عاجل

المعزول مرسى مجرد صورة.. ومصر عاشت أجواء ضبابية تحت حكم الإخوان

صفحات شيقة من حياة «البابا»|سر العدد «77» فى رحلة «وجيه» ! لماذا اعتزل كرة القدم مبكرًا؟!

البابا تواضروس يتلقى التهنئة من محررة الكتاب الإعلامية شيرين عبدالخالق
البابا تواضروس يتلقى التهنئة من محررة الكتاب الإعلامية شيرين عبدالخالق

«كل دول العالم فى يد الله ..ولكن مصر فى قلب الله .. لذا أنا مطمن على «مصر» ، بهذه الكلمات كان قداسة البابا تواضروس الثانى بابا الإسكندرية وبطريرك الكرازة المرقسية مؤمنًا بوطنه.

لم يتخل عنه يوماً على مدار عشرة أعوام تقريبًا منذ أن اختير ليكون مسئولاً عن الكرسى البابوى عام 2012 فى ظروف صعبة وقاسية كانت تمر بها مصر، لتظهر مواقفه الوطنية المشهودة خلال تلك الفترات العصيبة، وبالرغم من الأحداث المؤسفة التى شهدتها البلاد، باعتبار أن الفتنة الطائفية هى سلاح خطير لشق صفوف المصريين، مستخدمين كل الوسائل والطرق المباشرة.

وغير المباشرة لتحقيق هدفهم الخبيث بعد أن فشلت مخططاتهم الدنيئة لاستهداف بلدنا، وإسقاطها فى دوامة الفتنة، إلا ويخرج علينا قداسة البابا بكلماته الثمينة ليعبر عن حكمته فى استيعاب الموقف، معبرًا عن حبه للوطن وتمنياته بالاستقرار والأمن والسلامة.

هذا هو ما سنقرؤه فى كتاب جديد أصدرته الدار المصرية اللبنانية للكاتبة والإذاعية شيرين عبدالخالق عن بابا الإسكندرية وبطريرك الكرازة المرقسية، يحمل عنوان «البابا تواضروس الثانى»..

سنوات من المحبة لله والوطن»، وقدمه المستشار عدلى منصور رئيس الجمهورية السابق، تناولت المؤلفة خلال الكتاب أهم الكواليس التى شهدها البابا تواضروس منذ توليه الكرسى البابوى حتى كتابة هذه الكلمات.


كما تضمن الكتاب أيضًا الحياة الشخصية لقداسة البابا فى مرحلتى: الطفولة والشباب فى حياة الدكتور الصيدلى «وجيه صبحى باقى سليمان» الذى ولد بالمنصورة لأسرة مكونة منه كأخ لشقيقتين، تنقلت فى المعيشة ما بين المنصورة وسوهاج ودمنهور، وعمله بالصيدلية، حتى قرر الرهبنة.

وانتقل للخدمة بمحافظة البحيرة فى 15 فبراير 1990 م، ثم نال درجة الأسقفية فى 15 يونيو 1997 م.ثم رحلته مع حياة الرهبنة فى 4 نوفمبر 2012، حيث تم اختياره عن طريق القرعة الهيكلية ليكون بابا الكنيسة القبطية الأرثوذكسية رقم 118.


نستعرض اليوم فى تقريرنا محطات مهمة فى طفولة البابا تواضروس مستشهدين ببعض الجمل من الكتاب كالجولة فى سجن سوهاج فيقول البابا: من الأشياء الجميلة التى غرسها فى والدى مع بداية دخولى المدرسة، قال لي: «أنت كبرت وأصبحت رجلًا وستخرج كل يوم من البيت إلى عملك مثل والدك، وعملك هو دراستك، وعليك أن تحضر لشقيقتك الصغرى الحلوى وأنت عائد من المدرسة، وسأعطيك كل يوم قرشًا».


وكان أمرًا واحدًا ينغص على هذه السعادة، كنت أبكى عند عودتى يوميًا من المدرسـة، فأخذ والدى ووالدتى يسألانى عن سر بكائي، حتى صارحتهما بأنى أحب المدرسة، ولكنى أكره الطريق ويخيفنى ، فقد كان فى الطريق سجن سـوهاج.

وهو ذو أسوار عالية وباب ضخم وحراس أشداء، وفى اليوم التالى اصطحبنى أنا وشقيقتى إلى السجن ليذهب كل مخاوفي، وتحدث والدى إلى الحراس الذين كنت أهابهم، وبدأوا يداعبونني، وهذا الباب الذى كنت أخشاه دخلت وخرجت منه عدة مرات وأكلنا بالداخل عيشًا وحلاوة، والتقط مصور السجن صورة لى وشقيقتى بالألوان، وظلت ذكرى محفورة فى عقلى إلى الآن.


وخلال مراحله التعليمية تأثر البابا بمدرسته «أبلة أنجيل»، فقد كانت حنونة للغاية، وكانت تعامله مثل ابنها، وتأسره بابتسامتها الجميلة، واستمرت علاقته بها حتى بعد البطريركية، وقد توفيت قريبا وحزن لرحيلها.

وتأثر  البابا أيضًا بمدرس الرياضيات الأستاذ سعيد، وكانت تعلو جبهته حسنة كبيرة تشبه قطعة الشوكولاتة فكان طلابه يسمونه أستاذ سعيد شوكولاتة، ولكن أسلوبه المميز جعلهم يحبون الرياضيات جدًا، .


وعن حكاية الرقم 77، قال البابا هذا الرقم ارتبط بحياتى كثيرًا حيث أنهيت دراستى الابتدائية وحصلت على مجموع 77% واستمر معى يلازمني، حيث حصلت فى الإعدادية على نفس المجموع 77% وكذلك فى الثانوية، وكان رقم جلوسى 777671 وتخرجت فى كلية الصيدلة بتقدير جيد جدًا مع مرتبة الشرف، لا أعرف سر هذا الرقم، ولكنه لازمنى طويلًا.


وأضاف البابا ومن المواقف الطريفة فى حياتى أيضًا حينما نجحت وتفوقت فى الشهادة الابتدائية أهدانى والدى ساعة سويسرية ماركة «جوفيال»، وكانت من أشهر الماركات فى هذا التوقيت.

وفى أول يوم دراسة بالمرحلة الإعدادية، ذهبت للعب كرة قدم مع زملائي، ووقفت أنا حارس مرمى باعتبارى أطولهم، وأثناء اللعب وقعت، وارتطمت الساعة بالأرض وكسرت، وعوقبت بـ «علقة ساخنة»، وكان هذا اليوم هو نهاية علاقتى بكرة القدم لعبة وتشجيعًا ومشاهدة!


لنبتعد قليلًا وننتقل إلى أول لقاء بالمعزول محمد مرسى بعد أيام قليلة مضت على بدء مهمته رسميًا كبطريرك للكنيسة القبطية الأرثوذكسية، مصطحبًا وفدًا من الكنيسة، قال البابا: ذهبنا إلى قصر الاتحادية للقاء.

وكانت مقابلة رسمية تعاملت فيها برسمية شديدة، وقلت له: «أشكرك على توقيع قراري»، فرد قائلًا: «لا شكر على واجب، أنت اختيار رباني»، فضحكت فى سري، وكدت أقول له: «وأنت اختيار إخوانى».وبعد رحيل شقيقته، قدمنا العزاء، ولم أخرج من هناك إلا بانطباع ان المعزول مرسى مجرد صورة.


مضت الأيام، ثم تلقيت زيارة من السفير محمد رفاعة الطهطاوى رئيس ديوان رئيس الجمهورية آنذاك، وقد طلب منى طلبا غريبًا جدًا، أن أذهب إلى رئيس الجمهورية لالتقاط بعض الصور لتنشـر بالجرائد بهدف تصدير صورة بأن الأمور تمام مع الكنيسة، فصمتُ للحظة، وقلت له إجابة صعقته، لقد أجبت عليه: «هل تريد أن أكون ديكورًا؟ طبعًا لست موافقًا»، لتعيش مصر أجواء ضبابية تحت حكم الإخوان.


بلا شك سيبقى عام 2013 علامة فارقة فى تاريخ مصر، إذ جاء بمنعطف جذرى فى تطور الأوضاع فى البلاد، وبدأ هذا العام لدينا باحتفالات عيد الميلاد، فهذه كانت هى المرة الأولى التى أقـود فيها صلوات عيد الميلاد كبطريرك جديد فى ليلة عيد الميلاد بالكاتدرائية المرقسية بالعباسية.

ورغم فرحة أعياد الميلاد إلا أنها كانت فرحة مغلفة بالخوف، فرحة منقوصة، فالأحداث متسارعة والعنف يزداد يومًا بعد يوم ولا نعرف من وراءه تحديدًا، فى حين طلب مسئولون بالسفارة الأمريكية زيارتنا ورفضنـا.

وكانت الرغبة واضحة لاستغلال الأقباط فى الأحداث، والكنيسة المصرية كنيسة وطنية لا تنغمس أبدًا فى السياسة.. ثم تطرق فى حديثه إلى يوم اجتماع الثالث من يوليو، وتحديدًا الثانية ظهرًا، فوجئ البابا بمكالمة من القوات المسلحة المصرية، وطلبوا منه الحضور إلى اجتماع بالقاهرة، فرد معتذرًا بتلقائية وأخبرهم بأنه فى «كينج مريوط»، ليفاجأ بإخباره بتجهيز طائرة هليكوبتر له فى مطار برج العرب.

وبعد إعلان البيان كان الجميع فرحين وتبادلنا التهانى والأحضان، وجلسنا على مائدة واحدة نتناول الطعام، وكانت لحظات فارقة لا تنسى، وبدأت أشـعـر بـأن الوطن يتعافى ويعود من خاطفيه.
ومع تطور الاعتداءات العنيفة بعد فض اعتصامى رابعة والنهضة، قال البابا: لم أكن أعرف ماذا أقول؟ وكيف أتصرف؟ فالموضوع حساس للغاية، والاعتداءات ممنهجة،والخسائر فادحة.

ولدى ثقة ويقين وإيمان بأن هؤلاء ليسوا المسلمين إخوتنا، وأنهم لا يمثلون الإسلام، وتذكرت حينما كنا نسكن فى شقة فى بيت به عشر شقق، تسع للمسلمين ونحن الشقة المسيحية الوحيدة، وحينما رحل والدى طلبت والدتى من الجيران غرفة لاستقبال المعزين، حتى يكون هناك مكان للسيدات وآخر للرجال، فتحوا جميع بيوتهم لاستقبال المعزين.

وبعدها بعشر سنوات طلبت إحـدى الجارات مـن أمى فى بيتنا المساعدة فى زواج ابنتها، كانت هذه الأحداث والصور هى ما يسيطر علي، وخرجت للرأى العام بقوة وثبات وأعلنت أنهم لو حرقوا الكنائس سنصلى فى المساجد.

ولو حرقوا المساجد سنصلى سـويًا فى الشوارع، وكانت هذه الكلمات بمثابة ندى بارد.. لتتوالى الأحداث ختامًا بتهنئة من رئيس كل المصريين الرئيس عبد الفتاح السيسى خلال الاحتفال بعيد الميلاد المجيد وقال الرئيس: «أوجه كل التحية لكم وكل عام وأنتم بخير وسنة سعيدة علينا كلنا، السنة القادمة نحتفل بمرور خمسين سنة على إنشاء الكاتدرائية.

وأنا هنا فى بيت مـن بيوت ربنا، أدعو أن يحفظ الله مصر وأمن مصر ، وكان لهذه الزيارة أثر بالغ ليس لدى الأقباط فحسب، بل للمصريين، فالرئيس هو رئيس مصر ورئيس كل المصريين، وأن يكون ظهوره فى مطلع العـام ومع أعياد الميلاد فلذلك دلالة كبيرة لاحتواء الجميع وعدم الإقصاء، ثم كلمات التى خرجت من القلب حينما قال: «كلنا واحد وطول ما احنا واحد منخفش».
 

اقرأ ايضا | الفنانة ماجدة الرومي في ضيافة البابا تواضروس