محمد سعيد يكتب: الراعي

محمد سعيد
محمد سعيد

الكتابة فعل صعب.. تزداد صعوبتها عندما تعرف أنها قد لا تصل إلى قارئها.. فهذه أول مرة أكتب فيها ولن يرن هاتفى بعد النشر لتناقشنى فيما كتبت.. لم لا.. وكنت طوال حياتك قارئى الأول.. كنت أكتب لك.. انتظر بشغف تعليقك على ما كتبت، مستمتعا بمناقشتك، ونصيحتك وإرشادى.. كنت مرشدي وسندى لم أحمل يوما همّا لأمر من أمور الدنيا.. مساء كل ليلة كنت لا تخلد إلى فراشك إلا بعد الاطمئنان علينا جميعا.. لا أتذكر أننى سألتك فى مرة عن شىء ما.. إلا ووجدت عندك الإجابة.. مهما كان السؤال.. مازالت حكايتك التى طالما قصصتها لى خلال رفقتنا فى السفر أو فى شرفة منزلنا تقارع أذنى.. لم تغب عن ذهنى.. كنت تملك موهبة فطرية فى الحكى تجبر من يسمعك على الإنصات. 

مع الوقت وخلال معركتى فى الحياة أيقنت أنك أحسنت إعدادى.. جهزتنى بما يؤهلنى لمواجهة كل ما هو آت مهما كانت شدته وصعوبته.. فلطالما جهزت مقاتلين خلال سنوات عملك فى الكلية الجوية.. إلا فراقك فاجأتنى به لم تعدنى لتحمل تبعاته. 

أبى.. وإن كنت رحلت بجسدك فإنك مازلت قدوتى ومعلمى الأول ومثلى الأعلى.. تحيطنى سيرتك العطرة التى لا تفارق لسان محبيك وأصدقائك.. تلك السيرة التى كلما ذُكرت ناطحت عنقى عنان السماء.. كنت طوال حياتك نعم الراعى.. وإنّا نُشهد الله أنك أحسنت الرعى واتقيت الله فى رعيتك.. فإلى لقاء قريب.