عيد الشرطة الـ 71 .. لماذا تحتفل الداخلية في 25 يناير

معركة الشرطة
معركة الشرطة

سيظل يوم  25 يناير شاهدًا على بسالة رجال الشرطة المصرية برفضهم تسليم مبنى محافظة الإسماعيلية للبريطانيين، رغم قلة أعدادهم، وضعف أسلحتهم، فسقط نحو 50 شهيدًا و80 جريحًا من رجال الشرطة المصرية.
وضربت «معركة الإسماعيلية» مثالًا رائعًا على تكاتف الشعب مع الشرطة، عندما تعاون أهالي الإسماعيلية مع رجال الشرطة لمقاومة قوات الاحتلال البريطاني.

بداية المعركة بعد وصول حالة التوتر بين مصر وبريطانيا إلى الذروة عقب، وجاءت تلك الأعمال بعد استجابة حكومة الوفد لمطلب الشعب بإلغاء معاهدة 1936‏،‏ حيث أعلن رئيس الوزراء مصطفى النحاس، فى مجلس النواب، يوم 8 أكتوبر 1951، إلغاء المعاهدة، التي فرضت على مصر الدفاع عن مصالح بريطانيا.

وأزعجت تلك الأفعال بريطانيا، فهددت باحتلال القاهرة إذا لم يتوقف نشاط الفدائيين، غير أن الشباب المصري لم يهتم بهذه التهديدات ومضوا فى خطتهم غير عابئين بالتفوق الحربى البريطانى، واستطاعوا بما لديهم من أسلحة متواضعة أن يكبدوا الإنجليز خسائر فادحة‏.‏


وفى صباح يوم الجمعة، الموافق 25 يناير عام 1952، استدعى القائد البريطانى بمنطقة القناة «البريجادير أكسهام»، ضابط الاتصال المصري، وسلمه إنذارًا لتسلم قوات الشرطة المصرية بالإسماعيلية، أسلحتها للقوات البريطانية، وترحل عن مبنى المحافظة ومنطقة القناة وتنسحب إلى القاهرة.

وجاء هذا الإنذار بعد أن أدرك البريطانيون أن الفدائيين يعملون تحت حماية الشرطة‏،‏ لذا خطط الاحتلال لتفريغ مدن القناة من قوات الشرطة حتى يتمكنوا من الاستفراد بالمدنيين وتجريدهم من أى غطاء أمنى‏ ، إلا أن رجال الشرطة رفضت الإنذار البريطاني، وأبلغته إلى فؤاد سراج الدين، وزير الداخلية، فى هذا الوقت، والذى طلب منها الصمود والمقاومة وعدم الاستسلام، ليشتد غضب القائد البريطاني في القناة، ويأمر قواته بمحاصرة قوات شرطة الإسماعيلية، وإطلاق نيران مدافعهم بطريقة وحشية لأكثر من 6 ساعات، في الوقت التي لم تكن قوات الشرطة المصرية مسلحة إلا ببنادق قديمة الصنع.

حاصر أكثر من 7 آلاف جندي بريطاني مبنى محافظة الإسماعيلية، والثكنات التي كان يدافع عنهما 850 جنديًا فقط، مما جعلها معركة غير متساوية القوة بين القوات البريطانية وقوات الشرطة المحاصرة، التي دافعت ببسالة عن أرضها بقيادة الضابط مصطفى رفعت، حتى سقط منهم 50 شهيدًا والعديد من الجرحى الذين رفض العدو إسعافهم.


ولم يكتف البريطانيون بالقتل والجرح والأسر، بل قاموا بهدم قرى مسالمة تابعة للمحافظة، لاعتقادهم أنها مقر يتخفى خلاله الفدائيون، مما أثار الغضب في قلوب المصريين، فنشبت المظاهرات لتشق جميع شوارع القاهرة مليئة بجماهير غاضبة تنادى بحمل السلاح لمواجهة العدو الغاشم.


واثبت رجال الشرطة المصرية للقوات البريطانية أنهم أمام قوات محتلة يدافعون عن الشرف والكرامة بشجاعة متواصلة برغم الدمار والحرائق والخراب في كل مكان التي أحاطتهم من كل جانب وعشرات من الشهداء والجرحى ولم تتحرك في قلب البريجادير أكسهام الرحمة أو الشفقة، بالسماح لعربات الإسعاف لنقلهم الى المستشفى، أو تقديم المساعدات الطبية ضاربا بعرض الحائط جميع القوانين الإنسانية والأعراف الدولية باحترامها وأخذت مدفعية الميدان والدبابات والعربات المصفحة تقتحم وتدمر أسوار قسم البستان وتطمرهم بوابل من الرصاص والقنابل على مبنى قسم البستان وثكنات بلوكات الأمن بلا هوادة ، وتلطخت دماء الشهداء والجرحى فى طرقات وجدران قسم البستان في كل مكان، وتوقف القتال فجأة ليجدد البريجادير أكسهام تهديداته لهم إذا لم يستجيبوا لندائه بالتسليم سيدمر المبنى بمن فيه ، وسمع أكسهام صوت النقيب مصطفى رفعت يزلزل ارجاء قسم البستان، وهو يرد عليه بكل شجاعة وحماسة الأبطال «لن تستلموا منا إلا جثثنا هامدة» وجن جنون أكسهام لهذا الرد من النقيب مصطفى رفعت وهو يحمل السلاح بين جنوده من الأبطال خلف السواتر الرملية وأيديهم على الزناد بأسلحتهم التي كانت تستغرق وقتًا أثناء التعمير والضرب بتعليماته لقلة الذخيرة التي على وشك الانتهاء وفى الساعة العاشرة صباحا جاء جندى الإشارة يستدعى النقيب مصطفى رفعت ليبلغه بأن وزير الداخلية فؤاد سراج الدين على التليفون، يريد التحدث معه ولحظات عاد النقيب مصطفى بينهم ليبلغهم رسالة الوزير لرفع روحهم المعنوية وتقديره لشجاعتهم وأن يستمروا في القتال حتى آخر طلقة وتوقف القتال وخرج جميع من تبقى منهم على قيد الحياة والمصابين بعد نفاد الذخيرة في طابور من مبنى قسم البستان رافعين رؤوسهم من الشجاعة والشهامة فى خطوة عسكرية منتظمة وأصطف المئات من الجنود الإنجليز وعلى رأسهم البريجادير أكسهام بتأدية التحية العسكرية لهم بطريقة مشرفة لهم باستعراض عسكري وعزف البروجى لهم «سلام سلاح».


وتم أسر من بقى منهم على قيد الحياة من الضباط والجنود وتم نقلهم بعربات نقل الجنود الإنجليزية، إلى معتقل الأسر بمنطقة نائية فى صحراء الإسماعيلية داخل الخيام وأفرج عنهم جميعا في شهر فبراير وتم استخراج كرينهات جديدة لهم بدلا من التي فقدت أثناء المعركة وموقع عليها كمدار قسم البستان بالإسماعيلية على حلمى ولازالت بعض الأبناء والأحفاد يحتفظون بهذا للذكرى.

ونعيد نشر أسماء شهداء معركة الإسماعيلية من جنود الشرطة المصرية مرات ومرات حتى تظل خالدة إلى ما شاء الله.. وهم: السيد محمد الفحل، وعلى السيد على، وعبد الحكيم أحمد جاد، وثابت مصطفى، وأحمد مراد أحمد، وعبد ربه عبد الجليل عامر، ومحمد أحمد إبراهيم المنشاوى، وفتحى بدوى أحمد الحليوى، وعبد الله عبد المنعم فرج، ومصطفى عبد الوهاب محمود ومحمد الطوخى رمضان، وسيد على حسين، وحسين عبد السلام قرنى، والسيد مجاهد على الزيات، وعبد النبى سالم جمعة، ومحمد أحمد حمدى، وعبد الحميد عبد الرازق، وأبو المجد محمد مصطفى، وعبد السلام سليم صالح، ورضوان أحمد محمد حيدر، وكامل مازن حسين، وفؤاد عبد الرازق على، وأحمد أبو زيد منياوى، وعبد الحميد معوض حشيش، وعبد الفتاح شاهين، وعبد الله مرزوق عبد الله، ومحمد إبراهيم أحمد، ومحمد محمود بدوى، وفرج السيد إسماعيل، وعبد الحميد مسلمى أحمد، وعبد السلام أحمد إبراهيم، ومحمد الجندى إبراهيم، وفتحى أمين جمعة، ورياض عبود أسعد، وعبد الغنى محمد خليفة، واليمانى إسماعيلى إبراهيم، وعبد الفتاح عبد الحميد، وبسيونى على الشرقاوى، ومحمد محمد البياعة، وأمين عبد المنعم السيد، ومحمد حسن محمود حسن، ومحمد المليجى أحمد مصيلحى، وبهى الدين على حجازى، وعبد الفتاح عبد النبى العطار، وعبد المنعم بيومى على البنا، ومحمد عبد المعطى حسن عيد، ومحمود محمد عبد الرحمن فودة، وحسن عبد السلام عبد المنعم، ومحمود حسن عفيفى عمارة، ومحمد عبد الغنى السيد الفيشاوى، ومحمد أحمد على زايد، وعلى محمد منصور الطبال، وأحمد محمد فريد، وأبو الفتوح أحمد أبو الفتوح، وعبد الحميد إبراهيم على منصور، وسعد على السايس.