أمنية

الإجازة «باظت»

محمد سعد
محمد سعد

اقتربت إجازة منتصف العام أن تنقضى بعد أيام قليلة، البعض تصور أنها ربما تكون فرصة لالتقاط الانفاس وآخرون ظنوا انها استراحة محارب، لكن الجميع كانوا يمنون النفس لأن تكون مهلة -حتى لو كانت بضعة أيام معدودة- لوقف نزيف الأموال الطائلة التى تنفق على الدروس الخصوصية والكتب الخارجية.

لكن الواقع أن الرياح تأتى بما لا تشتهى السفن فمنذ اليوم الأول من الاجازة وبدون راحة، انتظم معظم الطلاب رغما عنهم فى مجموعات الدروس الخصوصية دون أى تغير ، وهرع الآباء الى المكتبات للبحث عن الكتب الخارجية للفصل الثانى الدراسى -كل حسب ما يطلبه المدرس- فهذا يطلب الاضواء وذلك يفضل المعاصر وهكذا.

اصبح على الصغار الذين ينتمون للصفوف الاولى ان يحصلوا على موادهم الدراسية دون كلل او ملل طيلة ١٠ أشهر فبرغم ان الدراسة الرسمية تبدأ فى بداية أكتوبر أو نهاية سبتمبر إلا أن التعليم الموازى يبدأ فعليا فى أول أغسطس ولن ولم تتوقف فى منتصف العام ويتوقف على استحياء فى يونيو ولو بيد تجار العلم لما سمحوا لأنفسهم ان يعطوا الطلاب يوما واحدا إجازة فى نهاية العام!.

وللحق أقول إن الأزمة الآن لم تعد فى المدرسة ولا تعداد الفصول ولا حتى فى المناهج التى يحصل عليها الطلاب ولا فى مستوى الكتاب المدرسي، إنما المشكلة أصبحت مركبة ومعقدة تبدأ من عند أولياء الأمور أنفسهم فهم أصبحوا على عدم قناعة بالمدرسة وما يتلقاه الطلاب بداخلها ويهرع صاغرا مضطرا لأن يبحث عن مدرس صاحب صيت وسمعة رنانة لنجله ويبادر بالحجز عنده، ولو كان صاحب حظ وافر فانه سوف يحسم مقعدا لصغيره عند هذا المدرس المشهور ويتكرر ذلك الامر فى كل مادة، اى انه وبحسبة بسيطة على ولى الامر ان يبحث بل وينجح فى اقتناص ٥ مقاعد لابنه عند ٥ من عتاة التعليم فى ٥ مواد مختلفة، هذا طبعا ان حصل الطالب على درس واحد فى كل مادة من المواد الاساسية، لانه ربما يذهب لاثنين من المعلمين فى نفس المادة، أو يتطلع فى الحصول على دروس خصوصية فى جميع المواد المقررة عليه.

والمشكلة الثانية أصبحت عند الطالب نفسه فالمدرسة لم تصبح الاساس بالنسبة له، انما هى نزهة يلتقى فيها مع أصدقائه ويلعب ويتسامر معهم لعدة ساعات قبل أن يبدا يومه الدراسى الفعلى مع مدرسين الدروس الخصوصية الذين اختارهم سلفا كى يحصل منهم على العلم مقابل المال، ثم ياتى دور المدرس نفسه الذى يدخل الى الفصل ليلقى على طلابه العلم لكنه يكون منهكا من ساعات عمله الطويلة فى الدروس، كما انه لا يريد ان يضيع مجهوده او يحمل على نفسه مجهودا اضافيا مقابل حفنة جنيهات يتقاضها نهاية كل شهر.

كما ذكرت المشكلة أصبحت مركبة ومعقدة وكل من يتعامل مع منظومة التعليم نستطيع ان نقول انه يجهز عليها ويحاول ان ينتفع منها بالشكل الذى يرضيه فجميع أولياء الأمور دون استثناء يودون لو التحق أبناؤهم بكلية الطب او الهندسة ومن أجل ذلك ينفقون الآلاف المؤلفة، والطالب يريد الاستسهال والنوم فى سبات عميق والاعتماد على شرح المعلم فى المنزل وملزمة الاستاذ خير من حمل كتاب، والقراءة على الموبايل أسهل وأبسط من تصفح كتاب، والمعلم يجنى ثمار علمه الذى يقدمه لأبنائنا مقابل المال، ووسط كل ذلك تقف وزارة التربية والتعليم -وهى الجهة التى المنوط بها تلقى العلم- مكتوفة الايدى لا حول لها ولا قوة!.