فصاحة القرآن.. خصوصيات الرسم العثمانى للمصحف الشريف

 خصوصيات الرسم العثمانى للمصحف الشريف
خصوصيات الرسم العثمانى للمصحف الشريف

واليوم نقف مع باب لطيف من أنفس الأبواب فى سلسلة «فصاحة القرآن»، ألا وهو باب رسم المصحف الشريف، وقد ذهب بعض أهل العلم إلى أن رسم المصحف توقيفى معجز، أمر النبى صلى الله عليه وسلم به صحابته ليكتبوه على هذه الصورة بحيث لا تجوز مخالفتها، وقد وقعت بعض الكلمات فى المصحف الشريف برسم مخالف للرسم الإملائى القديم والحديث معًا، ثم بقيت هذه الكلمات برسمها المخالف من عهد الصحابة إلى يوم الناس هذا، ولم يتصرف فيها أحد ممن خدموا المصحف، اللهم إلا ما أضيف لرسم المصحف من نقط وتشكيل وعلامات وقف.


فانبرى أهل العلم لجمع هذه الكلمات المخالفة للرسم وأفردوها ببعض الكتب، وما اكتفى أهل العلم بالجمع، وإنما أنعموا عقولهم فى استنباط وجوه الأسرار القرآنية المعجزة فى هذا الرسم، ومن أنفس الكتب المعاصرة فى هذا الصدد كتاب بعنوان «لطائف وأسرار خصوصيات الرسم العثمانى للمصحف الشريف» للعلامة الراحل الأستاذ الدكتور عبد العظيم المطعنى عليه رحمة الله، وكان رائدًا من روّاد البلاغة القرآنية فى الأزهر الشريف.


ودعنى أضرب هنا مثالًا توضيحيًّا على هذه المخالفات فى الرسم، وبالمثال يتضح المقال، يقول الله تعالى فى سورة الإسراء: ﴿ويدعُ الإنسانُ بالشرِّ دعاءَهُ بالخيرِ وكانَ الإنسانُ عَجُولًا﴾، هنا وقع الفعل «يدعُ» محذوف الواو من آخره دون علة نحوية أو صرفية، فالظاهر أن يكتب هكذا «يدعو» بالواو؛ لأنه فعل مضارع مرفوع لم يسبقه ناصب ولا جازم، ومع ذلك فقد حُذفت الواو، ولهذا سر من أسرار القرآن، فما هو؟ .


السر هنا فى حذف الواو كما قال أهل العلم أن الآية التى معنا دالة على تسرع الإنسان فى كل شئون حياته وجهله بعواقب الأمور، فربما دعا بشيء فيه هلكته، فكان حذف الواو هنا دلالة على طيش الإنسان وتسرعه فيما يطلب، وفاصلة الآية دالة على ما نقول شاهدة بهذا المعنى «وكان الإنسان عجولًا»!
وبهذا نعلم أن القرآن الكريم ليس معجزًا فى نظمه وتشريعه فحسب، وإنما هو معجز فى رسمه كذلك، وهذه خصيصة من الخصائص التى اختص الله بها كتابه دون سائر الكتب السماوية! .