سموم الإسلاموفوبيا تسري في جسد القارة العجوز وسط محاولات أممية للعلاج

صورة أرشيفية
صورة أرشيفية

ساهمت عودة ايدولوجية القومية اليمين المتطرف في أوروبا، وفقًا للأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو جوتيريش، في انتشار الإسلاموفوبيا، التي وصفها بأنها سموم تسري في جسد القارة العجوز.

وقال جوتيريش ان مسلمي العالم البالغ عددهم نحو ملياري نسمة يعدوا تجسيد للإنسانية بكل تنوعها، مشيرا إلى أنهم ينحدرون من كل ركن من أركان المعمورة لكنهم يواجهون في كثير من الأحيان تعصبا وتحيزا لا لسبب إلا "لمجرد كونهم مسلمين".

تمت الموافقة بالإجماع على طلب باكستان تحديد 15 مارس يومًا سنويًا لمكافحة الإسلاموفوبيا من قبل الجمعية العامة للأمم المتحدة في العام الماضي.

وفقًا لقرار الأمم المتحدة ، "يتم تشجيع تنظيم ودعم العديد من الأحداث البارزة التي تهدف إلى زيادة الوعي بشكل فعال على جميع المستويات في مكافحة الإسلاموفوبيا".

حوادث العنصرية ضد المسلمين

ومؤخرا شهدت العديد من دول العالم حوادث تعرض خلالها أفراد الجاليات المسلمة لحالات عنف وحوادث إسلاموفوبيا، وكان أخرها عندما أقدم شخصا جاء إلى أحد المساجد في بلدة ماركام، التي تبعد 30 كيلومترا شمالي تورونتو، ومزق مصحفا، على ما يبدو، وتحدث إلى المصلين بشكل غاضب ثم حاول بعد ذلك دهسهم بسيارته.

في حين استنكر المجلس الوطني للمسلمين الكنديين "إن سي سي إم" (NCCM) تعرض مُسلمة للترهيب بسبب دينها على يد شخص متطرف أشهر في وجهها سكينا بإحدى محطات المترو بمدينة تورنتو.

أشارت عدد من التقارير أن السويد والدنمارك من أكثر الدول التي تعاني من نار الإسلاموفوبيا ، إذ نشرت جماعة باتريوت جار لايف اليمينية المتطرفة المناهضة للمسلمين في الدنمارك صورا على فيسبوك لمؤيديها وهم يحملون لافتات عليها رسائل معادية للإسلام.

وعلى الجهة الأخرى قام مؤخرا راسموس بالودان ، وهو سياسي سويدي-دنماركي متطرف ، بإحراق نسخة من القرآن الكريم ، يوم خارج السفارة التركية في ستوكهولم ، في ظل حماية الشرطة وإذن من الحكومة السويدية، التي صرحت  أن هذا العمل هو "حرية التعبير".

أرقام صادمة

كشفت تقرير صادر عن تنسيقية محاربة الإسلاموفوبيا في أوروبا عن أرقام صادمة في تقريرها السنوي لسنة 2022  حول انتشار ظاهرة كراهية الإسلام في مختلف الدول الأوروبية.

وسجلت التنسيقية 467 حادثة تتعلق بالعنصرية، و128 حادثة تتعلق بالكراهية والاستفزاز، و71 حادثة تتعلق بالإهانات، و59 حادثة تتعلق بالتحرش الأخلاقي، و44 حادثة تتعلق بالتشهير، و27 حادثة لها صلة بالاعتداءات الجسدية، و33 حادثة مرتبطة بقانون مكافحة الانفصالية.

دراسة تلك الأرقام تؤكد أن أوروبا تواجه تحديات تهدد وجودها وحياة شعوبها، إذ ان تلك الإحصائيات تشير الى تنامي روح الكراهية ضد المسلمين اليوم، وغدا تحرق تلك الروح العدائية كافة الجسد الأوروبي.

تقرير مرصد الأزهر

سلط مرصد الأزهر لمكافحة التطرف في أحدث تقاريره الضوء على الزيادة المطردة لظاهرة الإسلاموفوبيا وتصاعد وتيرة العداء والكراهية تجاه الإسلام والمسلمين، مشيرا أن الحالة العدائية تجاه المسلمين في الغرب ليست وليدة السنوات الأخيرة فقط.

وأشار المرصد ان المتتبع للسياق التاريخي لظاهرة الإسلاموفوبيا يجدها تعود إلى أبعد من ذلك بكثير؛ لأنها ببساطة تتبنى صورة قديمة مغلوطة ومشوهة عن المسلمين، يغذيها في الوقت الحالي صعود تيار اليمين المتطرف والتيارات القومية لأهداف وأجندات خاصة، ناهيك عن استغلال الآلة الإعلامية في تأجيج مشاعر الكراهية ضد المسلمين في الغرب.

تشير العديد من التقارير وجود عدد من الأدلة لدعم تأكيدات جوتيريش، حيث توجد علاقة واضحة بين صعود الإسلاموفوبيا والاتجاهات الشعبوية اليمينية في أوروبا التي استوعبت الصور النمطية الغربية على مدى العقدين الماضيين.

عرَّفت المنظمات الدولية ظاهرة الإسلاموفوبيا بأنها "تلك الظاهرة التي تعبر عن فكرة الخوف من الإسلام ومن المسلمين، أو بشكل أدق الخوف المفرط من الإسلام والمسلمين، أو أي شيء مرتبط بدين الإسلام، مثل المساجد والمراكز الإسلامية والقرآن الكريم والحجاب إلخ، إذ تُعد هذه الظاهرة شكلا من أشكال العنصرية والتمييز في حياة الناس اليومية، سواء تمت في وسائل الإعلام أو في أماكن العمل أو في مجال العمل السياسي وغير ذلك.

مواجهة نار الإسلاموفوبيا

وإدراكا لخطورة تلك الظاهرة، بعد أن تبنت الأمم المتحدة يوما عالمياً لمكافحة تلك الظاهرة، استحدثت عدد من الدول مناصب ومكاتب جديدة لمراقبة ومكافحة تلك الظاهرة، وبينها الولايات المتحدة التي استحدثت مكتبا بوزارة الخارجية، وعينت مبعوثا خاصا لمراقبة ومكافحة الظاهرة على مستوى العالم.

وأحدث الدول التي قررت استحداث منصب لمكافحة تلك الظاهرة، هي كندا التي أعلنت تعيين الصحفية والناشطة أميرة الغوابي، كأول ممثلة خاصة لديها معنية بمكافحة الإسلاموفوبيا.

وجاء استحداث المنصب في أعقاب سلسلة هجمات استهدفت المسلمين مؤخرا في البلاد، وضمن توصيات قمة وطنية عن الإسلاموفوبيا نظّمتها الحكومة الكندية في يونيو 2021 ردا على الهجمات.