أمنية

مصر آمنة

محمد سعد
محمد سعد

مصر آمنة مطمئنة، وستظل هكذا حتى يرث الله الأرض ومَنْ عليها، هذا هو الوعد الحق، وقد تغيب بلدانٌ عن الوجود ومصر أبدًا لن تغيب، حاضرة هنا وهناك، تذهب إلى العالم والعالم يأتى إليها، يقف مشدوهًا كل مَنْ ينظر إليها، قد تتغيَّر ملامح الصورة حولها، لكنها دائمًا تطل على العالم فى أزهى صورة.

مصر تعرض أحلامها على الناس أجمعين فى كل المحافل ولا تخشى، ففيها مَنْ يقدر على الأحلام والأحلام تصير حقيقةً، تطرح الأمل على رؤوس الأشهاد حتى يُثمر ويُصبح حقيقة، تراه عيون الناظرين المجرَّدة من كل هوى، مصر أبدًا لن تخفت عنها الأضواء، فهى بلد المنارات، تُرسل النور إلى كل أرجاء الدنيا، تبعث به ليشق عتمة الظلمة، فيكون العالم على يقين بأنها تعيش فى النور، تخطو على هديه فى كبرياءٍ لا تُطفئه أنواء عابرة.

هذا كله ليس صدفةً؛ فهى أول حضارة على كوكب الأرض منذ 7 آلاف سنة، عاش بين أهلها نبى الله إدريس، أول مَنْ كتب بيده، وأول مَنْ فصَّل الملابس ليرتديها البشر، ويشترى أحد أعيانها نبى الله يوسف، ويجعل الله فيها خزائن الأرض لتكون تحت إمرته وتصرفه، ويأتى إليها بنو إسرائيل وعلى رأسهم نبى الله يعقوب وزوجته وأولاده، ويُولد فيها ويكبر نبى الله موسى ويُكلِّمه الله فى الوادى المُقدس طوى، وتكون المرة الأولى التى يصل فيها صوت الله إلى الأرض.

لم تتوقَّف مُعجزات وكرامات نبى الله موسى على أرض مصر عند هذا الحد، بل شقَّ الله فيها لنبيه طريقًا فى البحر؛ ليُنقذه ومَنْ معه، وفى الوقت نفسه يُغرق فرعون ومَنْ معه على ذات الطريق، ويضرب فيها موسى الحجر فيخرج منه اثنتا عشرة عينًا من الماء؛ ليشرب مَنْ معه وينزل عليهم المَنْ والسلوى، ثم يهبط على أرضها الطاهرة، وتمر السنوات وتختارها مريم ابنة عمران لتعيش فيها آمنةً مطمئنةً، وهاجر زوجة إبراهيم الخليل المصرية حتى النخاع.

مصر كرَّمها الله بأن ذكرها فى قرآنه الكريم صراحةً خمس مرات، وبالإشارة ثلاثين مرة، وهناك من قال ثمانين، بل وذُكرت فى العديد من المواطن فى التوراة والإنجيل، اختصها الله فى كتابه العزيز مع البيت الحرام، أول بيتٍ وُضع للناس بالأمن والأمان، لكن مصر بطولها وعرضها وعلى امتداد مساحتها آمنة مُؤمنة محفوظة بأمر إلهىٍّ، وقد أوصى رسول الله بأهلها فقال-صلى الله عليه وسلم-: "اسْتَوْصُوا بأَهْلِها خَيْرًا؛ فإنَّ لهمْ ذِمَّةً ورَحِمًا".

نحن قادرون بعون الله أن نتخطَّى أى كبوةٍ عارضةٍ، هذا هو التخطيط الإلهى الحتمى، نُؤمن به قطعًا ويقينًا، وسوف تُشرق الشمس يومًا ما وتُرسل أشعتها لترى العيون الغافلة شريط إنجاز طويل ممتدًا بطول الوطن، وتشق سحابات الغيوم لتُنير الوجوه العابثة التى ترفض واقعًا حقيقيًا وجادًا أن مصر تنفض غبار الماضى وتبنى وتُشيِّد الأحلام، لا تنظر إلى الوراء، بصرها مصوَّبٌ فى عمق المستقبل، تتسارع خطاها على الطريق لتحصد ثمارًا يانعةً.