من الإسكندرية إلى أســــــــــــــوان.. كنـوز تنتظر الاهتمام

«المنوفية»: جبانة قويسنا وتل البندارية آثار مهدرة

إحدى الكنائس التاريخية بالمنوفية
إحدى الكنائس التاريخية بالمنوفية

تحظى محافظة المنوفية بالعديد من المقاصد السياحية والأثرية والتى تعود الى عصور زمنية مختلفة تتنوع مابين العصور الرومانية والقبطية والاسلامية الا أن معظم هذه المزارات لم تجد الرعاية المناسبة للترويج لها فظلت معظمها رهينة الجمود والروتين رغم قيام المسئولين عن منطقة المنوفية للآثار القبطية والاسلامية بتقديم أكثر من مقترح للمسئولين بديوان عام محافظة المنوفية وادارة السياحة بالمحافظة للعمل على تطوير هذه المقاصد السياحية واكثر من ٤٥ منشأه تاريخية منتشره فى ربوع قرى ومراكزالاقليم لم تجد الاهتمام اللازم بها تمهيدا لوضعها على الخريطة السياحية المصرية.

بداية قالت جيهان رشاد مدير منطقة المنوفية للآثار القبطية والاسلامية، أن المحافظة غنية بالمناطق الأثرية والتى تمثل عامل جذب سياحى ويتضمن ذلك المزارات الدينية ذات الشهرة العريضة ومنها على سبيل المثال مساجد العباسى بمدينة شبين الكوم والعمرى بمركز أشمون وسيدى شبل بمركز الشهداء وعائشة وحسيبة بقرية سرسموس بالشهداء ومزارات أثرية مثل قنطرة القرنين بمركز الباجور وتل آثار البندارية بمركز تلا بالاضافة لكنيستين بهما منقولات ومعثورات أثرية مسجلة.

وأضافت مديرة منطقة آثار المنوفية، أن المحافظة يوجد بها تل البندارية والذى يمتد على مساحة قدرها ٢٢ فدانا وتم استخراج حفائر مميزة من باطنه معظمها تعود للحقبة الرومانية الا أنها لاترى النور ويتم تخزينها بمخازن وزارة الآثار بمدينة رشيد ونحن كأثريين نحافظ على هذه المناطق السياحية والاثرية من التعرض لمخاطر التعديات.

كما نحرص على ترميمها باستمرار الا أننا نطالب المسئولين فى محافظة المنوفية ان يقوموا بوضعها على الخريطة السياحية وأن يتم الاهتمام بجميع الاثار الموجودة بالمحافظة وتكثيف اجراءات الوعى الاثرى لافتة الى أن منطقة المنوفية للاثار لاتألوا جهدا للعمل على زيادة الوعى الأثرى من خلال تدشين ندوات بمراكز الشباب والمدارس ومديرية الثقافة ودورات تدريبية فى قاعات تابعة للمحافظة يحاضر خلالها متخصصون من الآثار وانتقلنا بالنشاط التوعوى للجامعة وإبراز أهم المزارات السياحية للشباب تحت شعار اعرف بلدك.

كما قمنا بارسال بيانات كاملة للمسئولين عن ادارة السياحة بالمحافظة عن أهم المناطق الاثرية وطالبنا مرارا وتكرارا بتطويرها والعناية بها ووضعها على الخريطة السياحية، الا اننا لم نجد آذانا صاغية لمطالبنا المشروعة والتى تمثلت فى وضع آلية للجذب السياحى لتلك المناطق الاثرية بتكثيف الدعاية اللازمة لأهم المقومات السياحية ووضع لوحات ارشادية لابرز تلك المناطق والمزارات السياحية.


ورغم ذلك فقد قمنا سابقا بعمل مقترحات لتطوير عدد من المناطق الأثرية ذات الجذب السياحى كما هو الحال فى منطقة المسجد العباسى وقمنا بطرح ورقة عمل بذلك للمسئولين بديوان عام محافظة المنوفية وتم عمل المقايسات اللازمة الا أنه حتى الآن لم يستجب لنا أحد!


وأكد د. خالد حمزه رئيس قسم الاثار بكلية الاداب جامعة المنوفية ان لدينا منطقة « جبانة قويسنا» التى تم اكتشافها حديثا بمنطقة تل المحاجر، وهى من أكثر مواقع الاثار الفرعونية -اليونانية الرومانية ثراء، اذ تضم دفنات ومقابر ووحدات معمارية لغرف جنائزية من الطوب اللبن، وتوابيت حجرية وفخارية ومومياوات، ولقى أثرية مختلفة فمنطقة بهذا الثراء يمكن أن تهيأ لاستقبال السائح، وهذه التهيئة تتطلب وضع تصور واضح لمسار الزيارة من أين يبدأ السائح وأين ينتهى والاهتمام باللافتات الارشادية التى تلقى الضوء على المكونات الاثرية للمنطقة واعداد النشرات السياحية وتهيئة الطرق الخارجية والداخلية المؤدية للمزاروالتنسيق الحضارى للموقع والاهتمام بالنظافة والمرافق واعداد استراحات متميزة للسائحين وظهور كل انواع الحراسة بالمظهر اللائق بالموقع وانشاء مركز ثقافى سياحى يتضمن كل متطلبات السائح من كتيبات وسلع تذكارية.


من جهة اخرى تأتى جبانة قويسنا الاثرية على رأس المزارات السياحية التى عانت طويلا من الاهمال رغم اكتشافها عام 1990 وتأتى أهمية تلك الجبانة لكونها أكبر جبانة أثرية بمنطقة الدلتا ما جعلها مطمعا لاعمال السلب والنهب على مدى عصور عديده وتمتد المنطقة الأثرية بالجبانة على مساحة 365 فدانا وعقب القيام بأعمال الحفر فى مساحة فدان واحد فقط تم استخراج حوالى 3 الاف قطعة أثرية ما بين توابيت ومومياوات وعظام ولوحات كتابة الأوامر للخدم والعسكر وعملات ذهبية يرجع تاريخها لعصور مختلفة وبدلا من ابراز تلك المعثورات الاثرية ووضعها على الخريطة السياحية فقد تم حفظها فى مخازن وزارة السياحة والاثار بمحافظتى الشرقية وكفر الشيخ والمتحف المصرى بالقاهرة ومتحف طنطا فى الغربية بينما حرم أبناء المحافظة من مشاهدة تلك الكنوز الأثرية للآن والتى من بينها مئات القطع من التمائم والتعاويذ والجعارين من الذهب المضغوط والموجودة فى الأثاث الجنائزى علاوة على كثير من الرقائق الذهبية على شكل معبودات الجبانة «ايزيس وحابى وأوزوريس وحورس»، فضلا عن خواتم ذهبية عليها نقوش هيروغليفية وقنينات فخارية واشابيتات « وهى لوحات كتابة الأوامر للخدم والعسكر وما شابه ذلك»، ومقابض فخارية تحمل أختاما بالكتابة اليونانية القديمة وأوان مصنوعة من المرمر وتوابيت حجرية وتابوت من الجرانيت الأسود عليه نقوش لنصوص ومناظر مصرية قديمة.


ورغم أهمية منطقة قويسنا الأثرية إلا أنها سقطت من حسابات المسئولين بمحافظة المنوفية واختفت من خريطة السياحة المصرية وتعرضت المنطقة لإهمال جسيم وتعديات صارخة فى حين اكتفت هيئة الآثار بنقل معظم الكنوز المكتشفة إلى مخازن خارج الاقليم وتعانى جبانة قويسنا الاثريه من عدم تعبيد طريق مرورى يسهل انتقال الافواج السياحية اليها للترويج للمنطقة كأحد ابرز ملامح المحافظة.


وقد أوصى تقرير لاحدى اللجان المتخصصة بأهمية ضم 72 فدانا لملكية وزارة الآثار ووضع المنطقة الأثرية بقويسنا على الخريطة السياحية وإنشاء سور خارجى حول المساحة المملوكة لوزارة الآثار وإنشاء مبنى إدارى لنقطة شرطة وزيادة عدد حراس الآثار ووضع لوحات اليكترونية على طول الطريق الزراعى القاهرة-الاسكندرية لارشاد السياح وإقامة متحف بموقع الجبانة يضم الآثار الثقيلة بالموقع مع تأمينه بالأسلوب المتبع فى المتاحف الكبرى وعمل بانرات سياحية للشباب بالمنطقة لتوفير فرص عمل حقيقية مرتبطة بالموقع.

واشار د. على ناصر سليمان رئيس قسم التاريخ بكلية الآداب بجامعة المنوفية الى أن أراضى المحافظة غنية جدا بالاثار بل هناك مناطق أثرية هامة لم تكتشف حتى الان وتحتوى على كنوز اثرية عريقة لاسيما وان هناك بعثات أثريه تعمل لمزيد من الاكتشافات الاثرية النادرة.

كما هو الحال بمراكز قويسنا والشهداء ومنوف وبالفعل بذلنا كمتخصصين جهودا كبيرة فى ذلك الشأن وليس سرا ان هناك اثار حتى الان لايعرف احد عنها شيئا وللأسف الشديد منتهكه ولاتجد تقديرا يليق بها من قبل المسئولين بمحافظة المنوفية فى غياب تام عن الوقوف على قيمتها التاريخية النادرة وللأسف الشديد تعانى هذه الكنوز الاثرية من العبث بها بسبب الجهل وقلة الوعى ومن هنا تأتى أهمية الاسراع فى اقامة متحف قومى لمحافظة المنوفية وبصفة خاصة أن ذلك المطلب الحيوى يتزامن مع حالة الاهتمام التى توليها الدوله حاليا بالاسراع فى تطوير المناطق الاثرية والتاريخية ولاشك أن ذلك سيعود بتنمية الروح الوطنية لدى الشباب وعموم المواطنين بالاقليم.


واشار عونى نجيب اخصائى أول رسم آثرى بمنطقة آثار المنوفية الى أنه داعبتنا أمال عريضه بان يصبح لدينا متحف اقليمى الا أن تلك الأمانى فيما يبدوا قد ذهبت ادراج الرياح ومن هنا نناشد كافة المسؤلين بسرعة انجاز وعودهم السابقه نظرا لأهمية الاكتشافات التى يتم العثور عليها بصوره مستمره وللأسف يتم تخزينها ولاترى النور.

كما يتم الاستعانة بها للعرض فى متاحف أخرى بعيدا عن أبناء محافظة المنوفية لافتا الى أن انشاء متحف من المهد سيكلف ملايين الجنيهات الا أن تخصيص أحد المبانى التاريخية والآثرية الموجودة بالفعل لن يكلف تجهيزه ميزانية كبيرة وسيتحقق الهدف المنشود بأن يصبح لأبناء هذا الاقليم متحفا يشهد على عراقة تاريخ هذا البلد حيث تقدمت منطقة الآثار بشبين الكوم بمقترح لأكثر من موقع تاريخى يصلح لاقامة أول متحف قومى من نوعه بالاقليم وبالفعل وافق اللواء ابراهيم أبو ليمون محافظ المنوفية على تخصيص جزء من المبنى التاريخى لمدرسة البنات الثانوية القديمة ذات الطابع التاريخى، وانتظرنا ان يدخل الأمر حيز التنفيذ والى الان لم ير ذلك المتحف النور.