كنوز| تهنئة العام الجديد من حمار «الحكيم»

تهنئة العام الجديد من حمار
تهنئة العام الجديد من حمار

يتسم كاتبنا الكبير توفيق الحكيم بأسلوب يُندر أن يتكرر لدى أى كاتب آخر، فهو يطرح رؤاه الفلسفية بروح الفكاهة العميقة التى نجدها فى المقال القصير التالى الذى كتبه لجريدة «أخبار اليوم» بمناسبة قرب حلول العام الجديد يقول فيه: 

تلقيت من «حمارى» التهنئة التالية بمناسبة حلول العام الجديد: «زميلى توفيق الحكيم.. واجب الصداقة والزمالة، والعيش والملح، ولو أنى لا آكل الملح، يدعونى أن أتقدم اليك، قبل جميع الناس، مهنئا بالعام المنصرم والعام الجديد، ولا تظن أنى طامع فى أن تمنحنى «علاوة» فأنا كما تعلم لا أنتظر منك منفعة ولا مصلحة، أعرفك لوجه الله، وهذا نادر اليوم فى بلدك، وعند أبناء جنسك، وإنك لتعلم أنى أنا الذى يُِوحِى اليك بالأفكار، وأنت الذى تقبض الأجور، ولم يخطر ببالى أن أطالبك يوما بنصيب، لأنى «حمار»، فليكن عزائى على الأقل حسن ظنك بى، وبأخلاقى، وثقتك ببعدى عن الغايات والأغراض، فتهنئتى لك ليست من طراز تلك التهانى، التى تمطر اليوم سيولا على أبواب ذوى السلطان، وتمنياتى لك ليست من قبيل الزلفى والرياء، بل هى شيء خالص صادق لشخصك المكتوب علىّ أن أصاحبه فى الأيام السود والبيض، وإذا سألتنى ماذا أتمنى لك فى حقيقة الأمر لقلت لك بكل بساطة أن تكون مثلى، إياك ان تغير مبادئك فى الحياة، إياك أن تطيش ببالك الأطماع الزائفة، ويبهر بصرك الجاه الكاذب، أثبت على مبدئى الذى ألقنه لك كل صباح مساء: «عش لأداء الواجب، ولا تهدر الواجب لتعيش، وسوف أذكرك بهذه الكلمة فى كل عام ما حييت.. أنت وأنا». 
«حمارك» 

فكتبت إليه: «عزيزى الحمار، أنت دائما لا فائدة منك إلا الثرثرة ووجع الدماغ، لو كنت خروفا على الأقل لذبحناك، وأكلناك، وتظاهرنا بتوزيع لحمك على الفقراء، ولكنك حمار»!

«أخبار اليوم» - 25 ديسمبر 1944

إقرأ أيضاً|الأديب بهاء طاهر: موهبة بهاء الفارقة.. ولعبة الانحيازات السياسية القاتلة