إيهاب فتحي يكتب: عملية بلا أسرار

إيهاب فتحي
إيهاب فتحي

 وسط‭ ‬هذا‭ ‬الكم‭ ‬من‭ ‬الأحداث‭ ‬التى‭ ‬تجتاح‭ ‬العالم‭ ‬غير‭ ‬الجيدة‭ ‬فى‭ ‬أغلبها‭ ‬ينتج‭ ‬عنها‭ ‬آلاف‭ ‬الأخبار‭ ‬والتقارير‭ ‬تغطى‭ ‬العديد‭ ‬من‭ ‬الصراعات‭ ‬والحروب‭ ‬والمنافسة‭ ‬الاقتصادية‭ ‬وترتفع‭ ‬معدلات‭ ‬هذا‭ ‬الإنتاج‭ ‬الإخبارى‭ ‬فى‭ ‬ظل‭ ‬حرب‭ ‬باردة‭ ‬فى‭ ‬أى‭ ‬لحظة‭ ‬قد‭ ‬تشتعل‭ ‬بين‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬من‭ ‬جهة‭ ‬والصين‭ ‬وروسيا‭ ‬من‭ ‬جهة‭ ‬أخرى‭ ‬لأجل‭ ‬غرض‭ ‬وحيد‭ ‬وهو‭ ‬من‭ ‬يفرض‭ ‬كلمته‭ ‬على‭ ‬هذا‭ ‬الكوكب‭ ‬وشعوبه‭ ‬التى‭ ‬تدفع‭ ‬من‭ ‬استقرارها‭ ‬ثمن‭ ‬هذا‭ ‬الصراع‭ ‬الامبراطورى‭ ‬الشرس‭ .‬

بالتأكيد‭ ‬لا‭ ‬تحتاج‭ ‬وسائل‭ ‬الإعلام‭ ‬بكافة‭ ‬نوعياتها‭ ‬جهدا‭ ‬كبيرا‭ ‬في‭    ‬الحصول‭ ‬على‭ ‬الأخبار‭ ‬فالحاضر‭ ‬الساخن‭ ‬والمشتعل‭ ‬يزودها‭ ‬فى‭ ‬كل‭ ‬ثانية‭ ‬بخبر‭ ‬عاجل‭ ‬وهام‭. ‬

أيضا‭ ‬السياسيون‭ ‬الذين‭ ‬يقفون‭ ‬بأفعالهم‭ ‬وراء‭ ‬هذه‭ ‬الأخبار‭ ‬فوقتهم‭ ‬مشغول‭ ‬بملاحقة‭ ‬أحداث‭ ‬الحاضر‭ ‬ولايحتاجون‭ ‬عودة‭ ‬الى‭ ‬التاريخ‭ ‬ليظهروا‭ ‬فى‭ ‬الصورة‭ ‬الإعلامية‭ ‬،لذلك‭ ‬عندما‭ ‬تجد‭ ‬على‭ ‬المستوى‭ ‬السياسى‭ ‬أو‭ ‬الإعلامى‭ ‬من‭ ‬يفتح‭ ‬ملفات‭ ‬التاريخ‭ ‬ليصنع‭ ‬خبرا‭ ‬أو‭ ‬تقريرا‭ ‬ولا‭ ‬يكفيه‭ ‬كل‭ ‬مايراه‭ ‬من‭ ‬أحداث‭ ‬مشتعلة‭ ‬فهنا‭ ‬يبدو‭ ‬الأمرغريبا‭ ‬أو‭ ‬أن‭ ‬هناك‭ ‬من‭ ‬يستدعى‭ ‬التاريخ‭ ‬ليزيد‭ ‬الحاضر‭ ‬اشتعالا‭ ‬وقد‭ ‬يكون‭ ‬هذا‭ ‬الاستدعاء‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬إبعاد‭ ‬الأنظار‭ ‬عن‭ ‬مشعلى‭ ‬الحرائق‭ ‬الحقيقيين

كل‭ ‬هذه‭ ‬الفرضيات‭ ‬السابقة‭ ‬تطرح‭ ‬نفسها‭ ‬عند‭ ‬قراءة‭ ‬خبر‭ ‬قادم‭ ‬من‭ ‬برلين‭ ‬قبل‭ ‬أيام‭ ‬عن‭ ‬تشكيل‭ ‬الحكومة‭ ‬الألمانية‭ ‬لجنة‭ ‬دولية‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬التحقيق‭ ‬فى‭ ‬حدث‭ ‬وقع‭ ‬قبل‭ ‬نصف‭ ‬قرن‭ ‬وهى‭ ‬العملية‭ ‬التى‭ ‬نفذها‭ ‬مجموعة‭ ‬من‭ ‬الفلسطينيون‭ ‬تابعون‭ ‬لمنظمة‭ " ‬ايلول‭ ‬الأسود‭" ‬أثناء‭ ‬دورة‭ ‬الألعاب‭ ‬الأولمبية‭ ‬بمدينة‭ ‬ميونخ‭ ‬سبتمبر‭ ‬1972‭ ‬،كان‭ ‬هدف‭ ‬العملية‭ ‬احتجاز‭ ‬رهائن‭ ‬من‭ ‬البعثة‭ ‬الأولمبية‭ ‬الإسرائيلية‭ ‬والمساومة‭ ‬بالرهائن‭ ‬مقابل‭ ‬الإفراج‭ ‬عن‭ ‬236‭ ‬معتقلا‭ ‬فى‭ ‬سجون‭ ‬الاحتلال‭ ‬الإسرائيلى‭ ‬وانتهت‭ ‬العملية‭ ‬بمقتل‭ ‬11‭ ‬إسرائيليا‭ ‬و5‭ ‬فلسطينيين‭ ‬من‭ ‬منفذى‭ ‬العملية‭ ‬وشرطى‭ ‬وطيار‭ ‬مروحية‭ ‬ألمانيين‭. ‬

خلال‭ ‬النصف‭ ‬قرن‭ ‬أو‭ ‬تحديدا‭ ‬51‭ ‬عاما‭ ‬تغيرت‭ ‬بشكل‭ ‬كامل‭ ‬العديد‭ ‬من‭ ‬موازيين‭ ‬القوى‭ ‬فى‭ ‬العالم‭ ‬،وقع‭ ‬الفلسطينيون‭ ‬والإسرائيليون‭ ‬معاهدة‭ ‬أو‭ ‬تسوية‭ ‬أوسلو‭ ‬وظهرت‭ ‬حماس‭ ‬على‭ ‬الساحة‭ ‬ووقع‭ ‬الانقسام‭ ‬الفلسطينى‭ ‬،اختفت‭ ‬قيادات‭ ‬وأغلب‭ ‬التنظيمات‭ ‬الفلسيطينية‭ ‬التى‭ ‬كانت‭ ‬تعمل‭ ‬فى‭ ‬القرن‭ ‬الماضى‭ ‬ضد‭ ‬الاحتلال‭ ‬الإسرائيلى‭ ‬بل‭ ‬اختفى‭ ‬الاتحاد‭ ‬السوفيتى‭ ‬الذى‭ ‬كان‭ ‬فى‭ ‬كثير‭ ‬من‭ ‬الأحيان‭ ‬يرعى‭ ‬العديد‭ ‬من‭ ‬هذه‭ ‬التنظيمات‭ ‬التى‭ ‬تتوافق‭ ‬عقائديا‭ ‬معه‭ ‬،‭ ‬وانتهت‭ ‬لعبة‭ ‬استخدام‭ ‬التنظيمات‭ ‬الفلسطينية‭ ‬فى‭ ‬الحرب‭ ‬بالوكالة‭ ‬بين‭ ‬العرب‭ ‬بعضهم‭ ‬البعض‭ ‬حيث‭ ‬تلاشت‭ ‬الأنظمة‭ ‬العربية‭ ‬التى‭ ‬أدمنت‭ ‬اللعبة‭ ‬ومعها‭ ‬التنظيمات‭ ‬التى‭ ‬حصدت‭ ‬الموت‭ ‬والدولار‭ .‬

أما‭ ‬على‭ ‬مستوى‭ ‬عملية‭ ‬ميونخ‭ ‬نفسها‭ ‬فقد‭ ‬تم‭ ‬الكشف‭ ‬عن‭ ‬أغلب‭ ‬أسرارها‭ ‬وتفاصيلها‭ ‬على‭ ‬مدار‭ ‬50‭ ‬عاما‭ ‬ووصل‭ ‬هذا‭ ‬الكشف‭ ‬الى‭ ‬السينما‭ ‬فقام‭ ‬المخرج‭ ‬الأمريكى‭ ‬الشهير‭ ‬ستيفن‭ ‬سبيلبرج‭ ‬بإخراج‭ ‬فيلم‭ ‬عن‭ ‬العملية‭ ‬فى‭ ‬العام‭ ‬2005وتصفية‭ ‬إسرائيل‭ ‬لمنفذيها‭ ‬أو‭ ‬من‭ ‬خططوا‭ ‬لها‭ ‬،وفى‭ ‬العام‭ ‬الماضى‭ ‬بمناسبة‭ ‬مرور‭ ‬نصف‭ ‬قرن‭ ‬على‭ ‬وقوع‭ ‬هذه‭ ‬الأحداث‭ ‬أحيت‭ ‬ألمانيا‭ ‬ذكرى‭ ‬الأحداث‭ ‬فى‭ ‬حضور‭ ‬عائلات‭ ‬الإسرائيليين‭ ‬الذين‭ ‬قتلوا‭ ‬وترأس‭ ‬الذكرى‭ ‬الرئيس‭ ‬الألمانى‭ ‬فرانك‭ ‬شتاينماير‭ ‬ولم‭ ‬يكتف‭ ‬بحضور‭ ‬الاحتفالية‭ ‬بل‭ ‬طالب‭ ‬شتاينماير‭ ‬أقارب‭ ‬من‭ ‬قتلوا‭ ‬بالصفح‭ ‬‮«‬أناشدكم‭ ‬كرئيس‭ ‬الدولة‭ ‬في‭ ‬هذه‭ ‬البلاد‭ ‬وباسم‭ ‬جمهورية‭ ‬ألمانيا‭ ‬الاتحادية‭ ‬الصفح‭ ‬عن‭ ‬الحماية‭ ‬الناقصة‭ ‬للرياضيين‭ ‬الإسرائيليين‭ ‬آنذاك‭ ‬خلال‭ ‬دورة‭ ‬الألعاب‭ ‬الأولمبية‭ ‬في‭ ‬ميونخ‭ ‬وعلى‭ ‬التقصير‭ ‬في‭ ‬كشف‭ ‬الملابسات‭ ‬بعد‭ ‬ذلك‮»‬‭.‬

لم‭ ‬تكتف‭ ‬ألمانيا‭ ‬بطلب‭ ‬الغفران‭ ‬والصفح‭ ‬فأقارب‭ ‬الضحايا‭ ‬طلبوا‭ ‬قبل‭ ‬الحضور‭ ‬صرف‭ ‬تعويضات‭ ‬لهم‭ ‬حتى‭ ‬يحضروا‭ ‬الاحتفالية‭ ‬ورفضوا‭ ‬مبلغ‭ ‬10‭ ‬ملايين‭ ‬يورو‭ ‬كتعويض‭ ‬وطالبوا‭ ‬بزيادة‭ ‬قيمة‭ ‬التعويض‭ ‬وبالفعل‭ ‬رفعت‭ ‬ألمانيا‭ ‬قيمة‭ ‬التعويض‭ ‬الى‭ ‬30‭ ‬مليون‭ ‬يورو‭ ‬وهنا‭ ‬وافق‭ ‬أقارب‭ ‬القتلى‭ ‬على‭ ‬الحضور‭ ‬وأعلن‭ ‬وقتها‭ ‬المتحدث‭ ‬باسم‭ ‬الحكومة‭ ‬الألمانية،‭ ‬ستيفن‭ ‬هيبيست،‭ ‬بأن‭ ‬المستشار‭ ‬الألماني‭ ‬أولاف‭ ‬شولتس‭ ‬سعيد‭ ‬للغاية‭ ‬بالاتفاق‭ ‬الذى‭ ‬تم‭ ‬التوصل‭ ‬إليه‭ ‬مع‭ ‬الأسر‭ ‬وأن‭ ‬ألمانيا‭ ‬تؤكد‭ ‬مسؤوليتها‭ ‬عن‭ ‬الأخطاء‭ ‬التي‭ ‬ارتكبت‭ ‬عام‭ ‬1972،‭ ‬وكذلك‭ ‬في‭ ‬العقود‭ ‬التي‭ ‬تلت‭ ‬ذلك‭".‬

حتى‭ ‬قبل‭ ‬إغلاق‭ ‬ملف‭ ‬عملية‭ ‬ميونخ‭ ‬بالتعويضات‭ ‬والاعتذار‭ ‬الألمانى‭ ‬الرسمى‭ ‬على‭ ‬كافة‭ ‬المستويات‭ ‬فإسرائيل‭ ‬فى‭ ‬العام‭ ‬2012‭ ‬بعد‭ ‬مرور‭ ‬40‭ ‬عاما‭ ‬على‭ ‬العملية‭ ‬نشرت‭ ‬الوثائق‭ ‬السرية‭ ‬المتعلقة‭ ‬بها‭ ‬والنقاشات‭ ‬التى‭ ‬دارت‭ ‬بين‭ ‬جولدا‭ ‬مائير‭ ‬رئيسة‭ ‬وزراء‭ ‬إسرائيل‭ ‬فى‭ ‬هذا‭ ‬التوقيت‭ ‬ومدير‭ ‬الموساد‭ ‬تسيبى‭ ‬زامير‭ ‬وأعضاء‭ ‬اللجنة‭ ‬التى‭ ‬أدارت‭ ‬الأزمة‭ ‬ومنهم‭ ‬مناحم‭ ‬بيجين‭ ‬الذى‭ ‬طالب‭ ‬باقتحام‭ ‬مقر‭ ‬البعثة‭ ‬الأولمبية‭ ‬وتصفية‭ ‬الفلسطينيين‭ ‬حتى‭ ‬لوتم‭ ‬قتل‭ ‬الرهائن‭ ‬الإسرائيليين‭. ‬

كشفت‭ ‬الوثائق‭ ‬أيضا‭ ‬أن‭ ‬مدير‭ ‬الموساد‭ ‬سافر‭ ‬الى‭ ‬ألمانيا‭ ‬لمتابعة‭ ‬ماجرى‭ ‬وقدم‭ ‬تقريره‭ ‬بأن‭ ‬المسئولية‭ ‬تقع‭ ‬على‭ ‬الألمان‭ ‬الذين‭ ‬تصرفوا‭ ‬برعونة‭ ‬وكان‭ ‬كل‭ ‬مايهمهم‭ ‬عدم‭ ‬تأثير‭ ‬الحادث‭ ‬على‭ ‬دورة‭ ‬الألعاب‭ ‬الأولمبية‭ ‬فى‭ ‬بلادهم‭ ‬وأن‭ ‬الهدف‭ ‬الرئيسى‭ ‬للفلسطينيين‭ ‬كان‭ ‬الإفراج‭ ‬عن‭ ‬الأسرى‭ ‬وليس‭ ‬قتل‭ ‬الرهائن‭ ‬ولو‭ ‬تمت‭ ‬مفاوضات‭ ‬كان‭ ‬يمكن‭ ‬تجنب‭ ‬ما‭ ‬حدث‭.‬

رغم‭ ‬أن‭ ‬إسرائيل‭ ‬كعادتها‭ ‬لم‭ ‬تعلن‭ ‬رسميا‭ ‬إلاأن‭ ‬هناك‭ ‬عمليات‭ ‬تصفية‭ ‬واغتيالات‭ ‬طالت‭ ‬قيادات‭ ‬فلسطينية‭ ‬اتهمتهم‭ ‬إسرائيل‭ ‬بأنهم‭ ‬وراء‭ ‬التخطيط‭ ‬والتنفيذ‭ ‬للعملية‭ ‬ولم‭ ‬يكن‭ ‬الأمر‭ ‬سرا‭ ‬لأن‭ ‬الفيلم‭ ‬الذى‭ ‬أخرجه‭ ‬ستيفن‭ ‬سبيلبرج‭ ‬تناول‭ ‬هذه‭ ‬الاغتيالات‭ ‬ودور‭ ‬الموساد‭ ‬فى‭ ‬تنفيذها‭ . ‬

على‭ ‬الناحية‭ ‬الأخرى‭ ‬أو‭ ‬من‭ ‬قاموا‭ ‬بالعملية‭ ‬وهم‭ ‬الفلسطينيون‭ ‬فمحمد‭ ‬داود‭ ‬عودة‭ ( ‬أبو‭ ‬داود‭) ‬القيادى‭ ‬الفلسطينى‭ ‬الذى‭ ‬خطط‭ ‬وأشرف‭ ‬على‭ ‬العملية‭ ‬أصدر‭ ‬كتابا‭ ‬فى‭ ‬العام‭ ‬1999‭ ‬بعنوان‭ "‬فلسطين‭ ‬من‭ ‬القدس‭ ‬إلى‭ ‬ميونخ‭" ‬بالتعاون‭ ‬مع‭ ‬الصحفى‭ ‬الفرنسى‭  ‬جيل‭ ‬دو‭ ‬جونشيه‭ ‬يشرح‭ ‬فيه‭ ‬كافة‭ ‬التفاصيل‭ ‬الخاصة‭ ‬بعملية‭ ‬ميونخ‭ ‬ومسئوليته‭ ‬عنها‭ ‬،وقد‭ ‬توفى‭ (‬أبو‭ ‬داود‭ ) ‬فى‭ ‬العام‭ ‬2010‭ ‬فى‭ ‬دمشق‭ ‬عن‭ ‬73‭ ‬سنة‭ ‬ودفن‭ ‬فى‭ ‬العاصمة‭ ‬السورية‭ .‬

قبل‭ ‬وفاته‭ ‬طالبت‭ ‬ألمانيا‭ ‬بتسليمه‭ ‬لمحاكمته‭ ‬بعد‭ ‬أن‭ ‬تم‭ ‬توقيفه‭ ‬فى‭ ‬باريس‭ ‬ولكن‭ ‬عادت‭ ‬ألمانيا‭ ‬وتخلت‭ ‬عن‭ ‬طلب‭ ‬التسليم‭ ‬والغريب‭ ‬أن‭ ‬إسرائيل‭ ‬التى‭ ‬طاردت‭ ‬واغتالت‭ ‬العديد‭ ‬من‭ ‬القيادات‭ ‬الفلسطينية‭ ‬سواء‭ ‬من‭ ‬شاركوا‭ ‬فى‭ ‬ميونخ‭ ‬أو‭ ‬غيرهم‭ ‬لم‭ ‬تصل‭ ‬للرجل‭ ‬الذى‭ ‬اعترف‭ ‬فى‭ ‬كتاب‭ ‬تم‭ ‬نشره‭ ‬بأنه‭ ‬المسئول‭ ‬بالكامل‭ ‬عن‭ ‬عملية‭ ‬ميونخ‭ ‬وتوفى‭ ‬بأمراض‭ ‬الشيخوخة‭ ‬فى‭ ‬دمشق‭ ‬،‭...    ‬لعل‭ ‬الحظ‭ ‬أنقذ‭ ( ‬أبوداود‭ )‬من‭ ‬مصير‭ ‬الأغتيال‭ .‬

أمام‭ ‬كل‭ ‬هذه‭ ‬الحقائق‭  ‬أو‭ ‬أن‭ ‬عملية‭ ‬ميونخ‭ ‬أصبحت‭ ‬عملية‭ ‬بلا‭ ‬أسرار‭ ‬بعد‭ ‬كشف‭ ‬كل‭ ‬من‭ ‬لهم‭ ‬علاقة‭ ‬بها‭ ‬ماحدث‭ ‬والحكومة‭ ‬الألمانية‭ ‬اعتذرت‭ ‬وطلبت‭ ‬الصفح‭ ‬وصرفت‭ ‬تعويضات‭ ‬لأسر‭ ‬القتلى‭ ‬فالمفترض‭ ‬أن‭ ‬ملفها‭ ‬أغلق‭ ‬نهائيا‭ ‬يأتى‭ ‬هذا‭ ‬الخبر‭ ‬بتشكيل‭ ‬لجنة‭ ‬دولية‭ ‬للتحقيق‭ ‬فى‭ ‬العملية‭ ‬بعد‭ ‬51‭ ‬عاما‭ .‬

فى‭ ‬حالة‭ ‬أن‭ ‬هذه‭ ‬اللجنة‭ ‬قررت‭ ‬البحث‭ ‬فى‭ ‬التاريخ‭ ‬فالتاريخ‭ ‬كشف‭ ‬كل‭ ‬أوراقه‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬كم‭ ‬المعلومات‭ ‬التى‭ ‬ظهرت‭ ‬طوال‭ ‬نصف‭ ‬قرن‭ ‬حول‭ ‬العملية‭ ‬بكافة‭ ‬أطرافها‭ ‬ولا‭ ‬يوجد‭ ‬جديد‭ ‬للبحث‭ ‬فيه‭ ‬،لكن‭ ‬إذا‭ ‬عدنا‭ ‬للفرضيات‭ ‬السابقة‭ ‬المتعلقة‭ ‬بالحاضر‭ ‬هنا‭ ‬يبدأ‭ ‬الخبر‭ ‬يأخذ‭ ‬أبعاد‭ ‬أخرى‭ ‬ويطرح‭ ‬مزيد‭ ‬من‭ ‬الأسئلة‭ ‬حول‭ ‬إعادة‭ ‬النبش‭ ‬فى‭ ‬حدث‭ ‬من‭ ‬الماضى‭ ‬يلقى‭ ‬تغطية‭ ‬إعلامية‭ ‬موسعة‭ ‬كأنه‭ ‬حدث‭ ‬قبل‭ ‬ساعات‭ .‬

عند‭ ‬مراقبة‭ ‬هذا‭ ‬الحاضر‭ ‬الساخن‭ ‬أو‭ ‬المشتعل‭ ‬بدقة‭ ‬خاصة‭ ‬فى‭ ‬الشرق‭ ‬الأوسط‭ ‬وربطه‭ ‬بملفات‭ ‬الماضى‭ ‬الذى‭ ‬يعاد‭ ‬فتحها‭ ‬وأيضا‭ ‬متابعة‭ ‬من‭ ‬وراء‭ ‬سحب‭ ‬هذه‭ ‬الملفات‭ ‬من‭ ‬أرشيف‭ ‬التاريخ‭ ‬سواء‭ ‬الظاهرين‭ ‬منهم‭ ‬أو‭ ‬محركى‭ ‬الأحداث‭ ‬خلف‭ ‬الستار‭ ‬لأجل‭ ‬استخدامها‭ ‬فى‭ ‬تحقيق‭ ‬أهداف‭ ‬حالية‭ ‬قد‭ ‬نصل‭ ‬الى‭ ‬إجابة‭ ‬عن‭ ‬كثير‭ ‬من‭ ‬الأسئلة‭ ‬معلقة‭ ‬بين‭ ‬الماضى‭ ‬والحاضر‭ . ‬