جرائم زمان.. أغرب قصة حب انتهت بجريمة قتل

ارشيفية
ارشيفية

شريف عبدلله

اهتمت الصحف والمجلات المصرية بالحوادث منذ عقود بالحوادث باعتبارها مرآة المجتمع التى تشخص الأمراض الاجتماعية التى يعانى منها وطرق مواجهتها ورصدت بالكلمة والصورة أدق تفاصيل الجرائم التى كانت حديث الرأى العام فى تلك الفترة.

"أخبار الحوادث" تعيد نشر بعض الحوادث القديمة بكل تفاصيلها حتى نتعرف على نوعية حوادث ومجرمى زمان.

تحقيق صحفى عن أغرب قصة حب انتهت بجريمة قتل حدثت فى الإسكندرية لأستاذ الجامعة قاتل زوجته مدرسة الباليه الروسية ونشرت تفاصيلها بمجلة “اخبار الحوادث” بعددها الصادر فى مايو عام 1993 بقلم منير المسيرى وسرد التحقيق الصحفى تفاصيل الجريمة.

بعد 9 أشهر من مصرع راقصة الباليه الروسية الحسناء ناتاليا فى الإسكندرية على يد زوجها المصرى الاستاذ الجامعى حدثت المفاجأة وأصدرت محكمة الجنايات قرارًا بإيداع الزوج المتهم مستشفى الامراض العقلية بعد أن أثبتت التقارير الطبية أنه يعانى من مرض عقلي وكانت “اخبار الحوادث” قد نشرت تفاصيل الجريمة والتقت بالاستاذ الجامعى المتهم بقتل زوجته وفى هذا اللقاء أظهر بوادر الجنون : قال أنا صنعت القنبلة الذرية فى مصر وقال زوجتى جاسوسة .. سرقت ابحاثى وقال انا استطيع قراءة الانجليزية بالمقلوب.

الجريمة حدثت فى صيف العام الماضى وعلى وجه التحديد فى منتصف شهر اغسطس باتهام استاذ جامعى شاب هو الدكتور خميس عبدالجواد 36 عامًا بقتل زوجته الروسية والحقيقة ان رجال الشرطة لم يتهموا الزوج بل جلس هو امامهم يشرب سيجارة وكوب شاى ويروي لهم كيف انهال عضًا وطعنًا بالسكين فى جسد زوجته الحسناء بعد أن جردها من ثيابها عقب مشادة بينهما حول طعام العشاء وكيف أنه ركع بجوار جثة زوجته يمزقها بالسكين بينما كان طفلهما الوحيد مستغرقًا فى نومه فى حجرة مجاورة بابها مغلق.

والزوج المتهم يقوم بالتدريس فى كلية التربية الرياضية فى ابوقير وهو رياضى يمارس هواية الملاكمة وحصل على درجة الدكتوراه فى مادة التمارين الرياضية بموسكو ثم جاء مع زوجته الروسية ليستقر منذ ثلاث سنوات .. لم يكن ثريًا فقد نشأ فى عائلة كبيرة العدد فقيرة الموارد فوالده عامل بسيط يعول زوجته وابناءه الستة منهم اربعة اولاد لم يستطع سوى اثنين منهم إكمال تعليمهما الجامعي كان احدهما ولكنه نبغ فى دراسته وعندما تخرج فى كلية التربية كان ذلك جواز مروره الى تحقيق حياة افضل بعد أن لاحت له فرصتان لاستكمال تعليمه العالي والحصول على درجة الدكتوراه فى امريكا وفى روسيا واختار روسيا اعتقادًا بأن أمريكا تحتاج إلى إنفاق كبير وهكذا غادر مصر إلى هناك تاركًا خطيبته المصرية التى تعلق به قلبه على وعد باللقاء وفى روسيا عاش حياة الشظف كان يعيش فى حجرة صغيرة فى حى فقير تكاد ملابسه أن تبلى من قلعها لم يكن هناك مايصرفه على دراسته أو على غير دراسته .. ثلاث سنوات كاملة عاشها حتى حصل على الدكتوراه فى روسيا ولكن رغم كل ذلك خفق قلبه للحب.

أحب راقصة باليه في احد الملاهى اسمها ناتاليا عاش معها وتزوجها وكانت تبادله الحب تزوجته رغم فقره ورغم انه من بلد آخر لا تعرف عنه شيئًا أحبته حبا مجنونًا وبادلها نفس الحب وكان ثمرة حبهما طفلا جمع بين وسامة الاب وجمال الام ولم تتردد الزوجة الروسية فى إشهار اسلامها لتعود مع زوجها إلى مصر عقب استكمال دراسته كان قد سلم لها فى تلك الفترة زمام اموره كانت تختار له ملابسه وطعامه وتتدخل فى كل كبيرة وصغيرة ولم يكن يعترض وكانت تنفق عليه كل ماتحصل عليه من مال ولم يكن يمانع وفى تلك الاثناء وقعت حادثة رهيبة دوت أرجاؤها فى العالم وغيرت من حياة الكثيرين ومن بينهم الدكتور خميس وزوجته الروسية ناتاليا.

مجنون تشيرنوبيل

فى تلك الأثناء دوى انفجار رهيب وانفجر المفاعل الذري بتشيرنوبيل وكان يقطن فى منطقة فى محيط الإشعاع وبعدها بفترة قصيرة أرسلت زوجته الروسية خطابًا الى اسرته بأنه تم إيداعه فى مصحة للامراض العقلية بروسيا وعندما تم علاجه خرج من المستشفى ثم من روسيا إلى مصر يصطحب معه زوجته ناتاليا الحسناء وطفله الصغير وحقائب ملابسهم.

وهكذا عاد ليدرس بكلية التربية الرياضية بأبى قير ولتصبح زوجته مدرسة باليه بكلية التربية للبنات واستقرت الاسرة الصغيرة داخل شقة صغيرة بشارع بالى بمنطقة شدس برمل الاسكندرية وهكذا لم يعد الطالب الفقير الذى عرفته شوارع وازقة الإسكندرية وموسكو ورغم ذلك لاحظ الجميع تغيرًا كبيرًا عليه .. لاحظ والده وجميع اشقائه ان حالة غريبة تنتابه دائما خلال شهر اغسطس وعلقت زوجته على ذلك بأنه نفس الشهر الذى ادخل فيه لمصحة عقلية فى روسيا وأنها هى نفس الحالة التى انتابته هناك ففى هذا الشهر بالذات يصبح فظًا غليظًا يعامل الجميع بعنف وتثور غيرته بشدة تصل إلى حد الشك فى حبها وارتباطها به حيث تصاحب حالته المرضية حالة ضعف وفتور فى حياته الزوجية إلى درجة كبيرة وطوال ثلاث سنوات عاشها منذ عودته من موسكو كانت تحرص زوجته ناتاليا فيديكوفا على أن تهرب منه فى هذا الشهر بالذات الى موسكو لزيارة اهلها ولكن ذلك كان يضاعف من الحالة التى تنتابه وتراوده شكوك بوجود علاقات لزوجته فى روسيا.

وفى بداية اغسطس الماضى وأثناء إعداد الزوجة لسفرها لاحظت اسرته تحولا كبيرًا فى حالته فقد اصبح دائم الصياح والاحتداد وازداد عنفه حتى اصبح يعامل اسرته وكأنهم اعداءً له كما انه بدأ يتحدث بجمل وعبارات لا معنى لها ثم يتحول ليتحدث الى نفسه كثيرا تتحرك يداه وشفتاه بلا كلمات وفكر الجميع الزوجة والاب والاشقاء فى إيداعه مصحة عقلية بسرعة أو عرضه على احد الاخصائيين وعندما توصلوا إلى قرار بذلك كانت الاحداث قد سبقت ووقعت المأساة.

والمأساة رواها المتهم بنفسه إلى المقدم ناصر العبد رئيس مباحث الرمل ومعاونيه الرائدين على عبده وهيثم عطا عندما انتقلوا إلى مسرح الجريمة كان يجلس يرتشف الشاى وفى يده سيجاره وهو يدلى بهدوء مايطلق عليه رجال المباحث باعتراف كامل قال فى هدوء إنه فى صباح يوم الجريمة توجه إلى الكلية حيث كان يطمع فى الحصول على مرتبه ولم يكن معه نقود ولكنه لم يعثر على موظف الخزينة فعاد ثائرًا الى مسكنه فتح باب الشقة ودلف إلى الصالة حيث لحقت به زوجته ناتاليا ولم تكن ترتدي سوى غلالة رقيقة على جسدها فى ذلك اليوم الحار من ايام شهر اغسطس وسألته إن كان قد قام بشراء طعام للغداء ولكنه أجاب بالنفى فى عصبية وهو يوجه اليها سيلا من الشتائم باللغة الروسية ولكنها حاولت تهدئته فأخبرته بانها أعدت كبد وكلاوى فراخ لطعام الغذاء ولحقت به إلى حجرة المكتب لتهدئته ولكن ثورته بدأت تزداد وكانت المفاجأة عندما أخرج سكينًا من بين ملابسه وكانت تلك هى آخر ما عرفته ناتاليا فقد كانت آخر لحظاتها فى الحياة سقطت ناتاليا فيديوكوفا على الارض وسط دمائها بينما جثا الزوج القاتل بجوارها يمزق فى جسدها بالسكين ويعضها بأسنانه فى غل شديد حتى ان احدى اسنانه تحطمت وهو يعض اصابعها ثم اشار بيديه إلى المقدم ناصر العبد يخبره عن الحجرة التى ينام فيها طفلهما البريء ودخل رئيس مباحث الرمل ليجده مستغرقا فى نومه حمله وهو يغطى وجهه بملاءة حتى لا تقع عيناه البريئتان على المشهد البشع جثة امه ليسلمه إلى أحد أعمامه وعندما انتقل بعد لحظات إلى قسم الشرطة جلس ليعيد نفس الكلمات أمام صلاح ابورابح وكيل النائب العام لنيابة الرمل ولكن سبب الجريمة كان يحيط به نوع من الغموض وإن كان قد بدا انه بسبب المشادة التى وقعت بين الزوجين حول طعام الغذاء وهكذا امر صلاح ابورابح بحبسه اربعة ايام احتياطيًا على ذمة التحقيقات وكانت “اخبار الحوادث” حريصة على لقاء الاستاذ الجامعى القاتل التقت به قبل توجهه الى السجن وكان يبدو مشدود الاعصاب إلى درجة كبيرة وان كان يبدو مبتسما وهو يبادرنى نعم انت عايزنى وأتذكر أنه تلفت يسأل عن السبب فى احتجازه لأن زوجته سوف تقلق عليه لتأخره وانتهزت هذه الفرصة لأسأله عنها قاطعنى بحدة شديدة لا تتكلم عنها وإلا سأنصرف على الفور دى مقززة انا باكرهها ثم مضى يتحدث كأنما يحدث نفسه “ انا الاعظم انا الأقوى اعرف كل لغات العالم واقرأ الانجليزى بالمقلوب وأضع نظريات علمية جديدة اكتبها على قصاصات وألقى بها فى سلة القمامة انا صنعت القنبلة الذرية لمصر ولكن زوجتى الروسية كانت جاسوسة سرقت منى كل ذلك نظرياتى العلمية عبقريتى شوفوا حتى هى مخليانى البس ايه ونظر إلى بنطلونه الجينز وحذائه الرياضى.

وبعد 9 أشهر كاملة صدر حكم محكمة الجنايات على الزوج القاتل بإيداعه مستشفى للامراض العقلية بعد أن اكدت كل التقارير الطبية جنونه واسدل الستار على اغرب قصة حب عمرها 6 سنوات فقط قصة خميس وناتاليا.