ولا تزال حكايات إثبات النسب حائرة بين القانون والـ «DNA»

بعد نشر قصة أميرة.. آية حائرة بطفلتها

صورة أرشيفية
صورة أرشيفية

منى ربيع

 في العدد قبل الماضى نشرنا على صفحات أخبار الحوادث قصة اميرة التى خدعها شاب باسم الحب، وكانت النتيجة هي إنجابها لطفل لا ذنب له في الحياة سوى انه ابن لأب تبرأ من فعلته، وقرر عدم انتسابه إليه، وعندما لجأت اميرة إلى القانون كان الرد صادمًا لا لأميرة فقط ولكن للمجتمع أيضًا؛ وهو أن ابن الزنا ينسب لامه فقط وليس لأبيه وكأننا نعاقب الأم المسكينة وطفلها؛ لتبدأ اميرة رحلة جديدة بعمل شهادة ميلاد لطفلها باسم أب اعتباري، لكن اميرة لم تكن الوحيدة التى تعانى من تلك المشكلة؛ فهناك فتيات أخريات عرفنا حكاياتهن بعدما نشرنا قصة اميرة؛ جاءت لنا فتاة أخرى تدعى آية، قررت أن تكسر حاجز الصمت، أتت وهي تحمل طفلة على يديها، جاءت نتيجة علاقة غير شرعية، ورفضت ايضا المحكمة دعواها لأن القانون يرفض نسب هذا الابن لأبيه، لكن مشكلة آية أنها لم تجد حبيبها حتى الآن، حيث  ارتكب فعلته وهرب ولا تعرف له طريقًا حتى كتابة هذه السطور والنهاية طفلة باسم أب وهمي، ومازالت المسكينة تصارع من اجل استخراج شهادة ميلاد لطفلتها؛ تفاصيل حكاية آية ترويها السطور التالية.

تقول «آية « في حكايتها: خدعنى باسم الحب، صدقته لكننى لم أسلم له نفسي وإنما اعتدى علي رغمًا عنى وللأسف لم استطع اثبات ذلك؛ حكايتى بدأت منذ أكثر من 10سنوات عندما تعرفت على سيد في فرح احدى صديقاتى وصارحنى بإعجابه لي وأنا بادلته نفس الشعور، بعدها تطور الإعجاب إلى حب، وتعددت اللقاءات بيننا، إلى أن طلب منى مقابلته بإحدى الحدائق ذهبت اليه وهناك اخذ يقنعنى بأنه يريدنى معه في حفل خطوبة في منزل أحد اقاربه ليعرفنى على أسرته وبالفعل ذهبت معه، وكانت المفاجأة بالنسبة لى أنه كان يخدعنى واعتدى علي هناك، بعدها طالبته بالزواج لكنه اخذ يتهرب منى وسافر ولم يعد حتى وقتنا هذا ذهبت إلى القسم وحررت محضرا بما حدث لكننى لم استطع إثبات ماجرى معي، وبعد شهرين اكتشفت حملي حاولت الاتصال به مجددا وبأسرته لكن لم ينصفنى احد، وفات الوقت الذى استطيع اجهاض حملى فيه، واستمر الحمل حتى أنجبت صغيرتى هنا، وقتها قررت أن اذهب إلى محكمة الأسرة بامبابة ورفعت دعوى حملت رقم 1369 لسنة 2011، وامام المحكمة طالب محاميّ الزام الاب بإجراء تحليل DNA وبالفعل قررت  محكمة الأسرة بندب مصلحة الطب الشرعي لإجراء الكشف الطبي والفحوصات والتحاليل اللازمة لي ولوالد ابنتى، لبيان ما اذا كانت الصغيرة نتيجة تلك العلاقة ام لا؟!

هروب الأب

ومضت آية تحكي قائلة: إلا أن والد ابنتى لم يحضر مما تعذر معه إجراء تلك التحاليل، وبعدها كان قرار المحكمة بإحالة الدعوى للتحقيق بالإثبات والنفي طالما تعذر الاب عن الحضور، واحضرت اثنين من الشهود اللذين اكدا وجود علاقة بينى وبينه، وانه طلب منى حضور حفل زفاف احد اقاربه، وانه روى لهما ماحدث لكنه اخبرهما بأننى فعلت ذلك بإرادتى.

 تستطرد آية حديثها  قائلة  والدموع تملأ عينيها: استمرت الدعوى لعدة أشهر وانا على امل إثبات نسب ابنتى لوالدها، لكن ماحدث كان العكس وخاب أملى حيث قضت المحكمة برفض الدعوى،وعللت المحكمة في دعواها بالرفض؛ أن الحكم صدر تأسيسًا على عدم توافر أي من شرائط ثبوت النسب إذ أن المدعية حملت من المدعي عليه سفاحًا ولا توجد علاقة زوجية بينهما سواء رسمية أو عرفية أو فاسدة.

خرجت من المحكمة أجر أذيال الخيبة وانا لا اعرف اين اذهب بابنتى وهى لا تحمل أي أوراق رسمية؟! ماذا سأقول لها عندما تكبر؟ّ! أليس من حقها ان يكون لها اب أن تعرفه و يتحمل هو نتيجة خطأه؟، أم عليّ وحدي أن اتحمل ذلك الخطأ؟، لم يكن بيدى سوى أن استأنف الحكم وللمرة الثانية تم رفض الدعوى، لم اجد امامى سوى اللجوء إلى نجدة الطفل بالمجلس القومى للأمومة والطفولة ليساعدونى في استخراج شهادة ميلاد لطفلتى كي تحمل اسم اب اعتباري بعدما فشلت في الوصول إلى والدها وحثه على الاعتراف بها.

وتضيف آية: للاسف انا لا املك شيئا في الحياة الآن سوى ابنتى، فأسرتى تبرأت منى حيث حملنى الجميع مسئولية ما حدث، ولم يتحمل والد طفلتى أي شيء فهو الآن على ما سمعت تزوج من اخرى ويعيش مع اسرته ولا يعرف عنا أي شيء، فأنا لا اعرف ماذا افعل؟ لم يكن امامى شيء سوى اللجوء إلى القانون لكنه لم ينصفنى بدعوى أن حملى جاء سفاحًا رغم أنه ليس لى ذنب فيه وحدي، يحملني المجتمع الذنب وحدي وهو يعيش حياته وكأنه لم يرتكب ذنبًا يحاسبه القانون عليه؟!، فأنا كنت صغيرة السن وهو خدعنى باسم الزواج وحتى بعدما فعل فعلته هذه اوهمنى بأنه سيتزوجنى لكنه هرب ولجأت إلى القانون ولم استطع إثبات حقى، فماذا افعل الآن؟،هو قانون ظالم الذي لا يجبر الرجل على تحمل المسؤولية، أن يلزمه على اجراء تحليل الـ DNA لذا ارجو من مجلس النواب تغيير تلك القوانين حتى يتحمل الطرفان مسئولية ماحدث لا أن يتحمله طرف على حساب الآخر.

القانون

انتهت حكاية آية لكن حكايات من في مثل مشكلتها لم تنته؛ هناك من  الامهات من تمسكن بأطفالهن مثلها ومثل أميرة وأمل فتاة الدقهلية اللائى رفضن التفريط في اطفالهن والتمسك بهم، وهناك أيضا أمهات ألقين بأطفالهن نتيجة خطئهن في الشوارع وهناك من تتخلص منهم بقتل طفلها ونحن نرى ونقرأ ونسمع عن تلك القضايا، لذا يجب ان يتدخل المشرع بعين الرأفة لهؤلاء الأمهات ويحاسب المخطئ حتى لا يكرر اخطاءه مع اخريات ويعرف انه سيتحمل نتيجة فعلته بقوة القانون.

القانون الذي تعمل به المحاكم الآن ينص على أنه لا تسمع عند الإنكار دعوى النسب لولد زوجة ثبت عدم التلاقي بينها وزوجها من حين العقد، ولا زوجة أتت به بعد سنة من غياب الزوج عنها، ولا لولد المطلقة والمتوفَّى عنها زوجها إذا أتت به لأكثر من سنة من وقت الطلاق أو الوفاة.

وقد أكد سابقا النائب ايهاب رمزى استاذ القانون الجنائي وعضو اللجنة التشريعية والدستورية بمجلس النواب؛ ان هناك فعلا مشكلة حقيقية في قضايا اثبات النسب فالنسب يتم اثباته بالإقرار، فإذا لم يقر لا يتم اثبات النسب خاصة إذا لم تستطع المرأة اثبات الزواج وهنا تكمن المشكلة، لهذا يجب أن يكون التعديل بما يتماشى مع العصر الذى نحن فيه

أقرأ أيضأ : 15 شخصًا.. ننشر أسماء مصابي حادث الصحراوي في قنا