معرض الرياض للكتاب.. دورة استثنائية

أحد أجنحة النشر الإلكترونى
أحد أجنحة النشر الإلكترونى

ارتفاع أعداد دور النشر للضعف وأجنحة كاملة للنشر الإلكترونى

د. محمد حسن علوان : «فصول الثقافة» أكبر من مجرد معرض للكتاب


اختتم معرض الرياض الدولى للكتاب أمس فعالياته التى أقيمت على مدار عشرة أيام فى «واجهة الرياض» تحت شعار «فصول الثقافة» حيث أقيم المعرض بمشاركة كبيرة واستثنائية، بلغت نحو 1200 ناشر عربى وأجنبى يمثلون 32 دولة، إضافة إلى تونس الدولة ضيف الشرف على مساحة 70 ألف متر مربع، وقد تضاعفت المساحة هذا العام مقارنة بمعرض العام الماضى ليكون بحق أكبر معارض الكتاب فى تاريخ المملكة، ويأتى معرض الرياض ضمن مبادرة معارض الكتاب» التى أطلقتها هيئة الأدب والنشر والترجمة والتى تتضمن تنظيم ثلاثة معارض كبرى للكتاب فى المملكة على مدار العام، وسوف يكون المعرض القادم فى جدة قبل نهاية العام الجارى.


رغم أن معرض الرياض يصنف عادة كأحد أكبر أسواق الكتاب فى المنطقة، وإحدى أهم وجهات بيع وتوزيع الكتب العربية، إلا أن دورة هذا العام كانت استثنائية إذ شهدت كثافة كبيرة فى عدد الزوار الذين تدافعوا بالآلاف كل يوم لمنطقة «واجهة الرياض» لحضور المعرض ومتابعة فعالياته بعد أن رفعت المملكة كل الإجراءات الاحترازية السابقة التى سببتها جائحة كورونا.

وانعكس ذلك فى مبيعات قياسية حققها المعرض.. ساهم فى هذا الإقبال الكبير مشاركة أكثر من 500 شخصية ما بين أدباء ومثقفين وشعراء ونقاد وكتاب من المملكة ومن شتى أنحاء الدول العربية، وبعض من الشخصيات الدولية، كما دعت إدارة المعرض أيضا فنانين ومخرجين وكتاب سيناريو، وحتى «شيفات».. هذا العدد الكبير نسبيا شارك فى قرابة 200 فعالية ثقافية بمتوسط 20 فعالية كل يوم من أيام المعرض، منها 37 فعالية كانت موجهة لتونس ضيف الشرف، و22 ورشة عمل و 55 فعالية للأطفال، و71 ندوة ثقافية، و10 جلسات حوارية، إضافة الى 9 حفلات موسيقية، و7 أمسيات شعرية، و6 عروض مسرحية.


يقول الدكتور محمد حسن علوان رئيس هيئة الأدب والنشر والترجمة فى السعودية، فى تصريحاته أن معرض الرياض الدولى للكتاب هو أكثر من مجرد معرض للكتاب، فهو تجمع ثقافى كبير يشمل كل أشكال الإبداع والثقافة من أدب وسينما ومسرح، ارتفع حجمه فى دورة هذا العام إلى الضعف، مقارنة بالنسخ الماضية، ظهر ذلك جليا فى مشاركة واسعة وغير مسبوقة من دور النشر العربية والعالمية، مشيرا إلى وجود مشاركات لأول مرة لأكثر من 68 دور نشر غير عربية سعت للاستفادة من المعرض للوصول إلى قراء يقيمون فى المملكة ويتحدثون بلغات أخرى غير العربية.


مظاهر مميزة
من أهم المظاهر التى ميزت معرض الرياض فى دورة هدا العام هى تسارع استخدامات التكنولوجيا بوتيرة ربما أعلى مما قد تراه فى معرض آخر للكتاب، كل شىء أصبحت لغة التكنولوجيا هى المتحكمة فيه، من حيث إجراءات الحجز أو الدخول، أو من حيث التوسع فى استخدام الشاشات التفاعلية التى تدل الزائر على مكان أى دار مشاركة فى المعرض.

والمساعدة فى البحث عن عنوان كتاب بعينه، وفى أية دار يباع، كما يحتوى البرنامج على البرنامج الثقافى والمتحدثين، ناهيك عن الشاشات الكبيرة المتوزعة فى أرجاء المعرض الكبير، إضافة إلى ذلك سوف تجد كل وسائل النشر الحديثة موجودة وفاعلة، سوف تجد دار نشر «اطبع» التى تخصصت فى الطبع بالطلب، الأمر ليس جديداً.

ولكن الجديد فيه، هو إدارة الأمر على أسس اقتصادية لكل أطراف عملية النشر، بعد التقدم التكنولوجى الكبير، حيث استطاعت الدار أن توقع عقوداً مع أكثر من مائة دار نشر مصرية، كذلك تنفذ هيئة الأدب والنشر والترجمة مشروعا فريدا على مراحل، انهت مرحلته الأولى لتحويل المحتوى الورقى الذى يصدر عن دور نشر سعودية ليتوافق مع النشر الإلكترونى.

حيث قررت وزارة الثقافة أن تأخذ بزمام المبادرة وتأخد بيد الناشرين لمواكبة تغيرات العصر والاستعداد للتحول الرقمى، كما تجد فى أركانه أكشاكا تمنحك فرصة للاستمتاع بالكتاب الصوتى، وأخرى تطبع منها قصة قصيرة بإمكانك تحديد حجمها ما بين صغيرة ومتوسطة ومكتوبة.

ويأتى هذا ضمن مبادرة «الأدب فى كل مكان» التى تفرعت منها ثلاث مبادرات: مبادرة سحابة أدب، ومبادرة ق. ق، ومبادرة الشريك الأدبى، تستهدف تقديم خدمة أدبية ثقافية للمواطن والمقيم فى الأماكن العامة وفى أماكن الترفيه، مثل المقاهى، وأماكن انتظار ركوب الحافلات والقطارات. 


كما أطلقت هيئة الأدب والنشر والترجمة، القائمة على تنظيم المعرض، تطبيقًا إلكترونيًا يتيح عددًا من الخدمات والتسهيلات؛ من أبرزها البحث عن الكتب ودور النشر، مع خاصية الإرشاد عن مكان دار النشر، وإمكانية شراء التذاكر للحفلات والفعاليات الثقافية.

وكذلك تطبيق يستعرض الفعاليات وغيرها من المزايا والخدمات، وحتى زيارة الروضة الشريفة حيث يمكن تحميل التطبيق مجاناً  كل شىء أصبح يتم الآن باستخدام التطبيقات، بداية من أية خدمة حكومية بسيطة وانتهاء بأداء مناسك الحج والعمرة.


إقبال كبير
من الظواهر التى لا تخطئها عين فى معرض الرياض، الإقبال الكبير منقطع النظير الذى قد لا ترى له مثيلا فى عالمنا العربى إلا فى معرض القاهرة للكتاب، حيث الزحام الشديد على كل أبواب الدخول، والزحام الكبير على دور النشر، والزحام الأكبر على أماكن توقيع الكتب، حيث يظهر هنا دور الأهل والأصدقاء للاصطفاف من أجل اقتناء كتاب والحرص الشديد على التقاط صورة مع المؤلف، من الظواهر أيضا أن هناك فئة من صغار العمر وتحديداً من الفتيات يقبلن على شراء الروايات بنهم، وكثيرات منهن يشترين الكتاب من خلال العنوان أو من خلال جاذبية غلافه ودون معرفة أحيانا باسم المؤلف.


ولكى تدرك الأشواط الكبيرة التى قطعتها السعودية فى النشر الإلكترونى يكفى أن تعرف مثلا أن مركز الملك عبدالعزيز الثقافى العالمى «إثراء» شارك فى معرض الرياض بمكتبته الرقمية، التى تحتوى على أكثر من ٣٠ ألف عنوان افتراضي، وأتاح المركز لرواد المعرض فرصة التجوّل افتراضياً فى مكتبة إثراء، عبر تقنية VR، حيث يقدم مجموعة متنوعة من الإصدارات فى الفن والثقافة والأدب، إضافة إلى مجلة «إثرائيات» الإلكترونية، التى يصدرها المركز.


مؤتمر الناشرين
صبيحة افتتاح المعرض كان انعقاد مؤتمر الناشرين الذى طالب المشاركين فيه بضرورة إنشاء معاهد متخصصة فى جامعاتنا العربية تكون معنية بتدريس صناعة النشر على أسس علمية، لتزويد سوق الكتاب والنشر بكوادر متخصصة قادرة على تطوير وتحديث سوق النشر فى العالم العربى على أسس علمية، كما طالب المشاركون بأن يسعى الكتاب أنفسهم إلى فهم ذائقة القارئ وفهم تطلعاته، خاصة فى ظل ثورة وسائل التواصل الاجتماعى، وما أحدثته فى ذائقة المتلقي.


وفى إحدى جلسات النسخة الثانية من مؤتمر الناشرين الدولى وكانت بعنوان «التوجهات الراهنة لسوق الكتب الصوتية وفرص ازدهارها» أكدت حنان عبد المجيد، مسئولة الابتكار فى مشروع «اقرأ لى» أن الكتب الصوتية اصبحت تساهم فى انتشار الكتاب.

وليس العكس كما قد يتصور البعض، مشيرة إلى أن الخدمة الصوتية للكتاب مجرد أداة توصيل، لا تؤثر من قريب أو من بعيد فى مستوى الجودة الذى يجب توافره فى المحتوى فهذه الوسيلة الصوتية لا تضر بقيمة وأهمية الكتاب ومضمونه، بل على العكس تقوم بتيسير وصول الكتاب إلى شرائح أوسع. 


 مشاركة دور النشر المصرية فى معرض الرياض كانت كبيرة ومؤثرة، حيث تعول دور النشر على تحقيق مبيعات جيدة، مستفيدة من ارتفاع القدرة الشرائية، ومن انخفاض قيمة الجنيه أمام الريال السعودى لارتباطه بالدولار، وهو ما أعطى ميزة نسبية للكتاب المصرى أمام نظيره.

وكان هناك إقبال كبير على اقتناء الأعمال الروائية، والأعمال الموجهة للطفل، وإن كان الارتفاع الكبير فى أعداد المشاركات قد أضر بدور النشر الصغيرة التى تشارك لأول مرة وليس لديها أسماء كبيرة من الكتاب أو الأدباء تضمن بهم حدا أدنى من المبيعات. 


من الندوات المصرية التى حازت على إقبال جماهيرى كبير، وامتلأت قاعة المسرح عن آخرها، ندوة «الفيل الأزرق» التى شارك فيها كل من: كريم عبد العزيز وهند صبرى ونيللى كريم والمخرج مروان حامد والأديب الشاب أحمد مراد الذى تركزت الأسئلة الموجهة له عن كيفية نجاحه فى تحويل الرواية إلى فيلم، وحبكة السيناريو.

وأشار  مراد إلى بداية فكرة كتابة الفيل الأزرق وعلاقتها بقميص شاهده لأول مرة خلال زيارته لأحد المتاحف.. وتحدثت هند صبرى عن دور الأدب والرواية فى إنتاج سينما جيدة تحترم المشاهد، مشيرة إلى أن المصدر الأدبى للأعمال السينمائية كان مهمشا فى العالم العربى، رغم أننا يمكن أن نعتمد عليه من أجل إنتاج سينما قوية وناجحة كما حدث فى هذا الفيلم.


من الندوات المتميزة أيضا ندوة بعنوان «هل الأدب العربى أدب عالمى؟» شارك فيها كل من الروائية جوخة الحارثى من عمان والدكتور سعيد يقطين من المغرب العربى والدكتورة بياتريس غروندلر من ألمانيا واستعرض المشاركون تاريخ الأدب العربي، وتأثيره على أدب الشعوب الأخرى، مؤكدين أن الأدب العربى أصبح يتحرك خارج حدوده الجغرافية، بل وله تأثير على الأدب العالمى.


اقرأ ايضا | حضور مميز لمعرض الكتاب بالرياض