّحرية العربية عن وحدة هويّة «هرمس» والنبى «إدريس»، وخلال ذلك يَعرِض شواهدَ أسطورة «هرمس» فى تراث إيران الساسانية، وعند صابئة حرّان الذين يحاولُ الباحثُ المخلص «كِـﭭِـن ﭬـان بلِادِل» أن يستكشِفَ لُغزَ وجودِهم، وعقيدتَهم فى فصلٍ كامل.

يمارس «سالم» مهنة الطب مما يجعله قريبًا من المجال العلمى الذى تحتاج المكتبة العربية إلى ترجمة المزيد من إنتاجه، فهل فكر فى ذلك؟ يجيب: فكّرتُ بالطبع، وكان هناك عنوانٌ محدَّدٌ اقترحتُه على المكتب الفنّى فى المركز القومى للترجمة، غيرَ أنّ ذلك صادفَ وقتَ حدوث بعض التغيُّرات فى إدارة المركز، وبقيَ الكتابُ مشروعًا مؤجَّلًا فى خيالي، وهو كتابٌ ينطوى على حِوارٍ متوتّرٍ لا يخلو من استفزازٍ بين العُلوم الطبيعية والمشتغلِين بها، والعُلوم الإنسانية وأربابها، وأرجو أن أُوفَّقَ إلى ترجمتِه إن لم يكُن هناك مَن سبقَنى إليه.