حكومة ميلونى الإيطالية تصعب عمليات إنقاذ المهاجرين

سفينة الإنقاذ جيو بارنتس التى تديرها منظمة أطباء بلا حدود
سفينة الإنقاذ جيو بارنتس التى تديرها منظمة أطباء بلا حدود

بقلم : سميحة شتا

تواجه عمليات إنقاذ المهاجرين التى تقوم بها المنظمات الخيرية فى البحر المتوسط أزمة جديدة بعد أن أقرت الحكومة اليمينية الإيطالية مؤخرا قانونا يتضمن تغريم المنظمات الخيرية التى تنقذ مهاجرين من البحر، واحتجاز سفنهم إذا انتهكوا القواعد الجديدة الصارمة والتى تقول المنظمات إنها تمثل تهديدا للأرواح.

 وجاء فى قرار صادقت عليه الحكومة الإيطالية، أنه يتعين على سفن الإنقاذ الخيرية طلب الرسو فى أحد الموانئ وأن تبحر صوبه «من دون تأخير» بعد أى عملية إنقاذ، بدلا من البقاء فى البحر بحثا عن قوارب مهاجرين أخرى تقطعت بها السبل.


وعادة ما تستمر مهام المنظمات الخيرية أو غير الحكومية حاليا وسط البحر المتوسط لعدة أيام، وتقوم بعمليات إنقاذ مختلفة ويصبح على متنها فى كثير من الأحيان مئات الأشخاص.. كما تضمن القرار أنه يتعين أن تبلغ سفن المنظمات غير الحكومية الموجودين على متنها بأنه يمكنهم طلب الحماية الدولية فى أى مكان فى الاتحاد الأوروبي.


وأضاف أن قباطين السفن الذين يخالفون هذه القواعد قد يتعرضون لغرامات تصل إلى 50 ألف يورو (53175 دولارا) وقد تؤدى الانتهاكات المتكررة إلى احتجاز السفينة.


وكانت منظمة أطباء بلا حدود التى تدير سفينة الإنقاذ البحرى جيو بارنتس، قد نفذت عملية إنقاذ الاثنين 2 يناير، لإنقاذ 41 شخصًا، وبعد ساعات فقط، أحضر خفر السواحل الإيطالى مهاجرين على متن قارب غارق آخر إلى بر الأمان بعد مناشدات متكررة للمساعدة.


طلب خفر السواحل الإيطالى فى وقت لاحق المساعدة من منظمة أطباء بلا حدود. ثم نقلت السفينة جيو بارنتس هؤلاء الركاب على متنها بناءً على طلب السلطات الإيطالية.


وصرح ماوريتسيو ديبان المسئول الإعلامى للمنظمة بأنه يخشى من مواجهة مشاكل مع السلطات الإيطالية بشأن القانون الجديد الذى دخل حيز التنفيذ الأسبوع الماضى ويهدف للحد من عدد الأشخاص الذين يتم نقلهم إلى الموانئ عبر الحد من عدد عمليات الإنقاذ التى يمكن أن تنفذها المنظمات غير الحكومية حيث يتطلب القانون موافقة الحكومة الإيطالية.

وعلى عمليات الإنقاذ ويمكنها أن تأمر لاحقا المنظمات غير الحكومية بعدم إنقاذ مهاجرين كما أن القانون يجبر سفن الإنقاذ الخيرية على التواجد فى موانئ بعيدة، بالإضافة إلى تدابير أخرى، لها تأثير كبير على عملية الإنقاذ البحري.


وتقول كريستيان وينجي، المسئولة الصحفية فى منظمة أطباء بلا حدود إن هذا القانون الجديد مصمم بشكل واضح لإبقاء سفن الإنقاذ بعيدة عن المنطقة التى تحدث فيها معظم حالات الاستغاثة لفترات طويلة وتقليل قدرتها على مساعدة الأشخاص الذين يعانون فى البحر.


وأضافت أن المنظمات غير الحكومية تعمل بالفعل فوق طاقتها بسبب قلة عدد سفن الإنقاذ مما سيؤدى إلى المزيد من مآسى الغرق، ووفقًا للمنظمة الدولية للهجرة لقى أكثر من ٢٠ الف شخص حتفهم منذ عام 2014.


وتستهدف حكومة جورجى ميلونى رئيسة وزراء إيطاليا منذ توليها المنصب فى أكتوبر أنشطة منظمات الإنقاذ البحرى وتعهدت بوقف وصول المهاجرين لإيطاليا، وتتهم المنظمات الخيرية التى تنقذ الأشخاص الذين يحاولون العبور من شمال إفريقيا بأنها تشجع المهاجرين والمتاجرين بالبشر.


وقال ريكاردو جاتي، المسئول عن سفينة إنقاذ تشغلها منظمة أطباء بلا حدود الخيرية، فى تصريح لصحيفة «لا ريبوبليكا» إن القرار جزء من استراتيجية «تزيد من احتمالات وفاة الآلاف من الأشخاص».

وتظهر بيانات وزارة الداخلية الإيطالية أن نحو 104 آلاف مهاجر وصلوا لإيطاليا منذ مطلع عام 2022 حتى الآن، مقابل نحو 67 ألفا فى نفس الفترة من العام 2021، و34 ألفا فى 2020، بعد ذروة تجاوزت 181 ألفا فى 2016.


وأن حوالى 10٪ فقط من الذين وصلوا إيطاليا عام 2022 تم إحضارهم للشاطئ بواسطة قوارب المنظمات غير الحكومية.. لكنها قالت أيضًا إن هذه القوارب كانت بمثابة «عامل جذب» لأولئك الذين يقومون بالرحلة المحفوفة بالمخاطر عبر البحر الأبيض المتوسط من ليبيا. وتقول المنظمات غير الحكومية إن البيانات تظهر أن وجودها فى البحر لا يشجع المهاجرين على المغادرة.


مسألة كيفية التعامل مع الهجرة فى الاتحاد الأوروبى مصدر توترات لسنوات. وتقول إيطاليا وإسبانيا، حيث تصل معظم القوارب، منذ فترة طويلة إن على حلفاء الاتحاد الأوروبى استقبال المزيد من المهاجرين الذين يصلون إلى شواطئهم.


وأثارت هذه القضية خلافًا دبلوماسيًا فى نوفمبر بين إيطاليا وفرنسا، بعد أن رفضت روما السماح لقارب خيرى يحمل حوالى 200 شخص بالرسو فى موانئها، وأبحرت السفينة فى النهاية لفرنسا.


بموجب اتفاقية الأمم المتحدة لقانون البحار (UNCLOS) يقع على عاتق مسئولى القوارب واجب قانونى لتقديم المساعدة للأشخاص المعرضين للخطر، ويؤدى القانون الجديد إلى زيادة صعوبة التمسك بهذا الأمر.

يذكر أن حكومة جورجيا ميلونى اليمينية التى وصلت إلى السلطة فى أكتوبر الماضي، كانت وعدت بوقف وصول المهاجرين إلى البلاد.


اقرأ ايضًا | الداخلية الإيطالية: قرابة 72 ألف لاجئ أوكراني وصلوا البلاد منذ بدء الحرب