رحلة الخديوي إسماعيل.. من المنفى في إيطاليا إلى الدفن في مصر

 الخديوي إسماعيل
الخديوي إسماعيل

الخديوى إسماعيل خامس حكام مصر من الأسرة العلوية الذى لفظ أنفاسه الأخيرة فى الساعة الثامنة وخمس دقائق من يوم السبت الموافق 6 رمضان سنة 1312 الموافق الثانى من مارس عام 1895 فى قصر «إميرجان» فى منفاه بإسطنبول بعيدا بعد خلعه عن العرش بفرمان من السلطان العثمانى تحت ضغط من إنجلترا وفرنسا فى 26 يونيو 1879.

وكان الخديوي إسماعيل غادر مصر على متن يخت «المحروسة» قاصداً نابولى ثم استقر فى «الآستانة» فى سراى بامبركون على ضفاف البوسفور عام 1888.

وفى أواخر عام 1894 أشتد عليه المرض وزاد حنينه إلى مصر فطلب الرجوع إليها ولكن طلبه قوبل بالرفض من قبل الحكومة المصرية برئاسة نوبار باشا، وفى العاشر من مارس 1895 وصلت الباخرة «توفيق ربانى» إلى ميناء الإسكندرية حاملة جثمان الخديوى إسماعيل لتشييع جثمانه إلى مثواه الأخير بمسجد الرفاعى بالقاهرة.

القصة تبدأ عندما أجبر الخديوي إسماعيل على التنازل عن عرشه لولده محمد توفيق باشا وسافر إلى إيطاليا ونزل ضيفا على ملك إيطاليا ولقد أمضى إسماعيل سنوات في إيطاليا كان فيها موضع إكرام.

 وسافر معه كثيرون من خاصته بينهم الأمراء وصفوة الأصدقاء من بينهم ابراهيم المويلحي ونجله محمد الأديب المعروف صاحب سيرة عيسى بن هشام، بحسب ما نشرته مجلة آخر ساعة في 1947.

ولقد عرض ملك إيطاليا أحد القصور الملكية على الخديوي فقال إنه يفضل ألا يربط نفسه في مكان واحد يوجد مكان واحد كنت مستعدا أن أربط نفسي فيه إلى الأبد يقصد مصر، وقال ملك ايطاليا أنه يرجو أن يعتبر الخديو أن إيطاليا وطنا ثانيا له.

وكانت الحاشية التي تصحب الخديوي إسماعيل تبذل كل ما في وسعها لترفه عنه وتنسيه أشجانه في الغربة وفي مقدمتهم الأمير حسين كامل وإبراهيم المويلحي.

ولقد حدث في يوم الكثير من النوادر والطرائف منها أنه كان معهم في الحاشية أحد الذين يعطف عليهم الخديوي ويرى أن مجيئه معه إلى إيطاليا تضحية كبيرة منه فقد كان الخديوي يقول عنه أن «فلانا» هذا ذكي وكان أحرى به أن يبقى في الوطن فقد كان خليفا أن يشق طريقه إلى أرقى المناصب.

وكانت هذه الفكرة تؤرق الخديوي فيرددها كثيرا وتضايق إبراهيم المويلحي فراح يتحين الفرصة حتى جاءت ذات يوم «فلان» هذا المشار إليه يشكو إليه من غرام كونتيسة إيطالية كانت تعامله وكأنها لا تحس به وكان فلانا هذا بالغ النحافة فقال له إبراهيم المويلحي ولماذا بربك تريدها أن تنظر إليك وتحبك وأنت ما أنت عليه من النحافة واصفرار الوجه . 

فسأله وما العمل فقال المويلحي أن اللحم لا يأخذ إلا من اللحم ولكي تكتسب نضارة وحمرة في وجهك ضع على خديك شريحتين من لحم « البفتيك» واربطهما عليهما مدة أربع وعشرين ساعة حتى يمتص وجهك ما فيها من لحم ودم .

ولم يكذب « فلان » الخبر فقد نفذ النصيحة واعتكف في حجرته بعد أن وضع شرائح البفتيك على خديه. وذهب المويلحي إلى الخديو فقال له : كنت دائما تقول ان فلانا ذكي وانك ظلمته إذا سمحت له بالقدوم معك فقال الخديوي نعم وإن ضميري والله ليؤنبني عليها فقال له المويلحي إذن تعال معي لترى ذكاءه وقصدا غرفة فلان وما ان شاهد الخديوي المنظر حتى أغرق من الضحك .

ولقد بقى الخديوي اسماعيل في إيطاليا حتى توفاه الله وكان كل ما يتمناه ان يرى أرض مصر فشاءت الأقدار أن يدفن فيها.