الكوليرا تنتشر في مالاوي..وندرة اللقاحات تشعل الأزمة

الكوليرا في مالاوي
الكوليرا في مالاوي

 تشهد القارة الإفريقية من آن لأخر، ازدياد حدة الأمراض والأوبئة نتيجة غياب التوعية الصحية وقلة الإمكانيات والموارد التي تسمح بمواجهة تلك الأمور الخطيرة.


مالاوي..ذلك البلد الواقع في جنوب إفريقيا، هو الأكثر تضررا حاليا في القارة السمراء جراء تمكن الكوليرا من سكانه حيث بلغ عدد الوفيات حتى الآن 1600 شخص إضافة إلى إصابة الآلاف.

اقرأ ايضا: «القاهرة الإخبارية»: إغلاق المدارس مع تزايد وفيات الكوليرا في مالاوي


وبحديث صحيفة لوموند الفرنسية، مع رئيسة بعثة منظمة أطباء بلا حدود هناك، أكدت ماريون بيتشاير أن إفريقيا تشهد زيادة هائلة في عدد حالات الإصابة بالكوليرا، فعشرة دول إفريقية تعاني من الأمر إضافة إلى وصول الكوليرا إلى أكثر من 30% من إجمالي عدد سكان القارة.


وعن أكثر الدول المتأثرة بالوباء، تأتي نيجيريا والكاميرون فقط في الغرب، أما وسط وشرق إفريقيا فهناك جمهورية الكونغو الديمقراطية، وبوروندي، وكينيا، وإثيوبيا، والصومال، وموزمبيق، وزامبيا، والصومال، ومالاوي بالطبع.


في مالاوي، أعلنت الحكومة الطوارئ الصحية مع إعلان إصابة 49.207 حالة و1564 حالة وفاة منذ مارس 2022، بصورة رسمية في تلك الدولة التي يبلغ عدد سكانها 20 مليون نسمة.


وعن أسوأ التحديات التي تواجه بعثة أطباء بلا حدود، تؤكد بيشاير أن نقص اللقاحات أمر يعرقل مساعيهم في مواجهة المرض المستفحل.


وبسؤالها عن وضع المرض هناك أكدت أنه وصل للذروة حيث يسجل ما يقارب 700 حالة جديدة يوميًا وبالرغم من انخفاض أعداد المرضى في بعض الأيام إلا أن القادم أسوأ نتيجة تساقط الأمطار بغزارة، فموسم الأمطار يمتد من نوفمبر إلى ابريل إضافة للأعاصير الأمر الذي يجعل من الأكر بيئة خصبة للأمراض والأوبئة. 


كما وجهت الصحيفة الفرنسية تساؤلا: "كانت منظمة أطباء بلا حدود حاضرة منذ بداية الأزمة، وانضمت إليها في أوائل فبراير فرق من منظمة الصحة العالمية ومنظمة إنقاذ الطفولة غير الحكومية. هل يمكننا القول أن الوضع تحت السيطرة؟".


أجابت بيشاير، أن جميع المقاطعات بالبلاد تأثرت بحلول منتصف فبراير، بينما تم السيطرة على اثنين منهم فقط حيث قامت هاتان المنطقتان الجنوبيتان، المتأثرتان تقليديًا، بتطعيم سكانهما جيدًا بين مايو وأكتوبر 2022 كإجراء وقائي، ويوفر هذا التطعيم الفموي بجرعتين حماية لمدة ثلاث إلى خمس سنوات. 

ضاعفت منظمة أطباء بلا حدود فرقها على الأرض للتعامل مع فتح مراكز علاج الكوليرا، خاصة مع انتشار الوباء من الجنوب إلى الشمال. كانت حكومة مالاوي قدمت على الفور طلبًا للحصول على لقاحات إلى مجموعة التنسيق الدولية (ICG)، التي تدير مخزونات الطوارئ العالمية، وبدأ التطعيم في مايو بمجرد استلام الجرعات الأولى، ولا سيما بتقديم الدعم اللوجستي. لكن هذا لم يكن كافيا لوقف تفشي المرض.

وطرحت لوموند سؤالا آخر، "لماذا يعتبر وباء هذا العام أكثر ضراوة، بينما كانت الكوليرا موجودة بشكل متكرر في البلاد منذ عام "1998؟


أجابت بيشاير "بأنه مزيج من عدة عوامل، بعضها معروف والبعض الآخر استثنائي، السبب الأول للتلوث هو عدم الوصول إلى مياه الشرب، ونقص البنية التحتية لمعالجة مياه الصرف الصحي، وحتى عدم وجود مراحيض في القرى. يجب أن تعلم أن مالاوي هي أفقر بلد في العالم ينعم بالسلام".


كما اضافت بأن الأزمة التي تسببت نتيجة وباء كوفيد، أدت إلى تدهور الوضع الاجتماعي والاقتصادي ومن ثم جاءت حرب روسيا وأوكرانيا الأمر الذي أدى إلى ارتفاع نسبة التضخم إلى 27% مع تخفيض قيمة العملة في يناير 2022، كما تعرضت مالاوي لإعصار آنا الذي دمر الكثير وجعل الفقراء أكثر فقرًا، وتدهورت الأوضاع الصحية وتزعزع الرعاية الطبية التي كانت تعاني من قبل من نقص تمويل.


والكوليرا هو مرض يسبب التهاب بالمعدة والأمعاء للشخص السليم أما من يعانون من مشكلات صحية أو سوء تغذية فيمكنها أن تتحول لمرض قاتل، حيث تسبب القيء والإسهال والجفاف، ويعتبر العلاج بسيط للغاية عن طريق الفم أو الوريد، الأمر الذي يجعل رؤية أشخاص يموتون بسبب الكوليرا أمرا مأساويا.


تساعد التغيرات المناخية على انتشار الكوليرا، فهطول الأمراض الغزيرة، وحدوث الأعاصير، من الأمور المهيئة لانتشار الأمراض المختلفة، تتواجد في مالاوي بحيرة تمتد بطول البلاد وتشترك معها فيها تنزانيا وموزمبيق، حيث تستخدم لري المحاصيل والغسل، الشرب والصيد وبكل آسف في قضاء الحاجة.


وبالرغم من أن مواجهة الكوليرا ليست أمرا صعبا، إلا أن ندرة الحصول على لقاحات هو الأزمة الحقيقية، فالإنتاج العالمي من اللقاحات غير كافٍ للغاية ويعتمد فقط على مصنع واحد بكوريا الجنوبية.


لمواجهة النقص في لقاحات الكوليرا، قررت منظمة الصحة العالمية في أكتوبر 2022 مراجعة استراتيجيتها للقاحات والتحول إلى جرعة واحدة لتتمكن من تحصين ضعف عدد الأشخاص، خاصة في المناطق التي تعاني من قلة وسائل الحماية المحلية وخصصت تلك المجهودات لمواجهة أمراض : كوفيد، وشلل الأطفال ، وفيروس نقص المناعة البشرية ، والحصبة ، إلخ.