مكتباتهم ومكتباتنا

صوره أرشيفيه
صوره أرشيفيه

وصلتنى مؤخرًا رسالة من صديق وشاعر سورى يقيم فى ألمانيا، يقول فيها إنه وجد نسخة موقعة من إحدى رواياتى بالمكتبة العامة فى المدينة التى يعيش فيها. أرفق برسالته صورة للإهداء العام المكتوب بخط يدى، لأكتشف أن الرواية حديثة ومشتراة من معرض عربى كبير خلال العام الفائت.

واللافت أن المكتبة ليست مخصصة للأدب العربى وحده، ومع هذا تتوافر بها كتب عربية كثيرة صادرة لتوها. وكما فهمت من أصدقاء آخرين يقيمون فى مدن أخرى، يتكرر الأمر نفسه فى المكتبات العامة الألمانية عمومًا، إذ يحرص المسؤلون عنها على تزويدها دوريًا بمجموعة من أحدث الإصدارات. وبما أن الوجود العربى أصبح ملحوظًا وفاعلًا فى ألمانيا فى السنوات العشر الأخيرة، كان لا بد من مواكبته بتوفير عناوين عربية حديثة للمنفيين واللاجئين العرب هناك.


وقبل شهور نشرت كاتبة عربية مقيمة فى فرنسا صورًا عدة لروايات وكتب عربية حديثة قرأتها فى مكتبة باريسية عامة. صحيح أنها ذكرت أن هذه المكتبة تحديدًا مهتمة بالأدب العربى، أى قد لا تتوفر هذه الكتب فى مكتبات فرنسية أخرى، لكن حداثة العناوين وتنوعها وأهميتها، توحى بأن مسؤولى التزويد فى المكتبة متابعون جيدون للأدب العربى، وأنهم يقومون بدورهم على أكمل وجه.


دفعنى هذا للتفكير فى حال المكتبات العامة عندنا، والتساؤل: هل يحرص المسؤلون عنها على تزويدها بالإصدارات الجديدة أولًا بأول؟ وهل يرتادها قراء حريصون على الاستفادة مما تتيحه من كتب؟ وإن لم يكن هناك رواد كثيرون، هل تفعل إدارة المكتبة شيئًا لجذبهم إليها؟ أنشطة مبتكرة مثلًا أو مسابقات من نوعٍ ما؟


أكاد أعرف الأجوبة على هذه الأسئلة وما يشابهها، لكننى أعرف أيضًا إلى أى درجة يمكن أن تسهم مكتبة واحدة فى إثراء حياة مرتاديها ودفعهم إلى آفاق بعيدة لم يكونوا ليتخيلوا أن يبلغوها يومًا.


وأتذكر أننى أدين بأهم قراءاتى خلال المرحلة الجامعية إلى مكتبة عامة، كانت قد فتحت أبوابها لتوها فى ذلك الوقت. وفيها قرأت كل أعمال عبد الرحمن منيف ومحمود درويش وبعض أعمال هانى الراهب ومؤنس الرزاز وحنا مينا وغيرهم إلى جانب أهم أعمال الكتاب المصريين والأجانب.

وقبل سنوات قليلة، زرت المكتبة نفسها، بدافع الفضول، فاكتشفت أنها للأسف لم تعد تتابع جديد دور النشر، ولن أبالغ إن قلت إن عناوينها الأحدث تكاد تتوقف عند الفترة التى اعتدت ارتيادها فيها خلال دراستى الجامعية.


فى النهاية، أتمنى أن يتم الارتقاء بأحوال مكتباتنا العامة، وترغيب أطفالنا وأبنائنا فى زيارتها والاستفادة مما توفره من كتب وأنشطة، إذ ما أحوجنا إليها اليوم، فى ظل الظروف الاقتصادية الصعبة التى نمر بها حاليًا.

وفى ظل الأزمات التى تصعب عمل دور النشر الخاصة. وفى رأيىّ أن تفعيل وتنشيط المكتبات العامة ومكتبات المدارس والجامعات، يصب على المدى البعيد فى صالح دور النشر الخاصة، سواء عبر الشراء المباشر منها لتزويد هذه المكتبات دوريًا بإصدارات جديدة، أو عبر نشر عادة القراءة وتوسيع شرائح المقروئية فى العموم.

اقرأ ايضا | تصميمات مستقبلية للمكتبات من طلاب هندسة الألمانية بالقاهرة