أحمد سليمان حجاب يكتب: رباعيات الخيام بالعامية المصرية

أحمد سليمان حجاب يكتب : رباعيات الخيام بالعامية المصرية
أحمد سليمان حجاب يكتب : رباعيات الخيام بالعامية المصرية

قرأت رباعيات الخيام لأول مرة عام ۱۹۳۸، وكانت من ترجمة الأديب المرحوم محمد السباعي.. ثم قرأتها مرة ثانية من ترجمة الشاعر العاطفى الكبير المرحوم أحمد رامي. ثم قرأتها المرة الثالثة عام ١٩٤١من نظم الزجال الكبير المرحوم حسين مظلوم رياض.

وعقب كل قراءة كنت أعيش مع أفكار ذلك الفيلسوف العميق عمر الخيام.

ومرت الأيام بحلوها ومرها إلى أن سمعت سيدة الغناء العربى أم كلثوم رحمها الله.. تشدو ببعض أبيات مختارة من رباعيات الخيام ترجمة الشاعر الرقيق أحمد رامى، وقد امتزج الكلام الحلو باللحن الحلو بالصوت الحلو فى سيمفونية رائعة جعلتنى أهيم فى دنيا النغم والشعر والفلسفة والواقع.

ومن وقتها وأنا أعيش مع الخيام أسمع كل صوت هاتف فى السحر وأشدو مع كل طير بأنشودة الحب والصفاء واملا حياتى بحب الناس كل الناس. أسامح من يقسو وأصفح عمن يسيء تاركا حساب الخلق للخالق.. وذات يوم وأنا أستمع إلى صوت أم كلثوم الملائكى وهى تقول من شعر عمر الخيام ترجمة رامى:

سمعت صوتا هاتفا فى السحر  نادى من الغيب غفاة البشر

هبوا املأوا كاس المنى   قبل أن تملأ كاس العمر كف القدرورأيت روحى تسبح فى معانى تلك الرباعية الخالدة، وعشت فيها بأحاسيسى وأفكارى ورأيتنى أردد بينى وبين نفسى أبياتا من الزجل استلهاما من تلك الرباعية الأولى للخيام. وكتبت ما رددته فكانت هذه الرباعية:

سمعت صوت فى السحَر بينادى ع النايمين.

بيصحّى أهل الهوى وينبه الغافلين

إملوا كاسات الصفا واتهنوا بأيامكم

دنيا زوال تنتهى وأهل العقول عارفين

وحاولت أن أسترسل، فلم أقدر، وظلت تلك الرباعية اليتيمة حبيسة أدراج مكتبى أكثر من عامين، وكلما حاولت أن أواصل نظم بقية الرباعيات بالطريقة التى بدأت بها. وقف قلمى فى يدى وهربت منى القوافى والأوزان. وألقيت بأوراقى وقلمى جانبا وأنا حزين.

وفى أحد لقاءاتى الكثيرة بالشاعر الكبير أستاذى المرحوم أحمد رامى قرأت عليه تلك الرباعية اليتيمة فوجدته يشد على يدى مهنئا ويطلب منى الاستزادة. فاعتذرت له بأنى لم أكتب غيرها. ولكنه رحمه الله طلب منى ضرورة تكملة هذا المشوار الفنى الطويل.

وظللت بعد هذا اللقاء ثلاث سنوات طوال وأنا أحاول نقل هذه الرباعيات من الشعر إلى لغة الشعب.. وكلما تقابلت مع أستاذى الكبير أحمد رامى كان أول سؤال يسألنيه.. أين الرباعيات؟ فأطأطىء رأسى خجلا وأعتذر له.

إلى أن وفقنى الله وأطاعتنى ملائكة الشعر. لا شياطينه كما يقولون واستطعت بفضل الله وتوفيقه أن أصل إلى تلك الصورة التى لا أقول إنها قد وصلت إلى حد الكمال الفني.

ولكنى واثق من أنها سوف تنال رضا القارىء العزيز.

عمر الخيام

هو غياث الدين أبو الفتح بن إبراهيم الخيام.. الفيلسوف الشاعر الفلكي.

 ولد بمدينة نيسابور الزاهرة عاصمة خراسان عام ٤٣٧ هجرية (١٠٤٠) ميلادية فى عهد السلطان (أرطغرول) أول ملوك السلاجقة.

 تلقى علومه على يد الإمام (الموفق النيسابوري) الذى كان من صفوة العلماء فى عصره.

 من زملائه فى الدراسة (نظام الملك) وزير السلطان (ألب أرسلان) نجل (طغرل بك التترى) ، (الحسن الصباح) مؤسس الطائفة الإسماعيلية.

 واستدعاه السلطان (ملك شاه) لوضع التقويم السنوى، فأظهر من الحذق والبراعة ما جعله موضع الإعجاب والإكبار والتقدير.. وقد أعجب به المؤرخ الإنجليزى (جيبون) الذى يقول عن تقويم الخيام (إنه يفوق التقويم الجريجورى نظاما ودقة) ومازال تقويمه معمولا به حتى الآن فى بلاد الفرس (إيران) وغيرها. وهو مرجع هام لدى كافة من يعنون بالعلوم الفلكية.

و له مؤلفات كثيرة فى علم الزيجة والأرواح.. وله مصنفات تاريخية عن العصر السلجوقى الذى يبدأ من سنة ۱۰۸۹ ميلادية، وتوفى سنة ١٥٨ هجرية - ١١٢3 ميلادية فى عهد السلطان (سنجر) حيث دفى فى مدفن (الحيرة) المعروف بمشهد على. ومازالت الألوف حتى الآن تتوافد على قبره الموجود هناك تحت الكروم والأزهار.

 

 

 وقام الشاعر الإنجليزى (فيتزجرالد) بترجمة رباعيات الخيام إلى اللغة الإنجليزية سنة 1589 ميلادية وترجمها بعده كثيرون من شعراء انجلترا وفرنسا وألمانيا.

 

وقام بترجمة الخيام إلى اللغة العربية كثيرون من شعراء العربية فى مصر والعراق ولبنان لكن أصدق ترجمة وأعمقها وأرقها تلك الترجمة الرائعة للشاعر الكبير المرحوم (أحمد رامى).

 

 

 

 

اقرأ ايضاً | عودة صالون العملاق وترميم منزله.. ذكرى العقاد «المؤرقة» بين القاهرة وأسوان

نقلا عن مجلة الادب : 

2023-3-18