أنشودة كأس العالم تعكس شخصية مصر والتآلف العربي

منتخب الأرجنتين
منتخب الأرجنتين

 أنشودة حب وتآلف عربي، ظهرت في كأس العالم بقطر، عكستها مؤازرة العرب للفرق العربية المشاركة في المونديال، وفرحتهم بفوز السعودية على الأرجنتين ثم فوز تونس على فرنسا، وصعود منتخب المغرب الذي خلف حقق أكبر إنجاز رياضي عربي في التاريخ، حيث بدأت حوارات علمية على مواقع التواصل الاجتماعي، عن أهمية البُعد العربي لمصر وأهميته عبر التاريخ بل وامتد إلى البحث عن هوية مصر وشخصيتها.

ومن هذا المنطلق، يرصد خبير الآثار الدكتور عبد الرحيم ريحان عضو المجلس الأعلى للثقافة لجنة التاريخ والآثار ملامح شخصية مصر وهويتها من خلال قراءة علمية فى الأسس الذى وضعها المفكر والعالم والفيلسوف جمال حمدان الذي أكد أن مصر هي قلب العالم العربي وواسطة العالم الإسلامي وحجر الزاوية في العالم الأفريقي.

وأشار الدكتور ريحان إلى أن مصر أمة وسطية بكل معنى الكلمة في الموقع والدور الحضاري والتاريخي والسياسة والحرب والنظرة والتفكير، وسط بين خطوط الطول والعرض، بين المناطق الطبيعية وأقاليم الإنتاج، بين القارات والمحيطات، حتى بين الأجناس والسلالات والحضارات.

وكان البعد الآسيوي لمصر مصدر الدين والحضارة والثقافة، وجسّد الإطار العربي الكبير خامة الجسم وكيان الجوهر وأصبحت سيناء المدخل الشرقي لمصر ومفتاحها الأم، وكان البحر الأحمر شريان الاتصال بالجزيرة العربية مسرح تيارات التاريخ والحضارة، وكانت قطبًا أساسيًا في حلقات التاريخ بل مثلت طرفًا في قصة التوحيد بفصولها الثلاثة، فمواطن الأديان التوحيدية كانت في سيناء وفلسطين والحجاز، وقد رسمت مثلثًا قاعدته في سيناء منطلق نبي الله موسى عليه السلام وكانت مصر ملجأً لنبي الله عيسى عليه السلام وملاذًا لخير البشرية محمد عليه الصلاة والسلام.

وكان البعد الأفريقي لمصر مصدر الماء والحياة وقد تجسّد منذ القدم في رحلات قدماء المصريين إلى بلاد "بونت"، وهي في رأي الكثير من الباحثين تشمل المناطق الأفريقية والآسيوية المحيطة بباب المندب وعلى محور الصحراء الكبري، ووجدت أدلة على المؤثرات الحضارية المادية والثقافية بين بعض قبائل نيجيريا وغرب أفريقيا وبين القبائل النيلوتية في أعالي النيل وفي محور شمال أفريقيا.

وفي العصر الإسلامي أصبح للبحر المتوسط دور حيوي في كيان النشاط التجاري بمصر وارتبطت مدن كالإسكندرية ودمياط مع البندقية وجنوة وبيزا بعلاقات تجارية وامتد بينهم جسرًا بحريًا، وفي العصر المملوكي كانت الإسكندرية والقاهرة موطنًا دائمًا لتجار نشيطين من تجار المدن الإيطالية، وبالمثل كانت علاقات مصر مع بلاد الشام عن طريق البحر المتوسط.

وفي العصر العثماني انتقل كثير من مهاجري سواحل البلقان واليونان وألبانيا إلى مصر وأقاموا بها ومنهم الإنكشارية والألبان وبقيت أسماؤه المعربة تكشف عن أصلهم أحيانًا مثل الدرملي من مدينة دراما والجريتلي من كريت والأزميرلي من أزمير والمرعشلي "مرعش" والخربوطلي "خربوط"، ثم جاءت قناة السويس فأعادت تأكيد البعد المتوسطي في كيان مصر.