..كل مجتمع لديه عادات وتقاليد خاصة به، وبالتالي لا يجوز أن يأتي شخص من ثقافة وبيئة تختلف عن البيئة التي اعيش فيها ويجبرني على تنفيذ أفكاره، فما يقبله هو في بيئته التي تربى بها ليس بالضرورة أقبلها انا، فيجب عليه أن يحترم ثقافتي وعاداتي وتقاليدي، طالما هو الذي سيأتي عندي في منطقتي في بلادي لذلك تلك المحاولات الغربية لفرض ثقافتهم وأخلاقهم في منطقتنا العربية باستخدام أساليب ضغط ملتوية مرفوضة شكلا وموضوعًا.
فنحن لن نقبل تلك الوصاية الغربية التي تريد فرض الموبقات والأفكار الشاذة بدعوى الحرية، فهذه ليست حرية بل محاولات لمستعمرين سابقين يريدون تنفيذ ما فشلوا فيه خلال سنوات طويلة عاشوها في بلادنا كمستعمرين محتلين لأراضينا، يريدون نشر أفكارهم الاستعمارية لكن بطرق أخرى ومن يرفض تعمل ماكينة الميديا الغربية لاغتياله معنويًا، من خلال وسائل إعلام تتشدق في العلن بأنها حرة مستقلة تتحدث من نفسها ولكنها في حقيقة الأمر تتحرك من قبل أجهزة ودول فلا توجد وسيلة إعلامية واحدة أيا تكن الدولة التي تنتمي إليها تستطيع أن تقول أنها وسيلة إعلامية محايدة أو مستقلة.
من يرى وسائل الإعلام الغربية وتحديدًا البريطانية وهى تنتقد كل ما يحدث في بلداننا العربية يتخيل انهم يعيشون في عالم من الجنة، عالم فيه حقوق الإنسان تُحترم لكنهم في حقيقة الأمر يهتمون بحقوق الإنسان العربي أكثر مما يهتمون بحقوق من يعيش في بلدانهم، وإلا لما لا يتحدثون عن الانتهاكات التي تحدث وحدثت للمهاجرين في بريطانيا على سبيل المثال، لماذا لا يتحدثون عن العنصرية الموجودة في بلادهم بكل أشكالها البغيضة والحوادث التي تحدث في شوارعهم يوميا تنتهك آدمية المهاجر المقيم في بلدانهم.
لماذا لا تتحدثون عن مراكز إيداع المهاجرين في بلدانكم وما يحدث فيها من انتهاكات لحقوق الإنسان وتعميق وضرب وإهانة أليس هؤلاء المهاجرين لهم حقوق أليسوا من بني البشر، اين منظمات حقوق الإنسان التي لا ترى وتمتعض وتشجب وتهدد إلا عندما تكون السهام موجهة للدول العربية ولكن عندما يكون الأمر متعلق بما يحدث في الدول العربية لا نجد لهم موقفًا بل لانراهم أصلا .. اين منظمة العفو الدولية التي كانت أقامت مؤتمرات لأشخاص معروفين في بلادنا، اين الهيومان رايتس ووتش مما يحدث في ايطاليا وفرنسا ضد المهاجرين والعنصرية عليهم؟!، اين حقوق الإنسان فيما يحدث في الدول الاسكندنافية ضد المهاجرين أيضا وما يتم فرضة عليه؟!.
تلك المنظمات لا تعمل إلا علينا فقط لكن في بلدانهم لا يستطيعون التحدث؛ فتلك البلاد مازال بعض ساستها يتخيلون أنهم يعيشون في عصور الظلام فما يقولوه يجب أن يحدث في بلداننا العربية فيوجهون إعلامهم ومنظماتهم الحقوقية لنشر ثقافتهم وأخلاقهم علينا لكن ذلك لن يكون.
إذا تحدثنا عن الرياضة وكرة القدم وحاولنا أن نفعل أي شيء ولو رمزي للحديث عن القضايا العربية المشروعة؛ فلسطين على سبيل المثال التي تعاني من احتلال غاشم منذ ١٩٤٨ نجدهم يهاجمونا ويقولون إن الرياضة لايجب أن يتم تسيسها بأي شكل من الأشكال ويفرضون عقوبات على من يفعلها، لكن عندما يحدث العكس وتكون القصة في أوروبا ويفعلون هم ما اعترضوا عليه من قبل كما شاهدنا ونشاهد في كل ملاعب أوروبا دعمًا لأوكرانيا ضد روسيا فهم يفعلون بدعوى حماية شعب بلد أوروبية وقتها يتم تسييس الرياضة ويصبح الأمر مقبولا بل وفرضًا ومن لا يفعل ذلك يصبح عدوًا لهم ولا يهتم بحقوق الإنسان.
هل أهل فلسطين الذين يقتلون بوحشية تحت رحمة احتلال غاشم لأقل الأسباب أليسوا هؤلاء بشر، فلماذا إذن الكيل بمكيالين ولماذا لا تتحدث الهيومان رايتس ووتش ومنظمة العفو الدولية عما يحدث في المعتقلات ضد الفلسطينيين لكنهم يبكون على الشعب الأوكراني ونحن معهم نبكي ونحزن على كل انتهاك لحقوق الإنسان في أي مكان لكن الجميع لدينا سواء فنحن لا نكيل بمكيالين على عكس هؤلاء المتشدقين بحقوق الإنسان على الشاشات طالما ليست في بلادهم، نعم أنا مع كشف أي انتهاك لحقوق الإنسان نستطيع أن ننقذ فيه انسان مظلوم في أي مكان بالعالم لكن أيها السادة نحن لا نكيل مثلكم بمكيالين.
عروس الشرقية
توقفت خلال الأيام الماضية أمام الموقف الصعب الذي عاشته تلك الفتاة في قرية المسلمية التابعة لمركز صان الحجر بالشرقية، فهى قد تزوجت لمدة يوم واحد فقط وطلقها زوجها بعد أن قال إنه شك في عذريتها في ليلة الدخلة.
مأساة مهولة عاشتها تلك الفتاة المسكينة لمجرد الشك، حياتها تحولت جحيم بعد أن كانت تهنئ نفسها بحياة زوجية سعيدة، أصبحت على كل لسان لمجرد الشك، حياة فتاة ومستقبلها ونظرة الناس لها كل ذلك انتهى لمجرد الشك.
لذلك لم أشعر بالامتعاض مما فعله الاب الذي عرض ابنته لكشف طبي رسمي لبيان عذريتها حتى يبرأها إمام أهل القرية جميعا ويكشف زيف ما ادعاه الزوج، فالكشف أثبت أن الفتاة عذراء وأن غشاء البكارة موجود وان شك الزوج ليس في محله وأنه شك قاتل.
الاب الذي اصيب بنظرات الناس القاتلة لمدة يوم كامل كان معه الحق في أن يفعل ما فعله بعد أن أثبت الكشف الطبي براءة ابنته مما تم اتهامها به، فحملها على كتفه في زفة شعبية مرت بكل منازل قريتهم وتوقف أمام منزل اهل طليق ابنته وهم يحملون الورقة التي تثبت أنها عذراء وعفيفة وشريفة وأن اتهام الزوج لها هو اتهام باطل.
تلك القصة أصابتني بحالة من الاشمئزاز للأفكار والشكوك التي كادت أن تضع تلك الفتاة المسكينة في مأساة طوال حياتها، بل كانت يمكن أن تؤدي بحياتها لولا تدخل ابوها الذي وثق في ابنته وفي براءتها وأصر على أن يثبت أنها بريئة أمام كل اهالي قريته وانه «عرف يربي» رغم قسوة تعرض الفتاة للكشف الطبي على عذريتها لكنه هو الأمر الوحيد الذي يعيد كرامة ابنته بعد أن قتلها زوجها معنويا امام أهل القرية جميعا.
فشكرا لذلك الأب الذي لم ينجرف وراء الأقاويل واتأسف وغيري لتلك الفتاة التي مرت بما لا يستطيع بشر أن يتحمله فنحن مازلنا نقتل لمجرد الشك.