الكرة المصرية ضد التيار.. 10 ملايين دولار تنفقها الأندية والمنتخبات على «الخواجات»

المدربين الأجانب في مصر ورئيس لجنة الحكام
المدربين الأجانب في مصر ورئيس لجنة الحكام

كتب: محمد حامد

يقولون إنها أكثر من مجرد لعبة يتحدثون عن قيمتها المعنوية والمادية فى المجتمع تتحكم فى مزاج الشعوب وتتلاعب بمصائر البشر لذا فهى جزء لا يتجزأ عن المجتمع بكل أطيافه وأزماته وأفراحه وأتراحه.. يُطلق عليها منذ سنوات «صناعة» وبالتبعية لهذا الوصف فإنها تؤثر فى الاقتصاد وتتأثر به هى كرة القدم التى لا تبتسم إلا لمن يعرف كيف يُسكنها الشباك تأبى أن تكون ضمن منظومة لهو دون جدوى خلال سنوات سابقة ومازالت تعيش الكرة المصرية سنوات عجاف هذا أمرٌ معروف للعيان لكن ما هو مستهجن أنها أصبحت مُصدرة  للعملة الصعبة بدلاً من جذبها فى ظل ارتفاع سعر الدولار مؤخراً .

رئيس لجنة المدربين : أزمة الكادر الوطنى هى السبب.. والحل فى الرخص والمعايشات

صدق.. ويجب أن تصدق فى ظل أزمة النقد الأجنبى فى مصر تسبح الكرة المصرية ضد التيار فوفقاً للتعاقدات الأخيرة الخاصة باتحاد الكرة -والتى يغلب عليها العنصر الأجنبى- فإنه ينفق قرابة الـ 4 ملايين و440 ألف دولار سنوياً وهى مقسمة فردياً لكل فرد سنوياً كالتالى.. الخبير التحكيمى كلاتنبرج 480 ألف دولار فيتوريا مدرب المنتخب الأول 2 مليون و160 ألف دولار مدرب المنتخب الأوليمبى ميكالى يتقاضى مليونا و800 ألف دولار.

أما الأندية فتعاقد الفرق التى يُطلق عليها «الأندية الشعبية» أصبح مع مدربين أجانب الأهلى مع كولر ووفقاً للتقارير فيقترب ما يتقاضاه سنوياً من مليون و800 ألف دولار والزمالك تعاقد مع فيريرا وجهازه وفق ما أُعلن أنه يتقاضى قرابة مليون و284 ألف دولار أما الاتحاد السكندرى فتعاقد مع الصربى زوران بـ 360 ألف دولار سنوياً أما الإسبانى جاريدو مع الإسماعيلى فيتقاضى 480 ألف دولار سنوياً والقبرصى الذى يحمل الجنسية اليونانية أيضاً بابا فاسيليو مع غزل المحلة  فلم يتم التأكد من رقمه إلا أنه قد يتقاضى من 400 إلى  600 ألف دولار سنوياً، لذا قد يصل الرقم الإجمالى المصروف بأندية ومنتخبات إلى قرابة الـ10 ملايين دولار وهذا الرقم يقترب من الدقة وليس الدقة المطلقة بسبب عدم إعلان كل الأندية وأحياناً الإتحاد عما يتم صرفه للمدربين.

وبالطبع هذا بخلاف الأرقام التى تُصرف فى شراء لاعبين أجانب ولكن من الصعب حصرها الآن لعدم انتهاء الميركاتو الصيفى.. فى سطور التحقيق التالية نبرز تفشى الاعتماد على العنصر الأجنبى فى كل الاختصاصات أندية ومنتخبات والسؤال هو.. هل هو وباء لابد من السيطرة عليه أم لقاح سيعود بالنفع .. فإلى محتوى التحقيق :

أجنبى من أجل البقاء !

فى موسم جديد تستعد الكرة المصرية لقص شريطه خلال الشهر القادم أصبحت مغلفة بالرداء الأجنبى لأول مرة خبير أجنبى يقود قاطرة التحكيم  وهو مطلب جماهيرى وإدارى من قبل غالبية أندية الدورى- الإنجليزى مارك كلاتنبرج ليكون اختياره الأول من نوعه فى تاريخ المنظومة التحكيمية بمصر.

وإذا كان اختيار مدير فنى أجنبى للمنتخب الأول  روى فيتوريا- أمراً طبيعياً نظراً لما يحدث منذ سنوات فإن التعاقد مع مدرب أجنبى للمنتخب الأوليمبى ميكالى- كان مفاجئاً بعض الشىء فى ظل الاعتماد على مدرب وطنى فى منتخبات الشباب والناشئين محمود جابر ومحمد وهبة- وأن آخر إنجاز أوليمبى كان بجهاز وطنى بقيادة شوقى غريب.

وبالرغم اعتياد الجميع على رؤية مدربين أجانب بالأهلى والزمالك كولر وفيريرا- ولكن الغريب سير الاتحاد السكندرى فى نفس الركاب ونفس الأمر لغزل المحلة والإسماعيلى لتكون الفرق الشعبية أيضاً باستثناء المصرى البورسعيدى تسير فى قطار الأجنبى. واستكمالاً لما سبق فإن اتجاه الأندية الشعبية للتعاقد مع مدربين أجانب وخسارة عملة صعبة أمر مثير للدهشة فى ظل تأكد بقائهم فى دورى الموسم الماضى بصعوبة وأتى البقاء مع المدرب المصرى حمزة الجمل مع الإسماعيلى ورحل بعدها حسام حسن فى المصرى ورحل أيضاً ونفس الأمر بالنسبة لمصطفى عبده بالمحلة وتواجد ثلاثة مدربين بالاتحاد ولم يستمروا حسام حسن وعماد النحاس ومحمد عمر- وفى ظل ظهور فرق جديدة بإمكانات مادية سيكون من الصعب على الفرق الشعبية مجاراتهم لذا فالاتجاه للأجنبى أثار التساؤل ويكفى غيابهم عن التتويج بالبطولات المحلية منذ ٢٠ عاماً عندما توج آخر فريق شعبى بعيدا عن القطبين -الإسماعيلى- بالدورى تحت قيادة مدرب محلى «محسن صالح» ومنذ ذلك تاريخ غابت الفرق الشعبية عن التتويج بالدورى أو الكأس أو السوبر

خبير اقتصادى : صناعة الكرة رافد  كبير لتوفير العملة الصعبة..  وليس العكس !

 

لأزمة.. ومفتاح الحل

ولأنها قضية مرتبطة بالشق الاقتصادى فاتجهت لمن يمتلك قدراً كبيراً من الرؤية والثقافة العامة وبالتحديد شأن المال والأعمال د.عبد المنعم السيد رئيس مركز القاهرة للدراسات الاقتصادية والاستراتيجية الذى استهل حديثه بشرح الأزمة الدولارية عن وصفها وكيف تنشأ مؤكداً أنها فى الوقت الحالى ناتجة عن فجوة تمويلية من الحصيلة الدولارية التى تأتى لمصر من جميع مصادرها الأزمة العالمية بعد الغزو الروسى لأوكرانيا لعبت دوراً مؤثراً فارتفع التضخم بنسبه المختلفة على بعض السلع إلى 80% ووصلت فى القمح إلى 90%.. هنا يبرز الاحتياج الدولارى مع التزام مصر بتسديد فوائد الديون أصبح هناك طلب على الدولار أكثر من المتاح . السطور السابقة كانت لوصف موجز عن الحدث الأصلى المتعلق بنسبة الحصيلة الدولارية فى مصر أما الآتى فهو بيت القصيد وعنوان هذا التحقيق كيف للرياضة بشكل عام وكرة القدم خاصةً أن تنعش الحصيلة الدولارية وترفع نسب تداوله .هنا أوضح الخبير الاقتصادى أنه بالإضافة لما تقوم به الدولة من جذب لاستثمارات لضخ العملة من الطبيعى أن تشارك بقية الهيئات فى حل الأزمة بتقليل شراء العملة الصعبة والاعتماد على نظيرتها المحلية ولأن للغة الأرقام بريقها فقد أشار إلى الرقم المتداول عن عدد العاملين فى الاستثمار الرياضى وعددهم من 3 إلى 35 مليون مواطن والآن فى كرة القدم هناك تهافت على مدربين ولاعبين ومديري قطاع ناشئين أجانب وهذا الأمر يزيد الطلب على الدولار لذا طرح عبد المنعم سؤالاً تقليدياً ولكنه مهم «هل هناك احتياج لهذه العناصر وفى حال عدم توافرها ستحدث أزمة أم لا»

أردف أنه فى حال الإجابة كانت لا فيجب أن تتغير الاستراتيجية ويتم تفعيل قرارات مفادها تصدير عناصر محلية تجلب عملة صعبة مشيراً لما يحدث فى حالة احتراف اللاعبين فى الخارج فاللاعب عندما يسافر لبلد فريقه الجديد يقوم بتحويل مبالغ مالية لعائلته وينضم لبند مشابه لـ»تحويلات المصريين فى الخارج» وعلى الاتحادات الرياضية توفير مناخ الاحتراف مثلما يحدث فى اتحاد اليد .

وعاد لسؤال «هل هناك جدوى من العنصر الأجنبى» إذا كانت نعم فيتم وضع خطة مشروطة لتوفير البديل خلال سنتين على سبيل المثال .
وأضاف أنه على جميع الأندية الأخذ فى الاعتبار عند شراء عنصر أجنبى يجب أن تتوفر حصيلة دولارية تغطى احتياجاتهم وهو أمر يشبه سياسة اللعب المالى النظيف فيتم وضع ضمان عدم الضغط على العملة .

وأشار إلى أهمية توفير مصادر للدولار من كرة القدم مثل التسويق الجيد لحقوق الدورى والكأس وغيرها من البطولات التى تتسابق القنوات الفضائية على أخذ حقوق بثها .
أيضاً على المنتخب الوطنى البحث عن راع أجنبى يوفر حصيلة دولارية. وأنهى حديثه بنقطتين متصلتين وفى غاية الأهمية فقد دعا للاهتمام بتطوير الموهبة المصرية سواء من الأكاديميات وغيرها من مصادر إظهار المواهب بالإضافة لضرورة وضع حد وسقف لأسعار اللاعبين لأنه مع المغالاة من الأندية فى سعر كل لاعب تتجه الأندية الأخرى لشراء الأجانب ونخسر عملة لتستمر الدائرة المغلقة دون جدوى رياضية أو اقتصادية.

لعلّها المنجية

وفى خطوة جديدة كان يجب ذكرها ووضعها فى نسيج هذا الموضوع المتشابك أعلن اتحاد كرة القدم برئاسة جمال علام استحداث لجنة لإدارة المدربين على أن يكون جمال محمد على مديراً لها وهو الأمر الذى يأتى على رأس الأزمة التى نحن بصدد الحديث عنها فالمدرب المصرى لم يعد له التأثير القوى والتواجد الذى كان طبيعياً سواء فى الدوريات العربية أو المنتخبات أو حتى فى قيادة الفرق الشعبية بالدورى المحلى كما أن تأخره يؤدى للتعاقد مع آخر أجنبى وهو ما يُهدر عملة صعبة .

وفى واقعة توضح غياب التطوير اللازم للمدرب وحصوله على الحماية الفنية والإدارية كان حسام البدري مدرب الأهلى والمنتخب السابق قد غاب عن دكة بدلاء أول مباريات فريقه الجديد وفاق سطيف وذلك لعدم حصوله على الرخص التدريبية اللازمة التى يشترطها الاتحاد الأفريقى وهذا الأمر قد حدث مع أحد صاحبى الخبرات والباع الطويل فى مشوار التدريب فما بالك بالبقية! 
لمعرفة ماذا ستصنع هذه اللجنة ودورها اتجهت لسؤال د.جمال الذى أكد أهمية هذه الإدارة داخل منظومة إدارات اتحاد الكرة فهى تمثل عنصرا من العناصر الأساسية للكرة وهو المدرب المسئول عن إعداد اللاعبين لذا فمن وجهة نظره إن كان المدرب مؤهلاً تكون فرص نجاحه أكبر وهو ما ينطبق على اللاعب أيضاً .

وأشار إلى أن المدرب المصرى يحتاج إلى أن يُثقل نفسه حتى يصل للمستوى العالمى قائلاً «هذا دورنا.. علينا إعداد المدربين.. خلال 3 سنوات سيكون هناك جيل من المدربين وهذا الأمر من الأهداف الرئيسية ويأتى اختيار هذه المدة لأنها الفترة الزمنية للحصول على الرخص التدريبية من البداية وصولاً لآخر مرحلة وهى الـ»pro» التى تأخذ سنتين .. وكان مدير لجنة إدارة المدربين مختلفاً عن الغالبية فى رأيهم حينما أكدوا أن سبب تأخر الكرة المصرية فى السنوات الماضية كان لقلة اللاعبين الموهوبين حالياً أما هو فرأى أن الأزمة كانت فى المدربين لذا فأكد سعيه على إنهاء ملف الرخص التدريبية الذى سيكون ضمن روشتة الحل بالإضافة لإجراء معايشات فى أوروبا.

اقرأ أيضًا

 

تاريخ محلى وحاضر أجنبى
مع اعتياد الأمر وتكرار السؤال عن سبب غياب العناصر الناجحة محلياً خاصة فى مجال التدريب مما يؤدى إلى الاستيراد المضر بالاقتصاد وبالكرة وبالرياضة ولأن الإجابة لم تُحسم بعد سواء أن الكفاءات قليلة أم أن المنظومة الكروية لا تساعد المنتج المصرى فإنه رغم توحش العنصر الأجنبى فمن ذكريات التاريخ مازال الثنائى حسن شحاتة ومحمود الجوهرى صاحبى البصمة الأبرز فى تاريخ المنتخب الوطنى وفى الأهلى والزمالك هناك مدربون محليون توجوا بالبطولة الأفريقية مثل محمود أبورجيلة فى الزمالك وحسام البدرى ومحمد يوسف بالأهلى.. وعلى مستوى اللاعبين أصبح العنصر الأساسى للنجاح فى القطبين هو الأجنبى وغياب اللاعب المحلى اللافت عن غيره باستثناء بعض «الفلتات» وهو مالم يكن يحدث سابقاً فى أزمنة كان عنوانها تعدد المواهب

مع اعتياد الأمر وتكرار السؤال عن سبب غياب العناصر الناجحة محلياً خاصة فى مجال التدريب مما يؤدى إلى الاستيراد المضر بالاقتصاد وبالكرة وبالرياضة ولأن الإجابة لم تُحسم بعد سواء أن الكفاءات قليلة أم أن المنظومة الكروية لا تساعد المنتج المصرى فإنه رغم توحش العنصر الأجنبى فمن ذكريات التاريخ مازال الثنائى حسن شحاتة ومحمود الجوهرى صاحبى البصمة الأبرز فى تاريخ المنتخب الوطنى وفى الأهلى والزمالك هناك مدربون محليون توجوا بالبطولة الأفريقية مثل محمود أبورجيلة فى الزمالك وحسام البدرى ومحمد يوسف بالأهلى.. وعلى مستوى اللاعبين أصبح العنصر الأساسى للنجاح فى القطبين هو الأجنبى وغياب اللاعب المحلى اللافت عن غيره باستثناء بعض «الفلتات» وهو مالم يكن يحدث سابقاً فى أزمنة كان عنوانها تعدد المواهب

فيتوريا.. أحد عناصر القطار الأجنبى فى الكرة المصرية

اسألوا هؤلاء

وبما أننا نتجه للأجانب لإنقاذ الكرة المصرية فعلينا نسألهم كيف يُدار الأمر فى بلادهم فالعنصر الوطنى مسيطراً على أجواء كرة القدم لديهم خاصة فى مجال التدريب ففى منتخب ألمانيا هناك المدرب الوطنى هانز فليك وكذلك فرنسا مع ديشامب وتيتى فى البرازيل وسانتوس مع البرتغال وسكالونى بالأرجنتين فمتى يصبح لدينا أسماء تعيد اسم المدرب الوطنى على الواجهة مرة أخرى؟