«زفة بمليون جنيه».. الزواج في الصعيد للأغنياء فقط

صورة لمشهد من أحد الأفراح بمحافظة قنا
صورة لمشهد من أحد الأفراح بمحافظة قنا

طقوس غريبة وعادات تحكمها التقاليد، ومصاريف باهظة يتحملها العريس وأهل العروس، تهدد البعض بالحبس، لاقتراضهم أموالًا لإتمام العُرس، وعدم قدرتهم بعد ذلك لسدادها، وبالرغم من عدم مقدرة البعض على مصاريف الزواج، إلا أنه يحاول "محدش يكون أحسن منه"، تحت شعار ما أطلقه البعض في مثل هذه المواقف بـ"الفشخرة الكذابة".

فمنذ أن يخطط الشاب للزواج، وأول ما يدور في ذهنه، كيف يُثبت للجميع "انه جاب اللي محدش جابه وعمل اللي معملهوش حد"، وهذا يكلفه مصاريف كثيرة، لا يستطيع تحملها، الأمر لم يتوقف عن العريس، بل الغيرة عند العروس وأهلها، التي تجبرهم على شراء مستلزمات أفضل وأغلى من أقارب العروس أو أصدقائها، ولإثبات لوالدة العريس وأسرته " انها جابت كثير محدش جابه قبل كده".

عادات وتقاليد كثيرة مبتدعة في الزواج هنا في قنا، تتمثل في الغلاء في المهور والتجهيزات والشبكة ورد الشبكة وليلة الحناء والصباحية وغيرها، باتت تشكل خطرًا كبيرًا على اتمام عقد االزواج، وتؤثر بشكل سلبي على الفتيات، بعد ارتفاع نسبة العنوسة في قنا، وفقًا لما رصده المجلس القومي للمرأة بقنا، لعدة أسباب منها القبلية ومنها الغلاء في المهور وتقاليد الزواج.

ووفقًا لما رصدته بوابة أخبار اليوم، فإن طقوس الزواج في الصعيد، مكلفة للغاية، تصل قرابة مليون جنيه، لمتوسطي الدخل، يتحمل العريس فيها، قرابة 700 ألف جنيه، تتمثل في بناء الشقة وتشطيبها وتجهيزها، إذا كان الزوج يسكن في بيت العائلة، أما إذا كان الزوج سيقوم بشراء شقة، فإن المبلغ سيزيد حسب قيمة الشقة، ويتحمل العريس فرش غرفتي النوم والأطفال والتكييف والأنتريه أو الرُكنة، كما يتحمل العريس شراء شبكة بمبالغ تصل ما بين 30 ألف و 100 ألف جنيه، وليلة الحناء التي تصل إلى 50 ألف جنيه، بعد ذبح عجل وطهيه وتقديم اللحوم والخضار لمئات المحبين، ومنشد أو قارئ للقرآن الكريم، كما يتحمل حفل الزفاف الذي يتراوح ما بين  30 ألف إلى 50 ألف جنيه، وكتابة قائمة تتراوح ما بين 300 ألف إلى قرابة مليون جنيه في بعض الأوقات.

اقرأ ايضاً :عبدالجليل: الخطوبة وعد بالزواج وضرورة تجنب التجاوزات البعيدة عن الدين

أما العروس فتتحمل أسرتها، شراء المطبخ بكافة مستلزماته، والأجهزة الكهربائية بكافة أنواعها، والسجاد والستائر والصالون، ورد الشبكة والصباحية، وتتراوح تكلفة ما يشتريه أهل العروس من متوسطي الدخل قرابة 300 ألف جنيه.

تبدأ مراسم الزواج في الصعيد، بأن يتقدم أحد الشباب لخطبة فتاة، عن طريق مرسال من الأقارب، وبعد السؤال على العريس، يتم تحديد موعد الاتفاق، إذ يذهب العريس وأسرته إلى منزل الفتاة المُراد خطبتها، للتعارف وتقارب وجهات النظر، وهنا يبدأ أول مراسم الخطبة، إذ تدخل العروس حاملة "صنية" عليها مشروبات غازية أو عصير، وتجلس في جلسة تضم العريس وأهله وأهل العروس، وإذا نالت العروس إعجاب العريس وأيضًا أهله، يقوم العريس بوضع مبلغ مالي على "الصنية"، يتراوح ما بين ألف وألفان جنيه، أو وضع هدية عبارة عن خاتم من الذهب، وهذا يُعني أن العروس نالت إعجاب العريس وأهله، لتبدأ الاتفاقات بين الأهل على خطوات ومستلزمات العروسين لإتمام حفل الزفاف.

يتم الاتفاق في هذه الجلسة، على كافة الأمور، من قائمة وذهب وفرش عش الزوجية، وموعد الفرح، كل الأمور المتعلقة بالزواج، والتي تبدأ بالشبكة وملابس العروس، والتي يتحملها العريس، إذ تصل قيمة الذهب ما بين 30 ألف و100 ألف جنيه، بينما تصل قيمة ملابس العروس ما بين 10 آلاف و30 ألف جنيه، يتم دفعها للعروس لشراء الملابس قبل اتمام الزواج، كما يتم الاتفاق على فرش عش الزوجية وما يتحمله العريس وأهل العروس والقائمة التي تحفظ حق الفتاة.

من الطقوس الغريبة في الزواج بقنا، موكب شراء الشبكة، وفيه ينطلق أهل العروسين، في موكب يضم العديد من السيارات، لاختيار الشبكة من محال المصوغات الذهبية في المدن، ولا بد أن يتناول جميع الحضور المشروبات الغازية والحلوى هناك، ويشاهد الجميع ما قدمه العريس لعروسته من مصوغات ذهبية، وبالرغم من الفرحة التي تعم الجميع، إلا أن بعد المواقف سجلت مشاجرات بين أهل العروسين "خاصة السيدات" بسبب خلافات بينهما أثناء شراء الذهب، مما أسفر عن فشل اتمام الزواج.

في يوم الشبكة لا بد وأن يقوم العريس بشراء طقم ملابس كامل لعروسته، وأيضًا شراء الفول السوداني والحلوى، حتى تعود به العروس إلى منزلها، وأيضًا أهل العريس، لتقديمه لكل من يقدم التهاني بشراء الذهب، وفي نفس اليوم، يعود موكب أهل العريس وأهل العروس سويًا إلى منزل العروس لتناول واجب الغذاء هناك، وأحيانًا يتم اجراء احتفالية "لبس الشبكة" في نفس اليوم، أو تحديد موعد للشبكة لاحقًا يتحمل تكلفته أهل العروس أو بالمناصفة بينهم وبين العريس حسب الاتفاق.

بعد أيام من شراء الشبكة، يُجهز أهل العروس ما يسمى بـ"رد التسويقة أو رد الشبكة"، وفيه يقوم أهل العريس بشراء خروف أو عجل أو كميات كبيرة من الحمام تصل في بعض الأحيان إلى "30 جوز حمام وفرد"، وخضار وفاكهة، وينطلقون في موكب مصغر يضم سيدات ورجال وشباب إلى منزل العريس، للتعارف على أسرته ومعاينة عش الزوجية، وتقارب وجهات النظر بين جميع الأقارب.

يبدأ العروسان بعدها، في تجهيز عش الزوجية ، من تشطيب واختيار ألوان الشقة، وأيضًا اختيار المستلزمات المتفق عليها سابقًا، بالتراضي بينهما، وبعدها يتم الاتفاق على تحديد موعد الزفاف، يتخلل كل ذلك الهدايا المستمرة من العريس لعروسته، وضرورة أن يشتري لها كل خميس " عشاء" عبارة عن لحوم وخضراوات وفاكهة، وإن كان ذلك اختفى نسبيًا إلا أن بعض الأهالي ما زالوا يمارسون هذه العادة.

يتحمل العريس في مراسم حفل الزفاف، خبيز الفرح وإقامة ليلة الحناء، وفيها يقوم بشراء عجل وذبحه وتقديم واجب الغذاء للمعازيم من الأهل والأحباب والأصدقاء، وفي نفس اليوم يحضر مقرىء للقرآن أو منشد ديني لإحياء ليلة الحنة، وبعدها ينطلق في موكب كبير إلى منزل العروس أو مكان تقيم فيه ليلة الحناء، التي يتحمل تكاليفها والد العروس، ويجلسان سويًا في كوشة واحدة، وقبلها لا بد وأن تبعث والدة العريس لعروسته لحوم وخضراوات وفاكهة في منزل ابيها، لتتناول العشاء الأخير هناك، وهذا ما تفعله أيضًا والدة العروس مع ابنتها، إذ تجهز لها الطعام وتضعه في ثلاجة منزلها الجديد لتناول " عشاء ليلة الدخلة".

ثم تأتي ليلة الزفاف والتي يتحملها العريس بالكامل من حجز قاعة وفراشة ومشروبات غازية وسيارات، كما يتحمل العريس فستان الفرح والكوافير والسيشن، وهذا يكلفه قرابة 30 ألف جنيه.

وبعد انتهاء حفل الزفاف، الذي أحيانًا لم يحضره والدها إذا كان مُقام في قرية، أما إذا كان في أحد النوادي فيحضره، والده، وبعدها يقوم أهل العروس بتوصيلها إلى منزل العريس، وينصرفوا بعد تقديم واجب الضيافة لهم.

وفي يوم الصباحية تأتي والدة العروس وأقاربها من السيدات، ومعهم الفطير والحمام والخضراوات والفاكهة، لتقديمه للعريس وأهله، وتقوم بعدها والدة العروس بتوزيع الحمام والفطير على الأهل والأقارب والمحبين.