السفير الألماني: مؤتمر المناخ أولوية قصوى لمصر

السفير الألماني
السفير الألماني

الدول الصناعية عليها مسئولية خاصة في مواجهة تغير المناخ
نمضي بأقصى سرعة تجاه الاعتماد على الطاقة المتجددة والهيدروجين الأخضر


أكد السفير الألماني بالقاهرة فرانك هارتمان أنه لمس جدية واهتمام الحكومة المصرية بإنجاح مؤتمر الأمم المتحدة لأطراف اتفاقية المناخ COP 27، الذي تستضيفه شرم الشيخ الشهر المقبل.
وقال هارتمان في تصريحات خاصة لـ"الأخبار" أن استضافة حدث مثل COP27 مهمة جسيمة تتطلب بذل جهوداً ضخمة على العديد من المستويات، بما فيها مستوى التنسيق الاقتصادي والمجتمعي والسياسي. وأضاف أنه خلال محادثاته مع الشركاء المصريين، تولد لدي انطباع بأن هذا المؤتمر يمثل أولوية قصوى للحكومة المصرية وأن الجميع يعملون بلا كلل للتأكد من أن الأمور تسير بسلاسة.
وأشار إلى أن المؤتمر يأتي في وقت حرج حيث أصبح تأثير تغير المناخ واضحًا للعيان في جميع أنحاء العالم، ومن ثم، إذا أردنا الحصول على فرصة للحد من هذه الآثار والتقليل من ظاهرة الاحتباس الحراري إلى 1.5 درجة مئوية، فنحن بحاجة إلى عمل فوري مشترك، بما يشمل مساهمات كبيرة في تمويل المناخ وصناديق التكيف المناخي، لكنه لفت إلى أن الأموال وحدها لن تكفي لوقف تغير المناخ، إذ يجب على المجتمع الدولي أن يتخذ خطوات ملموسة نحو تحول أخضر طموح، مؤكداً الحاجة إلى خطط عمل وطنية حاسمة وكذلك التبادل الوثيق بين صانعي السياسات والمجتمع المدني والفاعلين الاقتصاديين والعلماء.
وأضاف أن مجال الاستدامة والبيئة يلعب دوراً رئيسيًا في التعاون الألماني المصري، مضيفاً "جنبًا إلى جنب مع شركائنا المصريين المجتهدين على الأرض ومن خلال منظمتينا المنفذتين، المؤسسة الألمانية للتعاون الدولي GIZ وبنك الإئتمان لإعادة الإعمار KFW، حققنا العديد من المشاريع بدءًا من محطات الطاقة الكهرومائية والطاقة الشمسية وطاقة الرياح إلى إدارة النفايات والري". 
وتابع أن التعاون الألماني المصري في مجال الطاقات المتجددة يساعد على تقليل انبعاثات ثاني أكسيد الكربون بمقدار 2 مليون طن سنويًا. والهدف العام لهذه المشاريع هو تحقيق تقدم مستدام وتحسين الظروف المعيشية للناس. كما أن العديد من الشركات الألمانية المتخصصة في الحلول الصديقة للبيئة والتقنيات المتوجهة للمستقبل لها اهتمام كبير بمزيد من التعاون في مجال الطاقة، والمثال على ذلك خطط استكشاف الهيدروجين الأخضر. كما أشار إلى التعاون بين المجتمع المدني للبلدين المتمثل في هيئة التبادل الأكاديمي الألماني DAAD، ومعهد جوته والمؤسسات السياسية الألمانية مع العديد من المنظمات غير الحكومية المصرية. وعن طريق تأسيس "منتدى القاهرة للتغير المناخي"، Cairo Climate Talks، تم إنشاء منصة فريدة لتبادل الخبرات وزيادة الوعي وتعزيز التعاون بين صانعي السياسات وقطاع الأعمال والعلماء والمجتمع المدني.
وأكد السفير الألماني أن تغير المناخ يمثل أكبر تهديد أمني في عصرنا ويتطلب عملاً فوريًا ومشتركًا على المستوى العالمي، وهنا تبرز أهمية  COP27، باعتباره مرحلة للوصول إلى خارطة طريق مُلِحة، ولذلك علينا جميعًا أن نولي المؤتمر الاهتمام الواجب. 
وأضاف "للأسف، فإن الحرب العدوانية الروسية ضد أوكرانيا، التي انتهكت القانون الدولي بشكل صارخ، لها تداعيات هائلة ليس فقط على الأمن الدولي والأسواق المالية والأمن الغذائي، ولكن أيضا على كافة جهودنا لمكافحة تغير المناخ. فقد تسبب استخدام موسكو للغذاء والطاقة كأسلحة في حربها الهجينة في حدوث أزمة عالمية أدت إلى تفاقم العديد من المشاكل القائمة في بلدان مختلفة في جميع أنحاء العالم"، مؤكداً أن التعامل مع هذا الوضع يجعل من الصعب حشد الموارد الدولية التي نحتاجها بشكل عاجل في كفاحنا المشترك ضد تغير المناخ. ومن ناحية أخرى، قد تضخم هذه الصدمة العالمية أيضًا دعوة استيقاظ الدول، ومن ثم تحفزها على الإسراع بوضع خطط طموحة لمواجهة تغير المناخ، لافتاً إلى أن ألمانيا أدركت بشكل مؤلم إلى ماذا أوصلنا الاعتماد على الوقود الأحفوري؛ لذا باتت مسألة تحول الطاقة أكثر إلحاحًا وأصبحت إرادتنا لتسريع هذه العملية أقوى من أي وقت مضى.
وقال هارتمان إن الدول الصناعية مثل ألمانيا تتحمل مسؤولية خاصة تجاه البلدان التي تعاني بشكل خاص من عواقب تغير المناخ على الرغم من أنها ليست من بين المسببات الرئيسية للانبعاثات، مضيفاً أن ألمانيا تدعم مصر والدول الأخرى في جهودها للتوسع في الطاقات المتجددة وتحقيق النمو الاقتصادي المستدام والتقدم الاجتماعي. 
وشدد على استمرار برلين في التزامها بتعزيز الحماية الطموحة للمناخ على المستوى السياسي العالمي واستعدادها للوفاء بنصيبها، ويدل على ذلك زيادة ألمانيا تمويلها للمناخ بأكثر من عشرة أضعاف بين عامي 2005 و2020.
وقال السفير إن تغير المناخ وتأثيراته يظهر بصورة أكثر وضوحا كل عام، بدءاً من الفيضانات إلى الجفاف وفقدان الأراضي الخصبة. وهذه الظواهر لا تكشف فقط ضعف بيئتنا والتهديد المتزايد لمعيشتنا، بل تفصح أيضًا عن عاملاً أمنيٍاً، إذ تعمل الصدمات المتعلقة بالمناخ كمحفزات لنشوب الصراعات في جميع أنحاء العالم. لذلك، فإن الاستثمار في الطاقة الخضراء والمشاريع الصديقة للبيئة تعد ضرورة ليس لها بديل. 
وأشار إلى أنه في أوروبا تم اكتشاف الضعف الذي أوصلنا إليه الاعتماد على الوقود الأحفوري، بعدما تسببت الحرب الروسية في أوكرانيا وتلاعب موسكو بالطاقة وبالغاز في أزمة طاقة كبيرة، مؤكداً أنه على المدى الطويل، فإن الطاقة الخضراء هي الطريقة الوحيدة لتحقيق الاستقلال والاستقرار والأمن، على المستوى السياسي وعلى مستوى المناخ. لذلك نحن نمضي قدمًا وبأقصى سرعة باتجاه تحول الطاقة وتطوير تقنيات مستدامة جديدة مثل الهيدروجين الأخضر.