أصل الحكاية| حمام «البابين» تاريخ وعراقة من الأجداد إلى الأحفاد

حمام سيدي المتولي
حمام سيدي المتولي

يعتبر "حمام البابين" الشهير بحمام سيدي المتولي، وهو من الحمامات الأثرية التي أُنشئت بحي سوق اللبن بمدينة المحلة الكبرى، والذى يعود تاريخه إلى أكثر من ٣٣٠ عامًا، في عهد الأمير سياويش عام 1688م/ 1100ه.

يعتبر حمام المتولي من أشهر المناطق الأثرية بمدينة المحلة الكبرى بمحافظة الغربية، على غرار حمام المناطيلي الذى لعبت بطولته الفنانة المعتزلة شمس البارودي، كما أكده خبير الآثار الدكتور عبد الرحيم ريحان مدير عام البحوث والدراسات الأثرية بجنوب سيناء بوزارة السياحة والآثار.

ويشير الكاتب والمؤرخ مصطفى أبو شامية، إلى أن الموقع القديم لحمام البابين كان يعرف بخط سوق السادة العطارين الكبار بالقرب من الجامع الكبير الطريني المعروف بالمتولي وسوق الغرابلية، وعُرف باسم حمام البابين، وظلت هذه التسمية تطلق عليه طوال العصر العثماني حتى نهاية القرن 13هـ/ 19م، بينما عُرف عند العامة باسم المتولي حيث استمد هذه التسمية لقربة من جامع المتولي، ويعد النموذج الوحيد الباقي من حمامات المحلة الشعبية الذى مازال محتفظًا بوحداته المعمارية .. ليكون شاهدًا على مظاهر وعادات وتقاليد المصريين القديمة.

وينوه المؤرخ مصطفى أبو شامية إلى تاريخ إنشاء الحمام عام 1106هـ/ 1694م، شيده الأمير سياويش محى زاده جوربجي من طائفة عزبان مصر المحروسة وملتزم بنواحي أبى صير والمحلة، ومحلة حسن وكثير من بلدان الغربية، كما أشرف على بنائه مجموعة من أمهر البنائين في تلك الفترة منهم المعلم محمد الفقيرة، والمعلم محمد بن الحاج علي عبد اللطيف، والسيد الشريف محمد بن المرحوم السيد سليمان البنا، وتم تسجيله في عداد الآثار الإسلامية بالقرار الوزاري رقم 243 لسنة 2000 ونشر قرار التسجيل بجريدة الوقائع المصرية فى العدد 177 بتاريخ 7 / 8 / 2001.
 
ويؤكد المؤرخ مصطفى أبو شامية أن الحمام يعاني من الإهمال والتعديات وغياب الصيانة منذ زمن بعيد ويحتاج إلى تدخل سريع لترميمه وإنقاذه، حيث تعرض الحمام إلى شرخ طولي في الواجهة الشرقية المطلة على الشارع العمومي، وشروخ بمغطس البخار بالداخل وتآكل الفسيفساء على العتب الملاصق للمغطس، بجانب ارتفاع نسبة الرطوبة والأملاح في الواجهة والجدران من الداخل أدى لسقوط طبقة الدهارة، بالإضافة إلى شروخ في حجرة الخلوة وفي القبة وتآكل ونحر درجات السلم المؤدية للداخل، وفقدان معظم أجزاء الأرضية، بجانب استخدام أحد الدكاكين المؤجرة للمكان كمخزن ثلج مما أثر على جدران  الحمام من الخارج .

 ويوضح المؤرخ مصطفى أبو شامية دور حمام المتولي الذي ساهم مع حمامات المحلة الشعبية في الحياة الاجتماعية بعد انتشارها في العصر العثماني داخل المدينة، فهى لم تكن مجرد منشأة لنظافة البدن وطهارته فقط، وإنما كانت موضعًا لعلاج الكثير من الأمراض وتجهيز العرائس قبل الزفاف، وعقد بداخلها التجار العديد من الاتفاقيات التجارية، كما كانت بديلًا للأندية الاجتماعية الحالية، حيث استخدمها النساء والفتيات للترويح عن النفس وتبادل الأحاديث والأخبار والأسرار مع رفاقهن.

وكان وجود الحمامات داخل المحلة دليل على الرقي الحضاري والتقدم المادي والوعي الصحي بين سكانها، وساعد الانتعاش الاقتصادي والتجاري بها على انتشارها داخل أرجاء المدينة، حيث تجاوز عددها أكثر من 12 حمامًا شعبيًا منهم حمام البصل الذى شيده منصور الشعار نقيب الأشراف بالمحلة والحاج أحمد الصايغ سنة 1136هـ/ 1724م، ثم انتقلت ملكيته إلى السيدة أمونة الزيني في أواخر القرن 19، حيث عرف بحمام أمونة الزينى، وحمام الشفا الذي أنشأه الأمير محيي زاده سنة 1100هـ/ 1689م بجوار ضريح الأربعين بخط سيدي سعد الأنصاري، وكان موقعه قديمًا يعرف بخط البرادعية القديمة، كما كان ملحقًا بالحمام ستة دكاكين.

وحمام ترتانة أو تربانة نسبة إلى منشئه، وكان يقع بخط جامع الوراقة، حيث يرجع تاريخ بنائه إلى ما قبل سنة 1097هـ / 1686م، وعرف بين الناس بحمام الوراقة، وحمام ورثة المرحوم بإذن الله يوسف أغا الملطبلى بصندفا، وحمام الدحريرة وحمام حمادة بالقرب من مسجد سيدي محمد المنسوب وشيده الحاج حجازي الشهير بابن حمادة المنزلي أو المنزلاوي نسبة إلى المنزلة قبل سنة 1099هـ/ 1688م، كما كان يوجد حمام بشارع أبو الحسن بسندفا شيد بالطوب الأحمر والمونة، وأيضا حمام سندفا وسويقة النصاري القرب من جامع الأمير عنقًا الجوربجي بشارع الخديوي توفيق، كما أنشأ نقيب الأشراف والحاج أحمد الصايغ حمام آخر بخط سوق الأبزازية عرف بحمام وقف منصور الشعار وأحمد الصايغ، وذلك سنة 1146هـ / 1733م وألحق به خمسة دكاكين لكنه تعرض للإهمال والتخريب سنة 1251هـ /1835م.

كما حرصت الطبقة الميسورة على وجود الحمامات بمنازلهم وكان الحمام الخاص صورة مصغرة للحمام العام ويؤدي نفس الوظيفة، ومن ذلك الحمام الملحق بمنزل عديلة هانم محمد أفندي رستم بالقرب من الجامع المحلي وسوق المقاطف، كما شيد اليهود حمامًا خاصًا بهم وكان ملحقًا بالمعبد اليهودي فوق تل وجعلوه حلزونيًا ارتفاعه 13متراً، كما ذكر علي باشا مبارك في كتابه الشهير الخطط التوفيقية.