أفكار متقاطعة

آخر دولة احتلال

سليمان قناوى
سليمان قناوى

على خريطة الدنيا لا تزال اسرائيل هى البقعة السوداء التى تلطخ الكون، فهى الدولة الاستعمارية الوحيدة  فى العالم التى تمارس الاحتلال فى أبشع صوره، لتظل جاثمة على انفاس الشعب الفلسطينى.

انتهى الاحتلال من كل أجزاء المعمورة إلا داخل الاراضى الفلسطينية التى تمارس فيها إسرائيل أبشع سياسات التفرقة العنصرية والانتهاك اليومى لحقوق الإنسان الفلسطينى.

الجوهر الاساسى للقضية الفلسطينية، وهى انها قضية احتلال من جانب، وحركة تحرير من جانب آخر، عادت لجذورها قبل ايام بعد مشروع قرار للامم المتحدة بتشكيل لجنة خاصة لإنهاء الاستعمار وفقا لطلب السلطة الفلسطينية، قبيل التوجه إلى محكمة العدل الدولية بلاهاى لصالح الطلب، وإلزامها بإبداء رأيها القانونى بخصوص شرعية الاحتلال الإسرائيلي. ويفسر خبراء القانون الدولى مشروع القرار الخاص بأنه طلب إحالة للبت فى موقف القانون الدولى من الاحتلال الإسرائيلى من خلال محكمة العدل الدولية.

صوتت 98 دولة لصالح القرار، و17 دولة ضده، منها كندا وامريكا والتشيك وألمانيا وأستراليا والنمسا وإيطاليا، وامتنعت 52 دولة. لم استغرب موقف الدول التى عارضت القرار ونفاقها المفضوح، واستمرارها فى سياسة الكيل بمكيالين، بمعاقبة روسيا لغزوها اوكرانيا، ودعمها لدولة غزت فلسطين منذ 74 عاما ولا تزال تحتلها لتكون النشاز الوحيد عالميا. ربما جاء هذا القرار كرد فعل على الحكومة الاسرائيلية المزمع تشكيلها، والتى ستضم احزابا يمينية متطرفة كحزب عوتسما يهوديت. ويخشى قادة اسرائيل ان تعود محاولات الملاحقة القضائية الدولية لهم اذا ما وصل الامر للمحكمة الجنائية الدولية، اذ ستصوت الجمعية العامة للامم المتحدة الشهر القادم قبل نقل القرار الى المحكمة الجنائية الدولية. وربما يرى البعض ان قرارات الجمعية العامة للامم المتحدة لا تقيم لها اسرائيل اى اعتبار، فحتى قرارات مجلس الامن الاقوى الزاما كالقرار 242، رفضت تل ابيب تنفيذها بتأويل القرار بأنه انسحاب من أراضٍ احتلتها، اى بعض الاراضى وليست كل الاراضى، وحتى بعض هذه الاراضى لم تنسحب من سنتيمتر منها، بل تستديم يوميا فى التهامها لتشيد فوقها مستوطنات تمتد لتلتف حول المدن الفلسطينية. ومع ذلك فالقرار الاخير يذكر العالم - الذى نسى او تناسى - ان هناك دولة فى العالم لا تزال فى القرن الـ21 تحتل اراضى دولة اخرى، ومن جانبنا علينا إحياء منظمة التحرير الفلسطينية، فكلمة تحرير تذكر الجميع أن هناك احتلالا.