عاجل جدًا

هبوط الكورنيش .. والنوات الشتوية

غادة زين العابدين
غادة زين العابدين

هل النوات الشتوية غريبة عن مدينة الإسكندرية، وهل مخاطرها وعواقبها وطرق الاستعداد لها، غائبة عن أذهان المسئولين فى المدينة.

تعجبت كثيرا حينما خرج علينا المتحدث باسم وزارة الرى ليؤكد لنا أن زلزال تركيا برئ من حادث الهبوط والتصدع الخطير الذى أصاب كورنيش سيدى بشر، وتسبب فى تهدم جزء من الأرضية، وإنشقاق الرصيف بطول٢٠ مترا، وأن المتهم الحقيقى وراء كل هذا الدمار هو نوة «الكرم» بأمطارها الغزيرة وأمواجها العاتية!!

 لو كان الزلزال السبب، لقلنا أنه كارثة طبيعية لا يمكن التنبؤ بها أو منعها، لكن نوات الإسكندرية بأمطارها وأمواجها، هى ظاهرة موسمية معروفة ترتبط بطبيعة المدينة، ولها جدول ومواعيد يحفظها كل أهالى الإسكندرية عن ظهر قلب ، والهبوط الأرضى الذى حدث لم يكن الأول ، ففى الشهر الماضى حدث هبوط أرضى بـكوم الدكة ،وكان المتهم وقتها هو نوة «الفيضة الكبرى» بأمطارها الغزيرة وموجاتها العاتية.

وفى نوفمبر الماضى شهد شاطئ سيدى بشر أيضا آثارا مدمرة، ونسبها مسئولو المحافظة وقتها لنوة «المكنسة»، التى تسببت فى هبوط الأرض ،و تهدم السلم المؤدى إلى الشاطئ، بسبب نحر الرمال أسفله.

وقبلها بأعوام قليلة تكررت الظاهرة على كورنيش المندرة مع خروج المياة للشارع وجرف الرصيف، وكان المتهم أيضا واحدة من النوات «الشقية».

فظاهرة النوات وما يصاحبها من أمطار وأمواج عاتية، هى ظاهرة معروفة وعواقبها متوقعة، من نحر للرمال، وتآكل للشواطئ وهبوط أرضى متكرر، وبالتأكيد يمكن تجنب هذه المخاطر أو على الأقل الاستعداد لها بالحواجز والمصدات وغيرها ، لكن الغريب أن المسئولين دائما يتفاجأون بالكارثة، ويكتفون بإطلاق نفس تصريحاتهم «المعلبة»، من عينة، رفع درجة الاستعداد القصوى لمواجهة الأمطار غير المسبوقة، وتكليف رؤساء الأحياء بتكثيف التواجد الميدانى على مدار الساعة، ورصد أى حالات طارئة للتعامل الفورى، وانعقاد مستمر لغرفة العمليات لمواجهة الأزمات واستقبال الشكاوى.

والحقيقة أن النوات العنيفة ليست السبب الحقيقى فى تكرار هذه الحوادث ، لكن عدم الاستعداد المسبق لها هو السبب، وهذا ما كشفه د.طارق عثمان عميد معهد علوم البحار بالاسكندرية ، حينما أكد فى تصريحات له عدم وجود مصدات وحواجز، مع استخدام مواد غير مطابقة فى أعمال الكورنيش، وأكد أيضا أن الحل هو إنشاء مصدات، واستخدام أسمنت خاص بمقاومة عوامل التآكل والتعرية خاصة فى الأماكن التى لايوجد بها حواجز، ومراعاة اشتراطات الأعمال على الكورنيش وطبيعتها، وأن تكون الخامات المستخدمه مطابقة للمواصفات والتغيرات المناخية حتى لا نفاجئ بأزمات أكبر مما حدث.

لا أعرف.. لماذا يصر المسئولون على الاكتفاء بمنهج رد الفعل فى مواجهة الأزمات بدلا من الاستعداد لها بأساليب علمية، لماذا لا يستعينون بآراء الخبراء، فى وضع خططهم التنفيذية، لمواجهة الكوارث قبل وقوعها؟.

أتمنى أن يغير المسئولون فكرهم، قبل أن تفاجئهم نوة الحسوم القادمة!!