الشرطة تنجح في إنقاذ 22 شابًا من أيدى عصابة للإتجار بالبشر

الهجرة غير الشرعية
الهجرة غير الشرعية

منى ربيع 

  حلم السفر والهجرة خارج البلاد يراود الكثير من الشباب، ظنًا منهم أن السفر هو مصباح علاء الدين الذي سيحقق أحلامهم في مدة زمنية قصيرة ونظرًا لارتفاع تكاليف السفر للخارج وصعوبة الإجراءات والشروط داخل القنوات الشرعية يقعون فريسة سهلة لتجار البشر الذين يستغلون حلمهم لمجرد الحصول منهم على أموالهم ومدخراتهم يلقون بهم في طريق المجهول غير عابئين بالأضرار والمخاطر التي تنتظر هؤلاء الشباب، والنتيجة هي عملية نصب بعدما يكتشف الشباب انه من المستحيل أن تتم هذه الرحلة المحفوفة بالمخاطر.

هذا ما حدث في تلك القضية التى نظرتها محكمة جنايات القاهرة وأصدرت حكمها فيها بالسجن المشدد  لتجار البشر والذين قرروا جمع أموال طائلة من الشباب، واحتجزوهم في مكان غير آدمي تمهيدًا لتسفيرهم في مراكب غير مجهزة وإلقائهم في عرض البحر، الجريمة كشفها رجال مكافحة الهجرة غير الشرعية وتم القبض على مرتكبيها وإنقاذ 22 شابًا منهم اطفال لم تتجاوز اعمارهم الـ 18 عاما، تم احتجازهم في حجرة صغيرة تستوعبهم بالكاد، تفاصيل القضية وشهادات الناجين والقبض على المتهمين ترويها السطور التالية.

شهور طويلة وحلم السفر والهجرة يداعب مجموعة من الشباب بإحدى محافظات الصعيد وتحديدًا اسيوط؛ قرروا ترك أسرهم ومحافظتهم لتحقيق حلم زائف كل منهم يحاول جمع مبالغ مالية لإعطائها لتجار البشر والذين أوهموهم بقدرتهم على تحقيق حلمهم، لم يعبأوا بظروف أسرهم وطلبوا منهم مساعدتهم في تحقيق ذلك الحلم فمنهم من باع أرضه ومنهم من اقترض الأموال ومنهم من جعل والدته تبيع له مصوغاتها مقابل تحقيق الحلم، لكن في النهاية كان هناك مجموعة من الشباب وقعوا فريسة سهلة لأحد تجار البشر، ويدعى طلعت. ع الشهير بـ «بلوظة» والذي كون عصابة إجرامية لتهريب المهاجرين مكونة من خمسة افراد آخرين من ضمنهم شقيقه «كامل»، أوهموا الشباب بقدرتهم على تسفيرهم إلى ايطاليا عن طريق البحر وذلك مقابل مبلغ مالى يدفعونه 50 ألف جنيه، وبالفعل بدأ بلوظة هو وشركاؤه من العاطلين من تجار البشر في استنزاف اموال الشباب بإحدى قرى محافظة أسيوط وذاع صيتهم بقدرتهم على تسفير الشباب، وفي سبيل ذلك الخداع اخذوا يجمعون المال ويرسمون لهم طريق السفر إلى ايطاليا والمفروش بالأشواك والمخاطر ويوهمونهم بقدرتهم على تذليلها وان عليهم تحملها حتى يستطيعوا تحقيق حلمهم، وهي في النهاية كانت عملية نصب محكمة!

وداع

وفي غضون عدة اشهراستطاعوا أن يجمعوا 22 شابًا، وكانت الخطة التى اتفقوا عليها وهي تسفيرهم من محافظتهم إلى القاهرة ليمكثون بها بضعة ايام ومنها إلى الاسكندرية ومنها الى ايطاليا، وبالفعل ودع هؤلاء الشباب أسرهم ليغادرون محافظتهم إلى القاهرة وكانت المفاجأة الصادمة لهم هي تجميعهم في حجرة صغيرة بالنزهة.

شقة عبارة عن حجرة وصالة وحمام صغير جميعهم ينامون فيها متجاورين على الأرض، بصحبة احد الاشخاص يتحركون فيها بالكاد، مغلقة عليهم من الخارج لايستطيعون الخروج منها، لا يستطيعون التواصل مع أسرهم حتى يقوم افراد العصابة بتسفيرهم ونقلهم منها إلى الاسكندرية، ايام ثقيلة قضاها 22 شابًا داخل ذلك السجن لديهم محظورات ومن يخالفها يعرض نفسه للطرد وخسارة أمواله.

القبض عليهم

لكن ذلك الحال لم يستمر كثيرًا لان عيون رجال الامن في إدارة مكافحة الإتجار بالبشر كان ترصد تحركات رئيس العصابة «بلوظة» وشركائه ليتم إحباط مخططهم الإجرامى وإنقاذ 22 شابًا قبل أن يبتلعهم البحر؛ ليتم مداهمة الوكر الذين احتجزوا الشباب فيه، والقبض عليهم وتحرير محضر بالواقعة وإحالتهم للنيابة العامة والتى قررت حبسهم وإحالتهم لمحكمة جنايات القاهرة بتهمة الإتجار بالبشر.

واتهمت النيابة العامة  في القضية رقم 993 جنايات النزهة والمقيدة برقم 890كلى شرق القاهرة كل من  طلعت. ع والشهير بـ «بلوظة» وشقيقه كامل. ع عاطلين وكل من علاء.غ «سائق» وعادل. م بالمعاش، وخالد. م عامل، وحنفى. م صاحب مكتب مقاولات؛ بأنهم وآخرين أسسوا جماعة إجرامية منظمة لأغراض تهريب المهاجرين؛ حيث شرعوا في تهريب 22شابًا من بينهم اطفال مقابل مبالغ مالية تتراوح ما بين 50 و70 ألف جنيه وذلك إلى دولة ايطاليا، وكان من شأن ذلك تهديد حياتهم وتعريض صحتهم للخطر؛ بأن قاموا بإيوائهم بمسكن غير مؤهل لاستيعاب عددهم تمهيدًا لتهريبهم بواسطة مراكب معدة للصيد وكان ذلك بواسطة الجماعة الإجرامية المنظمة محل الاتهام إلا أنه قد خاب أثر جريمتهم لسبب لا دخل لإرادتهم فيه وهو ضبط المتهم الاول والثانى، وبهذا يكون المتهمون قد ارتكبوا الجناية المؤثمة بالمواد رقم 1 و2و5 و6 و7 من القانون رقم 82 لسنة 2016 بشأن مكافحة الهجرة غير الشرعية وتهريب المهاجرين والمادتين 2 و116 مكرر من القانون رقم 12 لسنة 1996 بشأن الطفل المعدل بالقانون رقم 126 لسنة 2008.

ادلة الثبوت  والتى شملتها أوراق التحقيقات جاء بها العديد من التفاصيل اهمها ورود6 من المجنى عليهم تتراوح اعمارهم مابين 15 و17 عاما أي فى نظر القانون هم مجرد اطفال من ضمن المجنى عليهم والذين أدلوا بشهادتهم امام جهات التحقيق.

حيث اكد عادل .ج  ويبلغ  من العمر 20 عامًا يعمل عامل سوبر ماركت؛ أن فكرة السفر تراوده منذ فترة واستطاع إقناع اسرته بها وانه سمع عن المتهمين من احد اصدقائه، واستطاع جمع المال بمساعدة والديه واعطى المتهم جزءًا من المبلغ على أن يعطيه المتبقى منه في وقت لاحق عندما يصلون إلى الإسكندرية وتحرك مع المتهم هو ومجموعة من الشباب من اسيوط إلى القاهرة، وهناك تم ايوائهم في شقة غير آدمية بالنزهة لمدة ثلاثة ايام، الشقة مغلقة عليهم من الخارج وكأنها سجن لا يستطيعون الخروج منها وأحد المتهمين يرافقهم فيها واخبرهم المتهمون انهم سيمكثون فيها عدة ايام حتى يتم تسفيرهم إلى الاسكندرية ومنها الى ايطاليا عبر مراكب الصيد.

لم تختلف شهادة  باقي المهاجرين عن شهادة المجني عليه عادل؛ فجميعهم يريد السفر فمنهم من باع ارضه ومنهم من باع مصوغات والدته،علاوة على أن اعمارهم لا تتعدى الـ 26 عاما، لكن المثير في الامر وجود 6 اطفال اعمارهم مابين 15 و17 عاما؛ حيث استغل المتهمون صغر سنهم واوهموهم بقدرتهم على تسفيرهم وإلحاقهم بعمل هناك يدر عليهم أموالا وفيرة ليصدق ذلك اسرهم ويوفرون لهم المال اللازم للسفر فهم يعملون في محافظتهم وبالتالى العمل في الخارج افضل لهم على حد قولهم حيث يقومون بالانفاق على انفسهم.

واضاف المجنى عليهم؛انهم شعروا بالخوف اثناء احتجازهم بالقاهرة حتى تم تحريرهم من المكان المحتجزين فيه على ايدى رجال مكافحة الهجرة غير الشرعية لكن لم يكن لديهم خيار اخر للرجوع.

الشهود

ويقول عقيد شرطة ومفتش بإدارة الهجرة غير الشرعية والإتجار بالبشر: ان تحرياته توصلت الى قيام المتهمين بتأسيس جماعة إجرامية منظمة يتزعمها المتهم الاول وشقيقه لأغراض تهريب المهاجرين بحرًا عن طريق مراكب معدة للصيد وتعرض حياتهم للخطر، وتمكن المتهم الاول وبصحبته المهاجرين سابقيه بمحل ايوائهم تمهيدًا للسفر الى محافظة الاسكندرية وتهريبهم إلى دولة ايطاليا وبمواجهته اقر له بارتكاب الواقعة، وضبط بحوزته مبلغ مالى من متحصلات نشاطه الإجرامى وهاتف جوال يستخدمه في التواصل مع باقي أفراد الجماعة الإجرامية  وضحاياه.

واضاف واحد من الشهود  وهو مالك العقار؛ ان المتهم الخامس استأجر الشقة منه ولا يعلم بنشاط المتهمين الإجرامى.

كما ثبت في التحقيقات من استعلام مصلحة الاحوال المدنية وصور تحقيق الشخصية للشهود المرفقة بالتحقيقات، أن الشهود الرابع والسادس والرابع عشر والخامس عشر والتاسع عشر والحادى والعشرون اطفال لم يبلغوا سن الثامنة عشر عامًا.

وانتهت النيابة بإحالة المتهمين الاول والثانى محبوسين إلى محكمة جنايات القاهرة دائرة الإتجار بالبشر برئاسة المستشار محمد الجندى، وعضوية كل من المستشارين ايمن عبد الخالق، ومحمد احمد صبري يوسف، والتى أصدرت حكمها بسجنهم خمس سنوات وتغريمهم 200 ألف جنيه.

نقلا من عدد أخبار الحوادث بتاريخ 27/4/2023

اقرأ أيضًا : وزير داخلية النمسا: اعتقال 60 مهربا للبشر بالتنسيق مع الشرطة المجرية