أمنية

«الصعيد» مسافة السكة

محمد سعد
محمد سعد

هنا الحلم يتحقق ويُصبح واقعًا، فى مصر الجديدة لا نعترف بالمسافات، لا نقيم حسابات للزمن، من الفيوم شمالًا حتى توشكى فى أقصى الجنوب، بداية حكاية لتحسين حياة ٤٠ مليون نسمة يعيشون على مسافة تتخطى مئات الكيلو مترات، لكنها أصبحت «فركة كعب» أو «مسافة السكة» فى حسابات الجمهورية الجديدة.

نوفمبر ٢٠١٦ كان الانطلاق، ومنذ ذلك التاريخ والعجلة أخذت فى الدوران، لكن السؤال الذى يطرح نفسه أين كان الصعيد فى العهود السابقة؟، كان الطريق وعرًا مليئًا بالعقبات، تتعثر فوق ثراه الأقدام فتصاب النفس بالإحباط وتفقد الرغبة فى الحياة، لم يكن يومًا ممهدًا باعثًا للحياة، كل شىء على أرضه غير صالح لتسير عليه الخطوات، فيكابد الإنسان وعثاء الرحلة فى كل مكان.

حتى سعى الرئيس السيسى لدفع المصريين إلى التخلى عن تلك الثقافة السائدة، منحازًا لبناء الدولة وتصحيح مسار الطريق، ومن هنا كانت البداية، الهدف واحد هو تحسين نوعية الحياة لأهالينا فى صعيد مصر، وانطلق برنامج تكافل وكرامة ليُحقق العدالة الجغرافية ويُعالج الفوارق الإقليمية، ثم جاءت مبادرة حياة كريمة، لتعمل فى 34 مركزًا بالصعيد، بتكلفة 155 مليار جنيه لتطوير البنية التحتية وتوفير خدمات التعليم والصحة.

الحقيقة المجردة أن لغة الأرقام لا تعرف التجميل، الدولة ضخت 1.1 تريليون جنيه لمشروعات تنموية فى مختلف القطاعات بالجنوب، كان لمحافظتى سوهاج وقنا، نصيب الأسد منها، ففى سوهاج تم إنشاء المدينة الجديدة، وهى إحدى مدن الجيل الثالث، باستثمارات 3.1 مليار جنيه، والمستشفى الجامعى بمليار جنيه.
ومن سوهاج إلى قنا أنشأنا محور الشهيد باسم فكرى الذى يربط الغرب بالشرق بـ 1.5 مليار، ومشروعات حياة كريمة فى قرية المراشدة، ومركز تحكم الكهرباء الإقليمى بنجع حمادى، وغرب قنا الجديدة، وفى نوفمبر قبل الماضى، داخل عاصمة التاريخ والحضارة، وقف العالم ليُشاهد حفل افتتاح طريق الكباش الأسطورى فى الأقصر، وبعد شهر واحد كان اللقاء فى أسوان، للوقوف على تطوير قرية غرب سهيل، ومحطة السكك الحديدية، ومجمع بنبان للطاقة الشمسية الذى يُعد أضخم محطة لتوليد الكهرباء من الطاقة الشمسية على مستوى العالم، وكيما «2» لإنتاج الأسمدة وأسوان الجديدة، بالإضافة لمشروعات استصلاح الأراضى ومزارع القمح والنخيل بتوشكى.

وفى أسيوط قلب الصعيد، كنا على موعد مع افتتاح شركة تكرير البترول ومجمع إنتاج البنزين، ومحطة توليد كهرباء غرب أسيوط، والمرحلة الأولى من مدينة ناصر، والإسكان الاجتماعى بأسيوط الجديدة، ومنها إلى المنيا لافتتاح مركز تحكم سمالوط، وإسكان جنة والإسكان الاجتماعى بالمنيا الجديدة، ثم افتتاح محلج الفيوم المتطور.

الخلاصة أن الرئيس اختار الطريق الصعب لبناء مؤسسات الدولة والعمل على تغيير ثقافة علقت بأذهان المصريين ووقفت حائلًا دون تقدمنا، وكان غايته بناء مصر، لم يكن بمقدوره الانتظار، فكل يوم يمضى يصعب الإصلاح وتصبح تكلفته باهظة الثمن، انحاز لمستقبل الوطن وعمل سعيًا لرفعته، فقاد أكبر حملة بناء فى تاريخ مصر لم تشهدها من قبل، وشيَّد فى سنوات عدة رصيدًا ضخمًا من إنجازات فى مجالات شتى، شيَّد صروحًا ومازال هناك الكثير، فإيمانه عن يقين أن المصريين يستحقون وطنًا، وهكذا تنهض الأوطان من عثراتها.