زلزال شرق المتوسط| 103 آلاف ضحية ومصاب.. اصرخ لنعلم أنك مازلت حيا |صور وفيديو

صورة من كارثة زلزال شرق المتوسط
صورة من كارثة زلزال شرق المتوسط

◄| رئيس حزب سوريا أولا لـ «بوابة أخبار اليوم»: كارثة سوريا أكبر مما كٌشف وهناك أبعاد ونتائج أكثر إيلاما تتكشف كل ساعة

◄| عضو مجلس شعب سوري لـ «بوابة أخبار اليوم»: الأمم المتحدة لم تكن على المستوى المطلوب في تعاطيها مع الكارثة السورية

◄| نائب مدير الأكاديمية العسكرية العليا بسوريا سابقا لـ «بوابة أخبار اليوم»: اتصال الرئيس السيسي استقبلناه بحجم الزلزال.. وندرك أهمية مصر

◄| نائب سابق عن حزب العدالة والتنيمة التركي لـ «بوابة أخبار اليوم»: الوقت ليس وقت سياسة والكارثة ثقيلة جدا

◄| رئيس المعهد التركي العربي الإفريقي للدراسات الاستراتيجية بأنقرة لـ «بوابة أخبار اليوم»: اتصال مصر للتعزية رسالة مهمة تعكس عمق الأخوة والمسؤولية الإنسانية والأخلاقية للقيادة المصرية

 

تقرير - أحمد الشريف

الحياة ليست عادلة، فلتعود نفسك على ذلك، في المدرسة يعلمونك الدرس ثم يختبرونك، أما الحياة فتختبرك ثم تعلمك الدرس، قد تقصر الحياة وقد تطول، لكن كل شئ يظل مرهونا بالطريقة التي نحياها بها.. وفي يوم الإثنين الماضي الموافق 6 فبراير، كان العالم أجمع مع درس قاسي أنتفضت له الإنسانية كلها حيث تعرضت منطقة شرق المتوسط لزلزال كارثي وبالتحديد في سوريا وتركيا، تخطت حصيلة ضحاياه – حتى كتابة هذه السطور – حوالي 23 ألف ضحية، فيما تخطى عدد المصابين نحو 80 ألف شخص، في حصيلة مرشحة للزيادة.

اصرخ لتعلم أنك مازلت حيا، وأن الحياة على هذه الأرض ممكنة.. وربما مازالت صراخات مواطني البلدين تتعالى حتى الآن تحت الأنقاض، في ظل حجم الكارثة التي فاقت تداعياتها قدرات البلدين، ولأن الإنسانية تحتاج لأن نبرهن عليها في كل لحظة، لبت دول العالم نداءات الإستغاثة في محاولة لتقليل حجم الخسائر وعدد الضحايا والمصابين، خاصة أننا أمام أزمة إنسانية كبرى من شأنها التسبب بأضرار تنضاف إلى ما خلفه الزلزال، حيث تبدي المنظمات الإنسانية مخاوفها من تفشي الأمراض المنقولة عبر المياه مثل الإسهال والدوسنتاريا، بالإضافة إلى وباء الكوليرا الذي عاود بالفعل الظهور في سوريا.

نكبة وروح وطنية
سلمان شبيب سوريا رئيس حزب سوريا أولا
، قال إن «الكارثة التي أصابت سوريا أكبر مما كٌشف أو وُصف حتى الآن، مشيرا إلى أن هناك أبعاد ونتائج أكثر إيلاما تتكشف كل ساعة، وأعداد الضحايا مع الأسف أكبر من المعلن، وتزداد نتيجة تعذر انقاذ المحاصرين تحت الأنقاض لضعف الخبرة والامكانيات، وأعداد المُهجرين في ازدياد نتيجة كشف انهيار بنايات جديدة أو اكتشاف تصدعات في أعداد كبيرة أخرى، مبينا أن كل ذلك في بلد انهكته الأحداث والحصار والعقوبات والعزلة المفروضة عليه، وأنه يفتقد إلى كل عوامل مواجهة مثل هذه النكبات التي تفوق إمكانيات سوريا الضعيفة بكثير».

 

وأضاف رئيس حزب سوريا أولا، في تصريحات خاصة لـ «بوابة أخبار اليوم» عبر الهاتف من دمشق، أن «أكثر ما لفته في الأزمة الروح الوطنية العالية التي أبداها الشعب السوري بكل مناطق تواجده واندفاع الناس للمساعدة ومحاولة انقاذ المحاصرين في أكثر الأحيان بأيديهم، رغم الظروف الجوية القاسية، مشيرا إلى أن الشباب السوري منذ الكارثة وهو في سباق مع الزمن لإنقاذ أرواح بريئة وعائلات كاملة تحت الانقاض، ورغم الظروف الاقتصادية الصعبة التي يمر بها أغلب السوريون لكن الناس اندفعت لتقديم كل ما تملك من موارد وإمكانيات لأهلنا المتضررين، مشددا على أنه لقد تجلت وحدة الشعب السوري وأصالته في هذه النكبة بأبهى صورة، وتبقى بعض المشاهد  الإنسانية المؤلمة والمعبرة مثل الطفلة التي ولدتها أمها وهي ميتة، والطفل الذي حماه أبوه بجسده وهو ميت، والطفلة الصغيرة التي كانت تحتضن أخوها وتحمي رأسه بيدها وغيرها الكثير».

 

ولفت إلى أن «الحكومة السورية منذ الساعة الأولى كانت بحالة استنفار وتعمل بإمكانيات وخبرات متواضعة جدا لمواجهة الكارثة وكما أسلفت سوريا بلد بالأصل منهك ومنكوب بعد أكثر من 11 عاما من الأحداث والحصار والعقوبات ولا تستطيع مواجهة كارثة مروعة بهذا الحجم، مستطردا أنه لديهم انتقادات كثيرة لبعض جوانب عمل الحكومة وخاصة أسلوب طلب المساعدات الذي نعتقد أنه تأخر كثيرا أو للتغطية الإعلامية وغيرها، لكن بشكل عام إمكانيات الدولة كلها بما فيها الجيش استنفرت ووضعت لمواجهة الكارثة وتداعياتها.»

 

وأكد سلمان، أنه «لا نملك إلا توجيه الشكر والامتنان لكل الدول والشعوب التي تعاطفت معنا وقدمت وتقدم الدعم لبلدنا وخاصة الشقيقة الكبرى مصر، وأنا منذ الساعات الأولى قلت بأننا نراهن على موقف الأشقاء وخاصة مصر وأننا على ثقة أن سوريا لن تترك وحدها، وقد بادر رئيس مصر بالاتصال بالرئيس السوري لتأكيد وقوف مصر بكل إمكانياتها مع سوريا، وكان هناك اتصالات مماثلة من عدد من الزعماء العرب مما ترك أثرا إيجابيا كبيرا عند الشعب السوري، وبدأت المساعدات المصرية والعربية والدولية تصل تباعا، ونأمل أن تزداد في الأيام القادمة لأن الكارثة كبيرة جدا وكما أسلفت أبعادها الحقيقية لم تتكشف بعد وهي هائلة ومروعة، لكن ما ينتظره السوريون من الأشقاء العرب ومن كل دول وشعوب العالم وهو أهم من العواطف والمساعدات والتضامن هو رفع الصوت والمطالبة برفع الحصار الجائر والعقوبات الظالمة المفروضة على سوريا وشعبها من قبل أمريكا وأوروبا وغيرهم، ونأمل من الأخوة العرب المبادرة إلى كسر هذه الحصار».

الحصار يفاقم الكارثة
من جانبه، دعا مهند الحاج علي عضو مجلس الشعب السوري عن مدينة حلب، في البداية بالرحمة لكل الشهداء والضحايا، معربا عن تعازيه الحارة لكل الضحايا في سوريا وتركيا، مضيفا أن المشاهد التي يندي لها الجبين كانت عناصر الدفاع السوري وعناصر الجيش العربي السوري التي كانت تؤازرها وعناصر الإنقاذ التي لم تكن تملك أي معدات نتيجة الحصار الاقتصادي على سوريا، وكانت تقوم بالحفر وانتشال الضحايا من تحت الأنقاض باستخدام المعاول والمعدات البدائية، لافتا إلى أن سوريا عانت من الحرب لمدة 11 عاما وبالتالي جميع المعدات تم حرقها أو سرقتها من جماعات الإرهاب، ونتيجة الحصار الاقتصادي لم تستطيع الدولة السورية ترميم هذا النقص، لذلك كانوا يستعملون الأيادي والمعدات البدائية، ولذلك كان المشهد يندوا له الجبين، مشددا على أنه لولا الحصار على سوريا كنا سنملك المعدات للتعامل مع الواقعة دون الوصول إلى عدد الضحايا لهذا الرقم.

 

وعن تعاطي الحكومة السورية مع الكارثة وتداعياتها، قال عضو مجلس الشعب السوري، في تصريحات خاصة لـ «بوابة أخبار اليوم» عبر الهاتف من دمشق، إنه «منذ صباح اليوم الأول للواقعة عقد الرئيس السوري لقاء حكومي وقام بتوجيه كل إمكانيات الدولة السورية للمحافظات المتضررة سواء للمساعدة في عمليات الإنقاذ أو الانتشال بالإضافة إلى ذلك معدات الإخلاء والإيواء، ومؤسسات الدولة فورا أمنت السكن البديل لهؤلاء، وهو مجهود كبير في بلد يتعرض لحصار اقتصادي كبير، وبالتالي رأينا أن وزارة الخارجية السورية بعد عدة ساعات وجهت نداء استغاثة لكل الأمم الشريفة والأمم المتحدة، واستوقفنا أن الأمم المتحدة لم تكن للآن على المستوى المطلوب في تعاطيها مع الأزمة السورية وكأن الشعب السوري ليس بالشعب المهم الذي يجب أن تكترث به الأمم المتحدة ومؤسساتها ومؤسسات الاغاثة، كما أن الهلال الأحمر السوري وجه أيضا نداء بسبب نقص المعدات ونقص التمويل والمستلزمات اللازمة لإخلاء السكان وتأمينهم ضمن السكن البديل، لذلك بصراحة هناك عتب كبير على المجتمع الدولي ومنظمة الأمم المتحدة».

 

وأضاف أن «مدينة حلب وهي من المدن المتضررة الكبرى جراء هذا الزلزال عانت 11 عاما من عدوان الجماعات الارهابية المسلحة نتيجة القصف المستمر بقذائف الهاون على أحياء المدينة، وهناك العديد من الأبنية المتضررة منذ عام 2012 إلى عام 2016 خاصة في الأماكن العشوائية ليأتي هذا الزلزال ليزيد الطين بلة، وهذا ما نلاحظه من خلال تصدع عدد كبير من الأبينة وانهيارها حتى بعد أيام من الزلزال، لذلك هناك حجم عمل كبير الآن مطلوب إخلاء الأحياء وانتشال الجثامين وإسعاف الجرحى وتأمين مأوى للمشردين الذين فقدوا بيوتهم، ثم سيتبع ذلك عملية كبيرة من رفع الركام وإعادة بناء هذه الأبنية وإعادة الخدمات إليها».

تضامن عربي
ورفع مهند، القبعة للتضامن العربي، لافتا إلى أن «العديد من السوريين تفاجأوا من هذا الكم الكبير من التضامن العربي، حيث أنه منذ الساعات الأولى وكان هناك المنظمات الشعبية والمجتمع المدني التي وجهت نداء استغاثة إلى حكوماتها ورأينا حكومات لم تكن تتواصل مع سوريا سابقا نتيجة بعض المواقف السياسية، هرعت فورا وبدأت في إرسال المعدات والمعونات إلى سوريا نذكر منها مصر الأبية التي تربيط بيننا وحدة حال، بالإضافة إلى الجزائر وتونس وحتى دول الخليج والعراق، مشيرا إلى أن مصر فتحت جسرا جويا مخترقة بذلك الحصار الاقتصادي على سوريا معرضة نفسها ولهذه الشركات الناقلة إلى عقوبات أمريكية، ولكن اليوم الواجب الإنساني والأخلاقي يطغى على كل شئ، من هنا يأتي هذا التضامن العربي الذي يكسر هذا الحصار الاقتصادي على سوريا، ويمد يد العون للسوريين، حتى لبنان الذي يتعرض لضائقة مالية كبيرة وجه فرق إنقاذ إلى سوريا بالإضافة إلى روسيا والهند وباكستان والصين وإيران والبرازيل وفنزويلا كلهم وجهوا طائراتهم لتقديم الدعم».

 

وأكد أنه «نحن كعرب أشقاء وتجمعنا وحدة اللسان والتاريخ، وبالتالي هذا هو المرجو والمأمول من كل الشعوب العربية، ونوجه نحن بدورنا كسوريين كل التحية لكل الشعوب العربية وخاصة مصر الأبية التي كسرت هذا الحصار على سوريا وكان هناك اتصال هاتفي بين الرئيس عبد الفتاح السيسي والرئيس بشار الأسد، وعلى إسره مباشرة تم ارسال طائرات تحمل معدات إغاثية إلى سوريا، متمنيا في المستقبل القريب بعد أن نتجاوز هذه المحنة العصيبة أن تستمر هذه العلاقات، مضيفا أنه بالنسبة لمصر تحديدا هناك علاقات مع سوريا لم تنقطع إلا فترة سيطرة الإخوان على مصر، بل كان دائما تنسيقا أمنيا بين البلدين خاصة حينما كان الجيش المصري يحارب داعش في سيناء، وبالتالي كان لابد من تعاون أمني وتبادل معلوماتي استخباراتي، بالإضافة إلى ذلك أن مصر احتضنت المُهجرين السوريين ولم تعاملهم أبدا معاملة بعض الدول ووضعتهم في خيم، بل عاملتهم كمواطنين مصريين ونوجه كل التحية لمصر على دعمها ووقوفها بجانب الشعب السوري».

مأساة كارثية
اللواء محمد عباس نائب مدير الأكاديمية العسكرية العليا بسوريا سابقا
، بدوره، أكد أن «المأساة لا يمكن وصفها خاصة وأن الشعب السوري يعيش مأساة طويلة استمرت حوالي 11 عاما، نتحدث الآن عن مأساة كارثية بأربع محافظات حلب وحماة واللاذقية وطرطوس وأدلب، مساحات التدمير كبيرة جدا معاناة الشعب السوري قاسية الطرقات مقطوعة حيث لا يمكن الوصول لكل المناطق هناك صعوبات في وصول فرق الانقاذ، وخاصة أن عدد الفرق قليل مقارنة بالمهام المطلوبة ولا ترقى إلى مستوى أن تكون قادرة على رفع الأنقاض وإزالة الركام والبحث عن الناجين، كما أن الوسائط الفنية غير متوفرة على الاطلاق لا توجد تكنولوجيا، وربما الروافع الكبيرة قد تكون غير قادرة على التعامل مع ما تشهده الأرض أو تجاوز الأبنية العالية التي تهدمت وبالتالي حتى الروافع الصغيرة لا تستطيع أن تقوم برفع هذه الأوزان الكبيرة من الركام وغيره، مشيرا إلى أن المأساة تزامنت أيضا مع عاصفة مطرية وثلجية ورياح عاتية مع انقطاع الكهرباء في الشوارع، وأيضا لا توجد وسائل إنارة داخل البيوت وعندما غادر الناس البيوت ونزلوا إلى الشوارع كان كل شئ في ظلام مع مطر غزير وهو شيء مؤلم تعرض له الشعب السوري».

 

وتابع نائب مدير الأكاديمية العسكرية العليا بسوريا سابقا، في تصريحات خاصة لـ «بوابة أخبار اليوم» عبر الهاتف من دمشق، أنه «رغم حجم أرقام الضحايا والمصابين إلا أن الرقم الضخم لم يصل حتى الآن، حيث أن فرق الإنقاذ لم تتمكن من الوصول إلى عدد كبير من المناطق، وهناك أبنية كثيرة مازال هناك مواطنون تحت أنقاضها، وبالتالي حتى نصل إلى الرقم الحقيقي نحتاج أسبوع أو أكثر، وبالتالي فنحن في سباق مع الزمن حتى نعرف الذي جرى بالضبط، خاصة أن هناك قرى وبلدان في اللاذقية طرقاتها مقطوعة، مشيرا إلى أن هناك تلاحم شعبي مجتمعي بالمحافظات السورية كلها وقامت مبادرات محلية كبيرة من المحافظات غير المتضررة في درعا ودمشق والسويداء وجمعت التبرعات والمساعدات العينية ووصلت إلى عدة مليارات في أقل من 3 أيام وأيضا اندفاع كل المؤسسات الخاصة والعامة وهناك دور كبير للجيش والدفاع المدني في تنفيذ مهام الاخلاء، كما أن المواطنين تلاحموا وفتحوا المساجد والكنائس لاستقبال المتضررين، أضف إلى ذلك مراكز الإيواء، لكن اللافت هو حجم الأضرار الكبير جدا الذي لم نواجه مثيلا له من قبل، والعجز الذي واجه فرق الانقاذ أمام عدد الضحايا والمصابين وهم يسمعون الصراخ والأنين من داخل الأبنية».

 

وأشار إلى «الجهود التي بذلتها الحكومة السورية، مبينا أنه تم على الفور اتخاذ إجراءات ضمن مجموعة عمل أو مجموعة الطوارئ للتدخل السريع ووزعت المهام كما هو مخطط لمواجهة هذا النوع من الكوارث، وتم استنفار كافة الجهود الوطنية العامة والخاصة، وحددت منطقة العمليات ووجهت فرق الانقاذ والمعدات المتوفرة وهي قليلة جدا، مشددا على أن الدولة السورية وضعت كل الإمكانات المتوفرة لديها، لكن هذه الامكانات الحرب نالت منها الكثير ومعظم وسائط الدفاع المدني التي كانت منتشرة في محافظات السورية تم تدميرها بشكل ممنهج من قبل الإرهابيين، لافتا إلى أن الدولة السورية من المؤكد أنها منهكة وفي حالة مواجهة لحصار وإجراءات قصرية وخانقة تمنع وتعرقل أي عمل ستقوم به لتجاوز الحالة الراهنة وتداعيات الزلزال الكارثي، مستنكرا ما صرحت به القيادة الأمريكية بأنها لن تسمح بإعادة الإعمار، لافتا إلى أنه نجد هنا المقياس الغربي المزدوج الكريه عندما يتحدثون عن البعد الإنساني وأنهم يقفون مع الشعب السوري ثم يصرحون بمثل تلك التصريحات، مبينا أن الشعب السوري الآن هو الذي يواجه هذا الخطر والتهديد، مضيفا أنه يجب على المجتمع الدولي أن يقف أمام ذاته اليوم ويقرأ بشكل دقيق وصحيح إن كانت هذه الدول تتجه فعلا لمواجهة التهديدات التي تواجه الإنسانية في ظل أن الشعب السوري الآن هناك مئات الألوف منه تحت الأنقاض والزمن المتبقي قصير جدا لمواجهة هذا التهديد الذي يحيق بهم».

اتصال بحجم الزلزال
وعن التضامن العربي، أكد أن «اتصال الرئيس عبد الفتاح السيسي مع نظيره السوري بشار الأسد، شاهدناه بحجم الزلزال، مشيرا إلى أن تعود مصر إلى سوريا وسوريا إلى مصر، هو ليس زلزال بل يطمأن من الزلزال، وهذا يعني أننا استبشرنا كل الخير واشراقة أمل بأن مصر لن تكون إلا مع سوريا، ولن تكون إلا في موقعها الصحيح في قلب سوريا، وندرك تمام دور مصر وأهمية مصر ومكانتها في قلب كل مواطن سوري كما هي سورية في قلب كل مواطن مصري، هذا من ناحية، من ناحية أخرى نستطيع التأكيد أن التضامن العربي سيكون بادرة خير يمكن له أن يعيد المياه إلى مجاريها، ويمكن للبعد الإنساني الذي تجلى في هذه الاتصالات أن يتجاوز البعد السياسي وأن يعيد الأمور إلى نصابها ويدرك أخوة يوسف أن يوسف هو منهم وأنه أخوة له، مستطردا أنهم في حاجة إلى تضامن عربي فاعل يقف مع سوريا لمواجهة هذا التهديد الكبير في ظل عشرات الألوف الذين يواجهون المجهول تحت الأنقاض، مناشد كل من يعتقد أنه معني بالقيم الإنسانية أن يمدوا يد العون إلى سوريا، متسائلا لماذا تركيا فقط؟، حيث أن العالم كله يتجه نحو تركيا، هل الإنسان في تركيا يختلف عن الإنسان في سوريا، فنحن هنا في سوريا لا نقيم تلك الاختلافات فنرى أن الإنسان في تركيا مثله مثل الإنسان في سوريا، ولكن هذه الإزدواجية والنفاق الذي يمارسه الغرب كشف عن سوأته، لكن بشكل عام هناك تضامن دولي وهناك دول قدمت يدها ومساعدة لتجاوز المحنة».

 

ضحايا تركيا في ازدياد
أما عن المأساة في تركيا، قال رسول طوسون النائب السابق عن حزب العدالة والتنيمة التركي، إن المأساة أكبر من الأرقام المعلن عنها بحيث الدمار الذى يشمل 10 مدن كبيرة يبلغ عدد سكانها ١٤ مليون نسمة، لافتا إلى أن المناطق المنكوبة تساوى مساحتها مساحة انجلترا، وللأسف الشديد لم تصل فرق الانقاذ إلى كل المبانى المنهارة، لذلك توقعات الخبراء في اتجاه ارتفاع الضحايا والمصابين، موضحا أنه لشدة الزلزالين وكثرة الهزات الارتدائية وسعة المنطقة المنكوبة أعلنت الحكومة التركية المستوى الرابع الذي يستدعى المساهمة الدولية، حيث لا توجد دولة في الأرض تستطيع أن تواجه مثل هذه الكارثة لوحدها.

 

وفيما يتعلق بتعامل الحكومة التركية مع الحادث، قال النائب السابق عن حزب العدالة والتنيمة التركي، في تصريحات خاصة لـ «بوابة أخبار اليوم» عبر الهاتف من أنقرة، إنها «كانت تعيش استعدادا كاملا لمواجهته بيد أن الزلزال كان يفوق الاستعدادات كلها، مشيرا إلى أنه من الساعة الأولى للزلزال كانت الحكومة موجودة فى المنطقة بكل امكاناتها ومؤسساتها حيث توزع الوزراء إلى المنطقة لتنسيق البحث والانقاذ وإدارة الأزمة، ولكن مع كثرة المبانى المدمرة وسعة المنطقة مع شدة الشتاء ونزول المطر والثلوج والبرد القارس والدمار فى الطرق، كل ذلك كان يمنع وصول الإمدادات إلى أهلها، لذلك لم تستطع فرق الإنقاذ الوصول إلى كل المناطق، وبطبيعة الحال لبت قرابة 80 دولة نداءات الاستغاثة وإعلان المستوى الرابع لتساهم فى تخطى الكارثة».

 

ولفت إلى أنه «حوالي ٨٠ ألف عنصر شارك ولا يزالون يشاركون في عملية الإنقاذ والبحث، سواء موظفين أو مدنيين أو متطوعين وعسكريين، كما قدم من عدة دول حوالى أربعة آلاف متطوع لتقديم يد العون، منها الدول الشقيقة والصديقة مثل أذريبجان وقطر ومصر والسعودية والعراق وغيرهم».

 

وشدد على أن الكارثة ثقيلة جدا وتركيا تشكر كل دولة تمد يد المساهمة، مؤكدا أن الوقت ليس وقت سياسة، بل تضامن وتعاون ومساهمة ومواجهة المأساة كتفا إلى كتف.

مأساة 18 مليون تركي
د. محمد العادل رئيس المعهد التركي العربي الإفريقي للدراسات الاستراتيجية بأنقرة وأستاذ العلاقات الدولية والتخطيط الاستراتيجي في جامعة جليشيم إسطنبول، قال إنه «لاشك أن الزلزال كارثة كبيرة تتجاوز حدود أي بلد، وهي كارثة تاريخية ونتوقع أن يكون لها تداعيات جولوجية على كل المنطقة في ظل أن كل القراءات تشير إلى ذلك، لافتا إلى أن هناك 10 ولايات بخلاف ولايات مجاورة تأثرت بالزلزال وهذا يعني تأثر حوالي 18 مليون شخص ما يمثل 18% من إجمالي سكان تركيا، والتوقعات تشير إلى أن عدد الضحايا قد يفوق الـ 20 ألف ضحية وهذا يعكس حجم الكارثة».

 

وأوضح رئيس المعهد التركي العربي الإفريقي للدراسات الاستراتيجية، في تصريحات خاصة لـ «بوابة أخبار اليوم» عبر الهاتف من أنقرة، أن «الـ 10 ولايات حدث بها دمار كامل في المرافق العامة والمستشفيات والمدارس والجامعات وشبكات الكهرباء والطرق والسكك الحديدة وبعض المناطق الصناعية، لهذا السبب مرافق الحياة الأساسية للمواطنين حدث بها شلل كامل، وهذا يحتاج إلى عمل جبار في إعادة البناء واستعادة الحياة، لا شك أن تركيا دولة كبيرة وقوية، لكن هذا المصاب الجلل لا يمكن لأي دولة في العالم أن تكتفي بجهودها وقدراتها الوطنية فقط خاصة فيما يتعلق بفرق الإنقاذ، ومناشدة تركيا للمجتمع الدولي لأنها كانت تتصارع مع الزمن في ظل احتياجها لفرق الإنقاذ من جميع أنحاء العالم، لأن الأربع أيام الأولى هي المفصلية في إنقاذ ما يمكن أنقاذه، مشيدا بالتفاعل الدولي الكبير حيث تم إرسال فرق إنقاذ من أكثر من 60 دولة، ومئات من المتطوعين من الشباب التركي وغيرهم».

 

أما عن تضامن دول المنطقة وعلى رأسها مصر واتصال القيادة المصرية بالقيادة التركية للتعزية والمواساة، بين أنها «كانت رسالة مهمة جدا، أولا تعكس عمق الأخوة بين الشعبين ثم تعكس المسؤولية الإنسانية والأخلاقية والدينية للقيادة المصرية تجاه إخوانهم، حتى الإعلام التركي تناول الاتصال المصري بشكل إيجابي جدا إضافة إلى ذلك فرق الإنقاذ المتخصصة التي جاءت من مصر ومجموعة من الأطباء المتطوعين، وأيضا لاشك أن كان لهم دور مهم جدا وساهموا في تخفيف من آلام متضرري الزلزال، كما أن كثير من الدول العربية الأخرى ساهموا قدر استطاعتهم في عمليات الإنقاذ تحديدا بالإضافة إلى المساعات الإنسانية والإغاثية وغيرها ولايزال مستمرا هذا الأمر، ولذلك نستطيع أن نقول رغم الآلام التي يسببها الزلزال لكن هناك ما نستطيع أن نعبر عنه بمصطلح دبلوماسية الزلازل والتي تحيي الملفات الراكدة وتعيد جسور الأخوة بين المتخاصمين وهذا ما رأيناه ليس بين مصر وتركيا فقط، ولكن رأيناه بين تركيا واليونان.»

وأوضح أن «الدولة التركية كبيرة ولها خبرتها في التعامل مع الكوارث وثقافة الزلازل ليس غريبا عنها ولها مؤسسات ذات خبرة في هذا الجانب ولكن اتساع هذا الزلزال تحديدا في 10 ولايات في وقت واحد بلا شك أحدث حالة من الإرباك بل يحدثها في أي دولة في العالم لأن الزلزال لا يمكن التعامل معه عبر التقنيات الحديثة والتكنولوجيا، لذلك تركيا دون شك تحركت بكل مؤسسات الخبرة ولديها جهاز وطني كبير جدا يتعامل مباشرة وله منظومته للتعاطي مع هذا النوع من الكوارث، ولكن أيضا يوجد في تركيا منظومة قوية جدا من المجتمع المدني والتي لها دور مهم جدا في التخفيف على المتضررين من هذه الكوارث، وما شاهدناه أن الحكومة التركية جميعها انتقلت إلى أماكن الزلازل حتى الرئيس التركي انتقل إلى تلك الولايات ويزورها بالتناوب لذلك الدولة التركية تقوم بما تستطيع وتحاول في الوقت نفسه تنسيق الجهود الدولية تبقى دوما أمام تحدي كبير جدا وفي النهاية ستنتهي عمليات الإنقاذ قريبا وتصبح عمليات إعادة الإعمار أمر ملح، ولكن يصبح الآن توفير سكن لائق لكل الذين تهدمت بيوتهم هذا أمر ليس هينا ولكن أظن أن الدولة التركية قادرة على التعامل مع هذا الملف».

 

وأشار إلى «أنه توقف أمام مشاهد كثيرة منذ حدوث الزلزال لعل أولها هذه الضخامة الكبيرة والعجيبة والخارقة لهذا الزلزال تحديدا وكان وقت الفجر، وهو رسالة لنا جميعا أن الله قادر على كل شئ ولعله يعطينا رسالة للاستفاقة من الغفلة بخلاف أن الناجون هم الذين يعيشون امتحانا أصعب من الذين ماتوا في الزلزال، ومن المشاهد الأخرى أنه رغم الآلاف الذين قد ماتوا في ولاية واحدة مثلا إلا أنه حينما يتم أنقاذ طفل واحدا وهو حي تشعر بفرحة غامرة، وقد تكرر هذا المشهد أكثر من مرة ومازال يتكرر، لا تتخيل تلك الفرحة التي شاهدناها لأب أو أم تنتظر أبنائها أو قريب ينتظر انقاذ أحد أقاربه في مبنى مهدم وحينما ينقذونه هذا اللقاء كأنه يولد من جديد، بخلاف التفاعل العجيب من الشعب التركي بكل فئاته وتوجهاته ومؤسساته وانتمائاته نظم نفسه بشكل سريع جدا.. وأتحدث هنا عن الأحياء السكنية نفسها حيث بدأ المواطنين في تنظيم أنفسهم لجمع المساعدات الإغاثية وتوصلها مباشرة إلى جهاتها لتصل إلى متضرري الزلزال بلا شك هذا المشهد يخفف هذه المأساة مثل هذه المشاهد بقيت عالقة في الذهن ولا يمكن ننساها».