محمود سالم يكتب: الفرصة الأخيرة

محمود سالم
محمود سالم

لطالما منحتنا الطبيعة ما تملكه من ثروات لا حصر لها من هواء وماء وشمس وبترول وغاز وذهب ومعادن أخرى عديدة، لقد منحتنا ثقتها لكى نعيش نزرع ونأكل ونشرب، لكن البشر كانوا ناكرين للجميل وأغضبوها بالانبعاثات الحرارية والكربون الأسود لتتحول ومعها كل الحق إلى وحش فى صورة أعاصير وأنهار تنضب مياهها وفيضانات تهدد المدن الساحلية وغير الساحلية .

لقد بدت آثار التغير المناخى واضحة ولم يعد هناك شك فى أن الطبيعة سوف تواصل الانتقام من البشر لو استمرت تلك الأوضاع نتيجة الاحتباس الحرارى القادم من الدول الصناعية الكبرى التى التزمت بدفع 100 مليار دولار فى قمة المناخ السابقة لتعويض الدول الفقيرة لكنها لم تلتزم إلا بدفع نحو 1% فقط من تلك الالتزامات وهو الأمر الذى وضعته مصر أمام قمة المناخ المنعقدة حاليا بشرم الشيخ حتى تتحول الالتزامات إلى التنفيذ فلا نملك ترف استمرار هذا النهج وربما تكون الفرصة الاخيرة لإنقاذ كوكب الأرض وهى مسئولية كبرى لابد أن تتحملها من تسببت فيها وإلا قل على الدنيا السلام قبل أن تعود البشرية إلى حياة العصور الوسطى!.

والحقيقة أن مصر لم تدخر جهدا وتحملت مسئوليتها فى هذا الشأن بداية من القيادة السياسية مرورا بالحكومة وخاصة وزارات الخارجية والتخطيط والتعاون الدولى وانتهاء بالشركات ومراكز البحوث وفى المقدمة المركز المصري للدراسات الاقتصادية برئاسة عمر مهنا وإدارة د. عبلة عبد اللطيف الذى خصص عدة جلسات موسعة حول تلك القضية الشائكة، وبالقطع لا يمكن إغفال دور د. محمود محيى الدين رائد المناخ للرئاسة المصرية والذى لعب دورا مهما فى مؤتمر المبادرة الوطنية للمشروعات الخضراء الذكية قبيل انعقاد قمة المناخ بحضور رئيس الوزراء وعدد كبير من الوزراء ورئيسة المجلس القومى للمرأة د. مايا مرسى والسفير هشام بدر المنسق العام للمبادرة.

تلك المبادرة سوف تكون حدثا سنويا ترعاه الحكومة وهى مبادرة غير مسبوقة تؤكد الجدية فى التعامل مع البعد البيئى وتترجم إلى حد كبير أهداف توطين التنمية المستدامة وتجسد مفهوم حماية البيئة وهو ما أكده د. مصطفى مدبولى ود. محمود محيى الدين ود. هالة السعيد . وقد فاز 18 مشروعا من بين 6281 مشروعا تقدمت بها المحافظات وشملت التعامل مع المخلفات لتوليد الطاقة وإعادة تدوير البلاستيك ومعالجة وتحلية المياه .

لقد جاءت المبادرة ترجمة حقيقية  لعنوان قمة المناخ وهوالانتقال من مرحلة التعهدات إلى مرحلة التنفيذ للمشروعات  التى تحد من التغيرات المناخية خاصة أن خسائر العالم من تغير المناخ تتراوح بين 300 و500 تريليون دولار فى الفترة بين 2030 و2050 كما أن 300 مليون بنى آدم سوف يعانون الفقر المدقع وهناك 200 مليون مهددون بالهجرة الداخلية نتيجة غضب الطبيعة، فإذا كانت الفرصة الأخيرة صعبة فى ظل الأوضاع الدولية الراهنة فإنها ليست مستحيلة .