إنها مصر

دعاء فى العام القادم

كرم جبر
كرم جبر

أتمنى أن يحفظ الله مصر، وتبقى دائماً مرفوعة الهامة والقامة، قوية ومتعافية، كريمة وقادرة ولا تمد يدها لعدو أو حبيب، ولا يشمت فيها صديق أو شقيق.

أتمنى لها الاستمرار فى بناء قوتها الذاتية فى كل المجالات، اقتصادياً وعسكرياً، ففى عالم اليوم لا احترام إلا للأقوياء، والضعيف يداس بالأقدام، مثل الفيلة التى لا تدوس إلا العشب.

أتمنى لها السلامة والأمن والطمأنينة، فهى أجمل بلد فى الدنيا، قد نتضايق منها أحياناً، ولكن لا نقدر على فراقها، مثل المحبوب ومحبوبته لا يطيق بعادها، وإذا غاب يكون من أجل العودة إليها.

مصر التى غنينا لها فى الشدة، ولم يصبر شعبها يومًا واحدًا على احتلال أى جزء من أراضيها، وهل تذكرون حالة المصريين بعد حرب 67، وكيف صارت سيناء المعشوقة التى افتديناها بالأرواح والدماء.

مصر التى لم تعرف الدماء ولا العنف إلا منذ أن نشأت «جماعة ذئاب الدم»، وكانوا يريدونها وطناً لهم ولخلافتهم المنكوبة، ولكن شعبها أبى إلا أن تكون مصر لكل المصريين، وليس لجماعة ضالة.

وأتمنى للمصريين أن يحفظهم الله من كل شر، وأن يقيهم الأشرار الذين أصبحوا فى المنطقة مثل الجراد، يلتهمون كل عود أخضر ويتركون خلفهم الدمار والخراب.

■ ■ ■

حكايات إنسانية

كاميليا ممرضة الغردقة، ولدت يتيمة وتربت فى ملجأ، وليس لها أقرباء، ولما ماتت بالسرطان لم يتقدم أحد لدفن جثمانها، ولما انتشرت حكايتها خرج الآلاف من أبناء الغردقة لتشييعها، فى جنازة شعبية مهيبة.

يعنى: مازال فى ضمير الناس كثير من الخير يظهر فى أوقات الأزمات، خصوصاً عند الشعور بأن الضعيف يحتاج العون والمساعدة، وهى حالة إنسانية لها دلالات كثيرة:

أولها: الدور المهم الذى تلعبه وسائل التواصل الاجتماعى، فبمجرد نشر قصتها تعاطف الآلاف معها، وبسرعة كبيرة تفوق وكالات الأنباء.
وثانيها: توظيف مشاعر الناس فى الخير أجمل شىء فى الحياة، خصوصاً عندما يدرك الناس أن كل شىء إلى زوال، ولن تبقى إلا السيرة الطيبة والعمل الصالح.

■ ■ ■

البنت التى قتلت أمها فى بورسعيد حالة استثنائية.

الأسرة المصرية ليست كذلك، ولا يجب أبداً التركيز على البقع السوداء، والأم هى الروح والقلب والعقل والضمير، وعندما يغيب الموت إحدى الأمهات، يسود الظلام فى البيوت وتعشش الأحزان.

لا أصدق التفاصيل التى نشرت حول بشاعة الابنة وهى تقتل أمها لأنها ضبطتها فى وضع مخل مع صديق لها، وكان ضرورياً الانتظار حتى يتم الكشف عن حقيقة الحادث، بدلاً من نشر تفاصيل تشيب لها الولدان.

الفتاة حين تموت أمها، تفقد السند والظهر والحنان والوفاء والأمان والصديق الوفى، والأم بالنسبة لابنتها هى مظلة الرحمة والحماية، والناصح الأمين والعين الساهرة.

 حفظنا الله جميعاً من كل شر.