شجون جامعية

روبوت الدردشةِ الذى حازَ الترِند

د. حسام محمود  فهمى
د. حسام محمود فهمى

الترِند Trend هو الحَدَثُ أو الخَبَرُ الأكثَرُ تداوُلاً ورَواجًا بين مُستَخدمى مِنَصاتِ التواصلِ الاِجتماعي.

ChatGPT (Chat Generative Pre-trained Transformer) هو روبوت محادثة Chatbot تَمَ تَطويرُه بواسطةِ المؤسسةِ الأمريكية البَحثيةِ OpenAI باِستخدامِ تقنياتِ الذكاءِ الاِصطناعى وأُطلِقَ فى نوفمبر 2022. تأسسَت OpenAI فى سان فرانسيسكو عام ٢٠١٥ على يدِ مجموعةٍ من ضمنِها إيلون ماسك Elon Musk (٥٢عامًا). مُنذُ طَرحِه تَجريبيًا، حَظى روبوت (تطبيقُ) الدردشةِ ChatGPT باِهتمامٍ واسعٍ بسببِ إجاباتِه السريعةِ والتفصيليةِ فى مَجالاتٍ مَعرفيةٍ عِدةٍ، على الرغمِ من أنه ما يزالُ غيرَ مُتاحٍ على أنظِمةِ Android و IOS.

مُحاكاةُ المُحادثةِ البشريةِ هى كلمةُ السرِ فى ChatGPT، فهو يُجيبُ على الأسئلة ويكتبُ النصوصَ والمقالاتِ والمُحاضراتِ، كما يُقدمُ نصائح فى مختلفِ المجالاتِ وكذلك يقدمُ شُروحًا خاصةً بمفاهيمٍ وتعاريف لمجالاتِ عملٍ مُتنوعةٍ. كما أن بإمكانِه الرد على اِستفساراتِ المستخدمين والعملاءِ والترجمةِ بالإضافةِ إلى حلِ المعادلاتِ الرياضيةِ والمساعدةِ فى حلِ مشكلاتِ البَرمجةِ، وغيرِه كَثيرٍ. وفى نهايةِ المحادثةِ قد يطلبُ تَقييمًا من المُستخدمِ، ليقومُ بالتدَرُبِ والتَعلُّمِ والحِفظِ. لكن بما أنه ما يَزالُ فى مَرحلةِ الاِختبارِ فإن بعضَ إجاباتِه قد تكونُ قديمةً لا تتَخطى عام ٢٠٢١.

شَكلَ صعودُ ChatGPT والإتجاهُ نحوَه للحصولِ على إجاباتٍ مع قدراتٍ تفاعليةٍ، تهديداً لمملكةِ Google ووضَعَ الشركةَ فى حالةِ تحفزٍ لتطويرِ روبوت المحادثة الخاص بها Bard. ويظَلُ السؤالُ هل يستطيعُ أن يَحلَ محلَ مُحركِ البحثِ Google؟

قيامُ ChatGPT بمَهامِ بفاعليةٍ وسرعةٍ، أوقعَ القلقَ فى قُلوبِ أصحابِ مِهنَِ كتابةِ المُحتوى والبَرمجة وكتابةِ المقالاتِ وغيرِها. لكن هل يُمكنُ أن تُضاهى هذه التقنيةُ القُدراتِ البَشريةِ؟ من اللازمِ مَعرفةُ أن هذه الأداةَ قد تَكونُ سِلاحًا ذا حَدين إذ يُمكِنُ الاستفادةُ منها فى حالِ بَقِيَت فى إطارِ المُساعدِ للبَشرِ، إلا أنه من الواردِ أن تعُطى نتائج خاطِئةً. ChatGPT وغَيرِه من روبوتات الدردشةِ قادرٌ على الاِتصالِ بالصحافةِ ووسائلِ الإعلامِ إذ يُمكِنُ اِستخدامِه لإنشاءِ قِصَصٍ إخباريةٍ أو مَقالاتٍ، مما يُحَرِرُ الصَحفيين للتَركيزِ على جَوانب أخرى من عَملِهم.

وقد قَيَمَت دراساتٌ قدرةَ ChatGPT على أداءِ مَهام مَعرفيةٍ عاليةِ المُستوى وأثارَت هذه القدرةُ مَخاوِف بشأنِ الاِستخدامِ المُحتَملِ كأداةٍ لسوءِ السلوكِ الأكاديمى وفى الاِمتحاناتِ عَبر الإنترنت. لذا فإنه من الضَرورى وضعُ اِستراتيجياتٍ لمُكافحةِ خَطَرِ الغِشِ باِستخدامِ هذه الأدواتِ، كما يَجبُ أن تكونَ المؤسساتُ التَعليميةُ والبحثيةُ على دِرايةٍ بالتدابيرِ اللازمةِ لمنعِ اِستخدامِه كأداةِ غِشٍ.

المُسآءَلةُ هى إحدى القضايا الأخلاقيةِ والقانونيةِ التى تُثارُ، فهناك قلقٌ من اِمكانِ اِستخدامِ هذه الروبوتات لإنتاجِ معلوماتٍ مُضَلِلةٍ أو ضارةٍ يَصعُبُ تَمييزُها عن المُحتَوى الحَقيقى الصحيحِ، وهو ما يؤدى إلى اِنتِشار الخُلاصاتِ البَحثيةِ المُزَيَفةِ والمَعلوماتِ الضارةِ. من يُساءَلُ إذن؟ الإجابةُ المَنطِقيةُ هى من اِستَخدَمَه، لكن إذا كانَ اِستخدامُه بحُسنِ نيةٍ أو بثِقةٍ فى قدراتِه، كيف تكونُ المُساءَلةُ؟

على سبيلِ التَجرُبةِ وجَهتُ عددًا من الأسئلةِ لروبوت الدردشة ChatGPT من خلال واتساب WhatsApp، فسألته بالإنجليزيةِ عن مزاياه وعيوبِه وبالعربيةِ عن جريدةِ الأخبارِ المصريةِ، وكانَت إجاباتُه مُرضِيةً.

تُعطى أفلامُ الخيالِ العلمى الروبوتاتِ قُدُراتٍ خارقةٍ لعبَت دورًا كبيرًا فى التهويلِ من اِمكاناتِها. هل يُجارى الروبوت إحساسَ الإنسانِ ونِكاتِه؟ قطعًا لا لكن إعادةَ توزيعِ الأدوارِ بين الإنسانِ والآلةِ لا مفرَ منه. بعد أن أثقَلت علىChatGPT يبدو أنه زَهَّقَ فطلَبَ منى اِشتراكًا شهريًا سبعة دولارات!! سَكَت الكلامُ.
اللهم لوجهِك نكتبُ علمًا بأن السكوتَ أجلَبُ للراحةِ وللجوائز.

أستاذ هندسة الحاسبات بجامعة عين شمس