كرم جبر يكتب: هكذا نحن مع شركاء الوطن

كرم جبر
كرم جبر

نشأت فى مدينة فى صعيد مصر اسمها القوصية اسيوط، وعشت فى طفولتى وشبابى زمن الوحدة الوطنية الجميل، فى اواخر الستينيات والسبعينيات، وكانت فصول المدرسة الثانوى مشتركة صفين اولاد وصف بنات.

لم نشعر يوما ما بالفرق بين المسلم والمسيحي، وكانت متعتنا فى الصيف هى الذهاب الى دير المحرق، الذى لجأت اليه السيدة العذراء والسيد المسيح ويوسف النجار هربا من بطش الرومان، ووجدوا فيه الامن والحماية والسلام.

كنا ونحن طلبة نقضى اياما لا تُنسى فى مولد السيدة العذراء، وكانت الصحراء المحيطة بالدير تتحول الى مدينة ملاه  ضخمة، فيها المسارح والملاهى والألعاب الشهيرة فى الموالد.

ولنا فى المكان ومع الاخوة الاقباط ذكريات لا تنسى، من المودة والمحبة والصداقة، ولم نعرف شيئا اسمه التطرف ولا الفتن، اصدقاء وجيران ومعارف وزملاء ونعيش معا ابناء وطن واحد لا يعرف التمييز الدينى.

حتى اطل الارهاب بوجهه القبيح ضاربا بالعلاقات الودية القوية عرض الحائط، وصرنا نسمع هذا مسلم وهذا مسيحى، ثم امتدت العمليات الارهابية الغادرة الى الدير، فتم اغلاقه والغاء المولد عدة سنوات.

وتجسدت كل المساوئ فى عام حكم الاخوان، واخرجوا من جعبتهم كل ما يحض على الخلاف والقطيعة، واحرقوا الكنائس وحاولوا تهجير الاقباط والاعتداء على ممتلكاتهم، وعبثوا بالعلاقات الاسرية بأسلمة المسيحيات، لاشعال فتن لا تنطفئ نارها.

 

ولا ننسى أبدا ان المشهد كان رائعاً  حين التف الشباب المسلمون مع أشقائهم الأقباط لحماية الكنائس من غارات الجماعة الإرهابية، وارتفع شعار «كنائسهم مقدسة مثل مساجدنا»، وظهرت مصر بتسامحها ومحبتها واحتوائها أبناءها تحت عباءتها.

الحمد لله عادت ايام التآخى والمحبة وانقشعت السحب السوداء، فمصر آمنة سالمة، إذ اتسمت العلاقة بين المسلمين والأقباط بالخير والمودة والتعاون والوئام، نتشارك فى الحلوة والمرة ونتقاسم الأفراح والأحزان ونجهض الضغائن والخلافات.

وأصبحت عادة سنوية أن يزور الرئيس الكاتدرائية فى عيد الميلاد المجيد، وتغمر الجميع فرحة حقيقية تطل من العيون والقلوب، حين يتجول رئيس مصر بين الصفوف، ويصافح أبناء وطنه المسيحيين، وهم يهتفون «تحيا مصر» لرئيس مصر، الذى رسخ مفهوماً محترماً لرئيس مسلم، يقف على مسافة واحدة من كل أبناء شعبه.

وأتذكر مقولة للرئيس عبد الفتاح السيسى فى أحد المؤتمرات أكتبها دائما فى مقالاتى،حين قال: إذا نظرت للمسيحي نظرة فيها شك، فعليك أن تراجع إيمانك وتدقق إسلامك»، وهى عبارة بليغة تجسد معنى السلام الذى تنادى به الأديان.

تهنئة اخوتى الأقباط واجب كما يهنئوننا فى رمضان والأعياد، ويقيمون موائد الرحمن، وإذا أردنا أن نرد التحية بمثلها، نقول لهم.. كل سنة وأنتم طيبون، وندعو الله أن يزيد أعياد مصر.