براءة أم بعد 28 سنة خلف الأسوار بسبب اعتراف اجباري

ثقوب في العدالة الأمريكية.. براءة 190 سجينًا من أحكام بالإعدام ظلمًا

السجناء الستة بعد تبرئتهم والمحقق الفاسد جيفارا
السجناء الستة بعد تبرئتهم والمحقق الفاسد جيفارا

كتبت: دينا جلال

28 سنة قضتها السجينة الأمريكية مارلين موليرو في السجن بسبب جريمتى قتل لم ترتكب أى منهما على الإطلاق ومع ذلك تلقت عقوبة الإعدام بعد إجبارها على الاعتراف، وحين ارتابت المحكمة نحو قضيتها تم تخفيف الحكم لتواجه عقوبة السجن مدى الحياة، وفي النهاية تأكد الجميع من براءتها لتنضم لقائمة طويلة من المساجين الابرياء في أمريكا وتصبح الشخص رقم 190 الذي يتم تبرئته من عقوبة الإعدام في الولايات المتحدة.

تناولت الصحف العالمية قضية مارلين بكثافة مؤخرًا، لتوصف القضية بخلل جديد وفضيحة في نظام العدالة الامريكي الذي تنكشف ثغراته بين الحين والآخر بالكشف عن قصة سجين بريء قضى اغلب سنوات عمره في السجن.

بدأت قصة مارلين في مايو عام 1992 حين وقعت جريمتا قتل راح ضحيتها شخصان من أصول لاتينية، وقعت الجريمة في حديقة هومبولت في شيكاغو، ولسوء الحظ كانت مارلين بالقرب من مكان الحادث برفقة صديقتها جاكي مونتانيز، وألقت الشرطة القبض عليهما ليواجها تهم عديدة، اصطحب المحققون الفتاتين المشتبه بهما إلى مركز الشرطة وأجروا تحقيقات ومقابلات مكثفة مع كل منهما على حدة، وحرمهما المحققون من التواصل مع المحامين أو الاستعانة بممثل قانوني للدفاع عنهما. 

خضعت مارلين لتحقيقات مكثفة استمرت أكثر من 12 ساعة دون راحة او توقف، ظلت في مكانها ليتناوب على التحقيق معها محقق وراء الآخر للضغط عليها وضمان توريطها فى جريمتي القتل، وبالفعل توقفت التحقيقات حين اضطرت مارلين على التوقيع على بيان مكتوب مسبقًا تعترف فيه بالذنب وبكونها المسئولة عن إطلاق النار على الضحيتين أما صديقتها فاقتصر دورها في القضية على التآمر للجريمة، ولمزيد من المصداقية استعان المحققون بشهادة الشاهدة الرئيسية في القضية وهى جاكي سيرانو التي اتهمت مارلين، واكدت انها شاهدت جريمتي القتل من نافذة شقتها بوضوح، هنا ظهر محامي مارلين ويدعى جيريميا لينش ليستميت في الدفاع عنها، وتوضيح التهم الملفقة لموكلته إلا أن المحكمة لم تمنحه أى حق موضوعي أو مهني للتدخل في القضية، انتهى الامر باستمرار إدانة المتهمة وبعد فترة قصيرة من المحاكمة، ألقى القاضي حكمه بإعدام الضحية حينها اعلن محاميها اعتزال العمل في مجال المحاماة في تلك الأجواء الفاسدة.

اقرأ أيضًا

عائلة شيرين أبو عاقلة تلتقي بلينكين للمطالبة بالعدالة في مقتلها

شهادة زور
خمس سنوات مرت على تلقي مارلين حكم الإعدام لتطالب بفتح القضية من جديد، وخاصة بعد العودة الى التفاصيل المغلوطة التي أحاطت بالقضية حيث طالبت المتهمة بإعادة فتح التحقيق، والتأكيد على تعرضها للضغط النفسي والعصبي من أجل الاعتراف بجريمة لم تقترفها، وفي نفس الوقت أظهرت التحقيقات حقيقة ما يتعلق برواية الشاهدة الرئيسية لتشير إلى استحالة مشاهدتها الحادث من شقتها التي تبعد حوالي 200 متر عن مسرح الجريمة، بالاضافة إلى إعاقة الاشجار للرؤية الواضحة وكذلك وقوع الجريمة في منتصف الليل، كما استعان المحققون بعدد من الشهود ممن فقدوا مصداقيتهم في وقت لاحق، أما شريكة المتهمة وهى جاكي مونتانيز فاعترفت بالفعل في شهادة خطية وشفوية في عدة لقاءات تخطيطها بمفردها لارتكاب الجريمة وإطلاق النار على الرجلين وهو بالفعل ما حدث، ولم تعلم مارلين بالخطة بالرغم من وجودها برفقة صديقتها القاتلة بالقرب من مكان الحادث.

استمر سجن مارلين سنوات طويلة حتى طرحت المؤسسة الشهيرة «مشروع البراءة في كاليفورنيا» اسمها ضمن قوائم السجناء الابرياء في عام 2019 وقدموا التماسًا خاصًا للنظر في قضية مارلين وطلب العفو عنها، وفي ابريل 2020 منح حاكم إلينوي التماس العفو إلى مارلين موليرو ليصدر حكمًا يوصي بتبرئتها، وفي الشهر الماضي فقط ظهرت مارلين في مؤتمر صحفي بعد إلغاء إدانتها وتبرئتها بشكل نهائي وقالت في كلمتها؛ «تمسكت بقوة شخصيتي طوال الوقت، لدى طفلان صغيران منذ بداية سجني، وكان على أن أقاتل وأظل قوية من أجلهما»، واختتمت حديثها قائلة: «هناك نساء أخريات مسجونات بريئات، سأواصل القتال من أجلهن فهن ضحايا محقق فاسد مثلي تماما».

محقق فاسد
ترتبط قضية مارلين بملف كبير من الفساد في العدالة حيث يتورط اشهر محقق فاسد في أمريكا، رينالدو جيفارا وكذلك زميله هالفورسن ممن يشتهرا بتلفيق الادلة ضد المتهمين والحصول على الاعترافات الكاذبة والشهود الزور ليصبحا مسئولين عن أكثر من 20 إدانة او تهمة خاطئة أدت إلى تبرئة عدد كبير من ضحايا السجون الابرياء.

يتورط المحقق في أكثر من خمسين قضية يُتهم فيها بضرب وتهديد وإكراه المشتبه بهم لانتزاع اعترافات كاذبة، رفض جيفارا استعانة مارلين بمستشار قانوني وأخضعها لأكثر من 20 ساعة من الاستجواب بما في ذلك التهديدات والتلاعب بالحقائق لتنكشف الحقيقة وتصبح الشخص رقم 190 الذي يتم تبرئته من عقوبة الإعدام في الولايات المتحدة وكذلك تعد ثالث امرأة يتم تبرئتها منذ عام 1973 بعد إسقاط المدعي العام للولاية «كيم فوكس» التهم الموجهة إليها هى وست متهمين آخرين تم اتهامهم في جرائم قتل متنوعة بسبب المحقق الفاسد رينالدو جيفارا، مسئول التحقيقات في مقاطعة كوك بولاية إلينوي الذي حولها إلى اعلى مقاطعة امريكية في عدد المساجين المحكوم عليهم بالإعدام، وتم بالفعل تبرئة ما يصل الى 16 سجينا محكوم عليه بالاعدام بسبب سوء سلوك جهات التحقيق وتراخي عناصر الشرطة والمدعين العامين للحصول على اعترافات كاذبة والاسراع بإغلاق القضايا.