حبر على ورق

الدولة المصرية

نوال مصطفى
نوال مصطفى

رغم أننا كنا فى نهاية شهر رمضان الكريم، الذى انتهت أيامه ولياليه، على وقع الأخبار والمشاهد لما يحدث فى دولة السودان الشقيق، وجاء العيد بأفراحه كانت الأحزان تدق بوابة الجارة الجنوبية، فبعد انفراجات عربية على أصعدة أخرى فى سوريا واليمن، تأتى السودان لتضيف إلى ضحايا خطة «كوندليزا رايس» المشؤومة فى الفوضى الخلاقة، سطراً جديداً كنا ننتظره فى مشروع الشرق الأوسط الجديد، الذى تقف له مصر الحضارة والتاريخ والجغرافيا والشعب والجيش والدولة بقيادة الرئيس عبدالفتاح السيسى بالمرصاد.

تابعت منذ اليوم الأول للأزمة كيف تدير الدولة المصرية مقدراتها باحترافية فى مشهد وواقع معقد وصعب، إدارة تشعر معها بالفخر، فنحن الدولة الثابتة صاحبة المبادئ والهادئة فى ردود الأفعال، القادرة على الحسم والرد المناسب فى التوقيت الذى تريد، فمصر لا تتعامل إلا مع الدول ومؤسساتها الرسمية، نحن الشعب الذى علم الجميع هتاف النجاح والوصفة السحرية لأى أمة تريد النجاة أمام أى اضطرابات أو قلق «شعب واحد.. جيش واحد». وجاءت كلمة السفير أسامة عبدالخالق مندوب مصر الدائم لدى الأمم المتحدة، وتوضيح موقف القاهرة الرافض تماماً لأى تدخل خارجى فى الشأن السوادني، وتأكيده على رؤية مصر لضرورة وقف إطلاق النار الفوري، فى الوقت الذى تمد فيه مصر يدها وتؤكد استعدادها فى التدخل لتقديم الدعم لحل الأزمة.

أما الملحمة الرائعة فى عودة المصريين من السودان؛ والتى أرى إنها رسالة لكل مصرى ومصرية أن وطنهم لن يترك ابنا لها أبدًا، بل تفتح ذراعيها لكل محتاج من أى مكان، للمساعدة والعون، وهو ما يحدث منذ أيام فى معبر «أرقين» الحدودى بين مصر والسودان، ومشهد استقبال المسؤولين للمواطنين المصريين، العائدين من السودان بالورود والأعلام، وسط فرحة الوفود العائدة من السودان، فى ظل الاشتباكات الجارية فى السودان، بين الجيش السودانى وميليشيا الدعم السريع.

ونسقت كل من اليونان وإيطاليا مع مصر لإجلاء رعاياهما من السودان، إذ أعلن وزير الخارجية اليوناني، أن بلاده تُنسق مع مصر لإجلاء المواطنين اليونانيين والقبارصة من السودان. وهو أيضاً ما أكده وزير الخارجية الإيطالي، فى تغريدة عبر صفحته الرسمية بموقع «تويتر»، إن إجلاء مواطنى بلاده جرى بالتنسيق مع السفارة الإيطالية فى القاهرة.

كل هذا يأتى تزامنا مع الاحتفال بعيد تحرير سيناء، الذكرى الـ41 لاستعادة أرض الفيروز كاملة مكتملة، ففى 25 أبريل من كل عام، تحتفل مصر بذكرى تحرير سيناء، بعد انتصار عسكرى فى أكتوبر عام 1973، تلاه معاهدة السلام فى مارس عام 1979، ثم معركة دبلوماسية وقانونية صعبة، لتكتمل هذه الجهود بانسحاب إسرائيل ورفع العلم المصرى على سيناء فى 25 إبريل 1982.وتستكمل مصر العبور السنوات الأخيرة بمشروعات حقيقية لربط شبه الجزيرة بالوادي، وأن تكون حاضنة ومستقبلة للمصريين، بالتنمية العمرانية والصناعية، لا طاردة وخاوية من السكان. واستعادة سيناء وتنميتها هو مثال حى لفعالية الدولة، بين القوة العسكرية والدبلوماسية والتنمية الشاملة.