ريهاب عبدالوهاب تكتب: نيران صديقة

ريهاب عبدالوهاب
ريهاب عبدالوهاب

بسبب 20 صوتاً فقط أخفق مجلس النواب الامريكى على مدار يومين كاملين من التصويت فى انتخاب رئيس له من أول جلسة، وذلك لأول مرة منذ 100عام. 
اللافت ان سبب الاخفاق هو ان الحزب الجمهوري، الذى يسيطر على المجلس بأغلبية ضيقة «222 مقعدا مقابل 212 مقعدا لمنافسه الحزب الديمقراطي»، فشل فى الاصطفاف حول مرشحه التقليدى كيفن مكارثى ومنحه الـ218 صوتا التى يحتاجها لتولى المنصب. فى الوقت الذى احتشد فيه الـ212 نائبا ديمقراطيا خلف مرشح واحد هو «حكيم جيفريز» الذى حجز منصب زعيم الأقلية الديمقراطية فى المجلس دون منازع. 

ورغم التنازلات التى قدمها مكارثى لمجموعة الأصوات الجمهورية المتمردة على اجماع الحزب، وكذلك رغم الدعم الذى قدمه له الرئيس السابق دونالد ترامب، «الوجه الجمهورى الأبرز»، لم يتمكن الجمهوريون «حتى كتابة هذه السطور»، وبعد 7 جولات من التصويت، من حسم الأمر. 

والحقيقة ان جوهر المشكلة لا يكمن فى انتخاب رئيس للمجلس، فهذا الأمر سيتم فى النهاية بشكل أو بآخر«إما بنوع من المواءمة مع الأصوات الجمهورية المعارضة لمكارثى او حتى بالتوافق على مرشح آخر»، لكن المشكلة تكمن فى الآثار المدمرة التى سيلحقها ظهور هذا الخلاف على مسيرة الحزب الجمهورى وحظوظه السياسية المستقبلية. 

فالحزب الذى ما زال يلعق جراح النتائج السيئة وغير المتوقعة التى حققها فى انتخابات التجديد النصفى للكونجرس فى نوفمبر الماضى، أظهر بهذا الخلاف الذى لم يتكرر فى المجلس منذ عام 1923، مدى ما يعانيه من ضعف وانقسام وافتقاد للقيادة الرشيدة، وذلك فى وقت حرج للغاية، حيث لم يتبق سوى عامين فقط على الانتخابات الرئاسية 2024. وهذا يعنى انه لو حدث وخسر الجمهوريون هذا السباق الرئاسى للمرة الثانية على التوالى، لن يكون فقط بسبب ان غريمهم الحزب الديمقراطى اكثر قوة وتنظيماً وانسجاماً، ولكن بسبب نيرانهم الصديقة.