أما قبل

اللعب فى النيش!

إبراهيم المنيسى
إبراهيم المنيسى

هل سألت نفسك مرة: هو حضرة النيش الذى يزين بسلامته شقتك ويقف صامدا مغلقا بجوار السفرة ويمتلئ عن آخره بأطقم الأوانى والصينى وخلافه آخر مرة فتحته أو احتجت ما فيه كان إمتى؟! 

تقريبا. لا تتذكر، وأنا مثلك تماما، لكنها ثقافة تفرض على الأسرة عند تجهيز العروسين بضرورة وجود نيش مليان يقف كما فاترينة العرض بجوار السفرة ولابد على الشغالة من مسح زجاجه وتلميعه دون فتحه.. بين الحين والآخر.. ثقافة استعراض القدرة.. وانتظار عزومة كبرى.. قد لا تأتى!!

ولكن ما علاقة النيش وثقافته بالوضع الرياضى؟..

فى الحقيقة العلاقة وثيقة.. حتى بتنا نحتاج فعليا إلى اللعب فى النيش!

نعم ، مصر تمتلك العدد الأكبر من الاستادات والملاعب والصالات المغطاة الفخمة منها والمتوسطة.. وربما كانت مصر الأعلى توفيرا لهذه الصالات والملاعب بالقارة السمراء. لكنها ومع كل هذا؛ تشكو من قلة الملاعب وندرة فرص اللعب فى الصالات.. والسبب ثقافة النيش!!

سألت مسئولا بوزارة الشباب والرياضة عن العدد الإجمالى لثروة مصر الرياضية من البنية التحتية من ستادات وملاعب قانونية وصالات مغطاة، فلم يتوفر له الرقم بدقة.. النيش مليان عن آخره..

لكن المشكلة تبقى فى ضيق الممارسة وحجب الفرصة عن الشباب الراغب فى اللعب خصوصا فى ألعاب الصالات المغلقة بالضبة والمفتاح..

وفقط تفتح تقريبا حين تحتاج لصيانة وتلميع الوجه الزجاجى.. ولكن المشكلة الأكبر تبقى فى الضغط على ما هو خارج النيش..

الكام طقم المستخدم خارج النيش تم استهلاكه بلا رحمة حتى فقدت هذه الأطقم.. قصدى الملاعب.. رونقها ومظهرها وقيمتها.. ومنظرها يفضح.. ليس أمام الضيوف الناظرين للنيش بدهشة واستغراب.. ولكن حتى مع أهل البيت الذين زهقوا وقرفوا من ذات الأطباق المستهلكة والمعيبة فى العمق والأطراف بينما النيش مليان!!

هذا هو واقع حال ملاعبنا.. تسمع بعد كل مباراة للنادى الأهلى شكوى وصرخة السويسرى مارسيل كولر من سوء أرضية الملعب الذى يستخدمه عدد كبير من الأندية.. وعلت صرخة البرتغالى جيسفالدو فيريرا المديرالفنى للزمالك  كما لم يخف روى فيتوريا المدير الفنى للمنتخب امتعاضه من سوء حالة الملاعب وغادر التونسى نبيل معلول القاهرة بعدما قاد فريقه الترجى ضد الزمالك وهو لا يصدق حالة الملاعب المصرية!

الأمر جد صعب وعميق ومحبط ومحير.. ليس هناك الحد الأدنى من عدالة التوزيع فى استخدام الأوانى.. قصدنا الملاعب.. عدد كبير من الاستادات والصالات مغلق ولا يفتح إلا للصيانة والتلميع.. بينما البقية المستخدمة بلغت الحد الأدنى من الكفاءة وبات الوضع مزريا.. وخطرا يتسبب فى الإصابات الخطيرة وتساقط اللاعبين.. ولا أحد ينتبه..

خلال زيارتنا الأخيرة للمغرب وهى التى تسيطر على تنظيم العدد الأكبر من البطولات القارية والعالمية فى السنوات الأخيرة وعلى ملاعب ذات جودة عالية ومبهرة، حرصنا على استيضاح الأمر خصوصا وأن المغرب ليست كما الدول الخليجية النفطية التى تنفق على ملاعب الكرة بسخاء زائد ولزوم صناعة حضور عالمى ومجد على العشب الأخضر، فعرفنا أنه بتعليمات وتعيين من جانب القيادة العليا بالمملكة المغربية يختص شخص نافذ وأمين هو رجل الأعمال التطوانى عبد الملك أبرون نائب رئيس الحامعة الملكية لكرة القدم (نائب رئيس اتحاد الكرة فوزى لقجع) بملف البنية  التحتية بالاتحاد ومسئولته تأسيس وصيانة ومتابعة الملاعب وتطويرها وفقا لاعتمادات مالية ثابتة ودورية صيانة جادة  وميزانيات منضبطة ومراقبة وتحت إشراف إخصائيين وشركات دولية متخصصة.. هو ده الشغل. 

والحقيقة ولمواجهة الحالة الصعبة التى باتت عليها ملاعب الكرة المصرية لابد أن نضع فى اعتبارنا أن هناك صرفا كبيرا على صيانة هذه الملاعب.. لكنه وكما هو واضح صرف يحتاج للمزيد من المراقبة والتدقيق والانضباط.. والتخصص.. فلاتزال الفكرة لدينا أن المهندسين الزراعيين هم من يختصون بزراعة ومتابعة وصيانة وترقيع نجيلة الملاعب.. ولا نريد التعامل مباشرة مع شركات عالمية متخصصة فى هذا المجال..

ولم تعد مقبولة ولا مقنعة شماعة الطقس وطبيعة التربة والظروف المناخية التى يدفع بها البعض لتمرير الحالة المزرية للملاعب عندنا.. فهناك دول أشد حرارة وأخرى أعلى برودة من حالة الطقس المعتدل عندنا. ومع هذا تجد ملاعبهم فى أفضل حالة.. الفساد تحت العشب فى ملاعبنا!

ونظرا لإغلاق النيش. والاكتفاء بما خارجه من أطقم وملاعق.. وملاعب.. ستبقى الحالة هكذا.. انتظارا لعزومة كبرى.. أى بطولة عالمية.. قد لا تأتى (!!)..

نحتاج تحديد الاختصاصات وتكليف شخصية فاهمة وواعية وأمينة بمثل هذا الملف الأهم بحيث تتم معه الاستعانة بالخبرات العالمية فى هذا المجال وفتح الملاعب والصالات لتوسيع رقعة الممارسة وتنظيم المباريات الكبرى والبطولات القارية والدولية..

وتوزيع الجهد على الملاعب والاستادات المتاحة والمغلقة مع إجراء عمليات الصيانة والتنجيل من قبل شركات عالمية مختصة ومراجعة ومراقبة ومحاسبة ما تم من صرف على ملاعب مغلقة دوما للصيانة والفرجة!

مصر تملك العدد الكافى من الملاعب والاستادات والصالات. تحتاج للاستخدام الواعى والعادل..

كما تبقى ملاعب التدريب مشكلة كبيرة أمام المدربين فى معظم النوادى.. وهذه أزمة أخرى.. ولابد من اللعب فى النيش!

نحن ننفق الملايين على ملاعبنا.. ولكن اكشفوا عن ما تحت العشب الأخضر!!