في الشارع المصري

مجدي حجازي يكتب: «للصائم فرحتان»

مجدي حجازي
مجدي حجازي

■ بقلم: مجدي حجازي

جاء فى الحديث القدسي: عن أبى هريرة رضى الله عنه قال: قال النبي : «قال الله عز وجل: كل عمل ابن آدم له إلا الصوم فإنه لى وأنا أجزى به والصيام جنة، فإذا كان يوم صوم أحدكم فلا يرفث يومئذ ولا يصخب، فإن سَبَّه أحدٌ أو قاتله، فليقل: إنى امرؤ صائم، والذى نفس محمدٍ بيده لخلوف فم الصائم أطيب عند الله يوم القيامة من ريح المسك، وللصائم فرحتان يفرحهما، إذا أفطر فرح بفطره، وإذا لقى ربه فرح بصومه.» [رواه البخاري ومسلم]. 

للصائم فرحتان: فرحة «عاجلة»، وفرحة «آجلة».. فالفرحة العاجلة هى قول النبى : «إذا أفطر فرح بفطره»، والفرح يشمل فرحة الطاعة وفرحة الجبلة، وفرحة الطاعة هى التى يفرح بها الصائم من أجل ما يسر الله تعالى له من إتمام الصوم، وفرحة الجبلة هى فرحته من إباحة ما منع منه من الأكل والشرب، ومن ثم يكون الفرح عند الفطر اليومى.. وفرحة عيد الفطر عند الانتهاء من صوم شهر رمضان. وهذا الفرح يستشعره من صام رمضان إيمانًا واحتسابًا.. والصائم عند فطره يلبى نداء ربه، فالصائم ترك شهواته تنفيذًا لأمر ربه، وعاد إليها بأمر ربه، فهو مطيع له فى الحالين، ولهذا نهى عن الوصال فى الصيام، فإذا بادر الصائم إلى الفطر تقربًا إلى مولاه وأكل وشرب وحمد الله فإنه يرجى له المغفرة أو بلوغ الرضوان. 

أما عن قوله عليه الصلاة والسلام: «وإذا لقى ربه فرح بصومه» وما أجل وأروع فرحة غامرة، وما أسمى العبادة التى توصل العبد إلى نيل جائزة اصطفاها رب العالمين لنفسه: «والصوم لى وأنا أجزى به» [رواه البخارى ومسلم].

الصيام عبادة سامية، لذا خَصَّ الله للصائم بابا فى الجنة، كما فى الصحيحين عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «إن فى الجنة بابا يقال له الريان، يدخل منه الصائمون يوم القيامة، لا يدخل منه أحد غيرهم، يقال: أين الصائمون؟ فيقومون لا يدخل منه أحد غيرهم، فإذا دخلوا أغلق فلم يدخل منه أحد». [متفق عليه].. إنه فرح عظيم ومقام محمود لا يناله ولا يخلص إليه إلا الصائمون من عباد الله، قال تعالى: ﴿وَمَا تُقَدِّمُوا لِأَنْفُسِكُمْ مِنْ خَيْرٍ تَجِدُوهُ عِنْدَ اللَّهِ هُوَ خَيْراً وَأَعْظَمَ أَجْراً﴾ [المزمل:20] وقال تعالى: ﴿يَوْمَ تَجِدُ كُلُّ نَفْسٍ مَا عَمِلَتْ مِنْ خَيْرٍ مُحْضَراً﴾ [آل عمران:30] وقال: ﴿فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْراً يَرَهُ، وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرّاً يَرَهُ﴾ [الزلزلة:8:7].. والفرحة الأخروية غاية منشودة لجميع البشر. 

اللهم تقبل صيامنا وقيامنا وصالح الأعمال.. وكل عام ومصرنا الحبيبة بخير.. حفظ الله المحروسة شعبًا وقيادة، والله غالب على أمره.. وتحيا مصر.