عاجل جداً

العمل الخيرى ومراكز التميز العلاجية

غادة زين العابدين
غادة زين العابدين

 العلاج مكلف، وموارد الدولة محدودة،وأى علاج فى العالم لابد له من فاتورة ، تبحث عمن يحمل عبء سدادها .

ومع منتصف الثمانينيات وبداية التسعينيات.

بدأ المجتمع المدنى يشعر بهذه الأزمة، ويتجه لتوسيع خدماته فى مجال الرعاية الصحية، وبدأ ظهور المراكز العلاجية القائمة على التبرعات، لتخفيف العبء عن الدولة.

فى البداية ، اكتفت مؤسسات العمل الخيرى ، بإنشاء المراكز  والمستشفيات والمستوصفات التخصصية، التى تقدم خدمات الرعاية الصحية الأساسية، مجانا أو بتكلفة رمزية، والتى أسهمت بالفعل فى سد فجوة كبيرة فى منظومة الرعاية الصحية. وكان من النماذج الأولى لهذه المراكز،  مستشفى الدكتور مصطفى محمود ، التى أسهمت بدور فعال فى تقديم خدمات العلاج الأساسية لمحدودى الدخل.

ومع تطور مفهوم العمل الخيرى، ظهر نوع جديد من المؤسسات العلاجية ، يحمل أصحابه طموحا علميا وطبيا، إلى جانب رؤيتهم الإنسانية، وبدأ بإنشاء ما يسمى بمراكز التميز ، التى أنشئت بتمويل مشترك من الحكومة والتبرعات والمنح، وحملت على عاتقها عبء تطوير الرعاية الصحية،

فاهتمت هذه المراكز بالجودة العلاجية ، وسعت للتطوير والتحديث، وإدخال تخصصات جديدة، واجهزة متطورة، وتوفير فرص التعليم والتدريب لخلق كوادر طبية بكفاءة عالمية، وساعد على نجاحها وانطلاقها  ،خضوعها للوائح خاصة تحررها من بيروقراطية العمل الحكومى.

وكان من أوائل وأهم هذه المراكز، وحدة د.شريف مختار بقصر العينى، التى استحدثت تخصص الرعاية الحرجة، لأول مرة فى العالم العربى، بمنتهى الجودة والتميز، ومركز د.غنيم بالمنصورة، أول مركز متخصص في جراحات الكلى والمسالك فى الشرق الأوسط. 

ثم حدثت الطفرة الكبيرة فى مجال الرعاية الصحية المجانية مع ظهور مستشفى 57357 ، أول مستشفى متخصص متكامل، يتم إنشاؤه بالكامل من أموال التبرعات ، وكان تحديا حقيقيا لعلاج مرض خطير ومميت وقتها ، هو مرض سرطان الأطفال، الذى لم تكن نسب شفائه تتجاوز 10% ، واستطاعت أن تحقق نقلة كبيرة فى علاجه ،حتى تجاوزت معدلات شفائه 71 %، مقتربة من النسب العالمية.

  ثم مركز د.مجدى يعقوب، الذى يمثل بقعة حضارية مضيئة فى أقصى الجنوب، خلقت كوادر طبية عالمية فى مجال جراحات قلوب الأطفال.

 كل هذه المراكز المتميزة ، أسهمت فى تطوير الرعاية الصحية، وتغيير صورة العلاج المجانى، وتنشيط السياحة العلاجية، وجعل مصر قبلة علاجية على مستوى الوطن العربى وأفريقيا ، وأصبحت قاطرة لتطوير الرعاية الصحية و جعل الاخريين يرون مثلا يحتذونه

، فنجحت فى تحفيز مؤسسات العمل الأهلى لإنشاء مراكز تميز جديدة ،فظهرت شفا الأورمان، ومستشفى الناس وغيرهما ، من  المستشفيات الخيرية، التى أسهمت بقوة فى تخفيف العبء عن وزارة الصحة.

وأخيرا.. هل يمكن لأحد أن ينكر هذا التاريخ، هل يمكن أن ننكر دور  هذه المؤسسات المتميزة ، فى تطوير منظومة الرعاية الصحية، هل يمكن إنكار حرصها على مواجهة التحديات والاستمرار  فى تقديم خدماتها المجانية ، رغم التضخم المستمر  فى فواتير العلاج. 

هذه الإنجازات، هى شرف كبير،  أسهمنا جميعا فى تحقيقه، وواجبنا أن نحافظ عليه  وندعمه ، لا أن نسعى بأيدينا لتدميره .