1000 يوم ذهبية لتنمية الأسرة المصرية

جانب من المحاضرات التوعوية
جانب من المحاضرات التوعوية

الاهتمام بصحة الطفل من أهم الملفات التى لاقت اهتماما غير مسبوق منذ تولى الرئيس عبدالفتاح السيسى حكم البلاد، وذلك بهدف بناء جيل قوى صحيا وثقافيا قادرا على تحقيق مستقبل مشرق لبلدنا الحبيب. وقد انطلقت العديد من المبادرات الرئاسية التى تعمل على تحقيق هذا الهدف وتوفير كل سبل الأمان التى يحتاجها الطفل فى مختلف مراحله العمرية.

الدكتورة عبلة الألفى هى مؤسس ورئيس الجمعية المصرية لأعضاء الكلية الملكية البريطانية لطب الأطفال عضو لجنة الصحة بمجلس النواب، تقدمت بمبادرة شاملة تحمى حقوق الطفل منذ لحظة وجوده برحم الأم وتوفر له كل السبل التى يحتاجها طوال حياته ليحيا حياة سوية ومتوازنة بعيدا عن المفاهيم الخاطئة التى ظلت تتوارثها الأجيال لسنوات عديدة.

 

االـ1000 يوم الذهبية اسم المبادرة التى بدأت فعالياتها بالتعاون مع وزارة الصحة وبدعم الدكتور خالد عبدالغفار وزير الصحة لتحقيق كل أهداف المبادرة التى تم اختيارها لتوضح أهمية هذه الفترة فى حياة الطفل التى تشمل فترة الحمل بالإضافة لأول عامين من عمر الطفل، وعلى الرغم من اهتمامها الشديد بالناحية الصحية للطفل، إلا أن الدكتورة عبلة الألفى ترى أن النظر لحقوق الطفل أشد أهمية، وتحقيق ذلك يحدث من خلال عدة نقاط تشملها المبادرة ويتم التحدث عنها بالتفصيل فى السطور التالية:-

مشورة ما قبل الزواج

تعتبر مشورة ما قبل الزواج من أهم النقاط التى تهدف المبادرة لتحقيقها، لأنه ببساطة من حق الطفل أن يتمتع بوجود أسرة قوية ولديها وعى كافٍ بالحياة الزوجية والأسرية، ويتم ذلك من خلال تقديم مشورة طبية واجتماعية ونفسية للمقبلين على الزواج ، وتتم المشورة الطبية عن طريق إجراء بعض الفحوصات والتحاليل للطرفين وكذلك النظر إلى التاريخ العائلى لمعرفة مدى وجود أمراض وراثية أو مزمنة لعلاجها والحد من مضاعفاتها قبل حدوث الحمل بمجرد تحديدها والتعامل معها.

أما المشورة الاجتماعية والنفسية فهى توضح للطرفين كيفية التعامل سويا لتكوين أسرة وكذلك طرق التعامل مع المشاكل والتغلب على الاختلافات البسيطة التى يمكن أن تهدد كيان الأسرة التى تكون غالبا فى السنة الأولى بعد الحمل، وقد تنتهى بالطلاق الذى تزايدت نسبته بشكل كبير مؤخرا. ولم توجه هذه المشورة للمقبلين على الزواج فحسب، وإنما تقدم توعية أيضا للأسر المحيطة بهم وهم آباء الأزواج، والتحدث معهم عن أهمية تأجيل الحمل فى السنة الأولى بعد الزواج وأن هذا الإجراء ليس له أى تأثير على الحمل فيما بعد من الناحية الطبية، وذلك لأن 70% من نسب الطلاق تحدث فى العام الأول من الزواج نتيجة لحدوث بعض التغيرات النفسية للطرفين فى هذه الفترة، وأخيرا التوعية أيضا بالملف المالى وكيفية إدارة المنزل بنجاح.

خطط للحد من القيصرية

من حقوق الطفل أيضا التى يغفل عنها الكثير هى ضرورة الحد من الولادات القيصرية، خاصة بعد الإحصائيات التى رصدها الجهاز المركزى للتعبئة العامة والإحصاء عن المسح الصحى للأسرة المصرية لعام 2021 التى تشير إلى وجود ارتفاع فى الولادات القيصرية بصفة عامة على مستوى كل الأقاليم مقارنة مع مسح عام 2014 مع ارتفاعها بالحضر بصفة خاصة، فقد زاد معدل القيصرية ليصل إلى 72% مقابل 52%، النسبة التى تعد مشكلة كارثية بكل ما تحمله الكلمة من معنى. فمشاكل القيصرية لا تكمن فى تكلفتها المرتفعة أو احتمالية حدوث مضاعفات صحية فحسب، إنما هى تحرم الطفل مزايا كثيرة وضعها الله عز وجل فى الولادة الطبيعية، ومنها من البكتريا الحميدة التى يحصل عليها عند خروجه من مجرى الولادة الطبيعية التى تنمو على جسمه بالكامل وتدخل الجهاز الهضمى وتحدث ضبطا لكيمياء خلايا الجسم بالكامل لتحميه من الإصابة بكثير من الأمراض أهمها الربو والحساسية والتوحد وضعف المناعة والسمنة التى تعد من أهم أسباب الولادة القيصرية.

على الجانب الآخر تتسبب القيصرية فى زيادة الطلب على دخول الأطفال الحضانات، أما مضاعفات القيصرية على الأم فتتمثل فى احتمالية إصابتها بنزيف شديد يجعلها معرضة للأنيميا المزمنة، وقد تحدث ناسورا ما بين مجرى البول ومجرى الولادة، أو يحدث ما يعرف بالمشيمة المتوغلة التى تكون نهايتها نزيفا شديدا يودى بحياة الأم أو استئصال الرحم للسيطرة على النزيف.

وتابعت الألفى: كل ما سبق خاص بالناحية الصحية أما من الناحية المادية، فتكلفة عمليات الولادة القيصرية بمصر تصل إلى 5 مليارات سنويا ومضاعفاتها على الأم والطفل تصل إلى 120 مليارا، كما أن دخول الأطفال الحضانات يزيد من الضغط على موارد الدولة المالية، حيث إن تكلفة اليوم الواحد التى تتحملها الدولة تصل إلى 2500 دولار، علما بأن كل 10% زيادة فى نسب الولادة القيصرية تزيد الطلب على الحضانات بنسبة 2%، وإذا كانت نسب الأطفال الذين يحتاجون حضانات بعد الولادة فى العالم أجمع تصل إلى 10%، فالنسبة فى مصر تصل من 25 إلى30%.

لذا تم التعاون بين المبادرة ووزارة الصحة لتنفيذ نظام كامل لعودة القيصريات للمعدلات المطلوبة فقط التى تكون لأسباب ضرورية فقط، كما أنه سيتم توفير كل الإمكانيات والآليات المطلوبة للولادة الطبيعية فى المستشفيات، ثم يتم الإشراف ومراقبة الإحصائيات بالمستشفيات لمعرفة نسب الولادة القيصرية بها، وكذلك الأطباء، وفى حالة وجود نسب مرتفعة لابد من توضيح سبب علمى لذلك. علما بأنه سيتم توفير قابلات فى مختلف المحافظات، وهن الممرضات المولدات المدربات المعتمدات من وزارة الصحة اللاتى يمكنهن المساعدة فى الولادة والإشراف على الحامل حتى تأتى لحظة الولادة واستدعاء الطبيب، وسيتم توفيرهن فى جميع محافظات الجمهورية إلى جانب مساعدات الولادة (الدولا) اللاتى يقمن بدعم الحامل وتعليمها ممارسة الرياضة التى تساعدها على الولادة الطبيعية ويقدمن الدعم النفسى لها قبل وبعد الولادة، كما يقمن بمراعاتها فى الساعة الذهبية الأولى بعد الولادة عن طريق وضع الطفل على جسدها وتوعيتها بأهمية تناوله أول رضعة بشكل طبيعى. وقد أعلنت وزارة الصحة بالفعل عن تخريج أول دفعة من الممرضات المدربات على الولادة الطبيعية بمحافظة شمال سيناء.

رعاية حديثى الولادة

ومن أهداف المبادرة أيضا الاهتمام برعاية حديثى الولادة والحد من نسب الولادات المبكــــرة فــى مصــــر التى أصبحت ضعف معدلات العالم.

أما الحضانات فتم وضع خطط لتقسيمها لمستويات وتدريب الأطباء على كل مستوى على حدة وذلك لرفع مستوى الخدمة وتقليل فترة تواجد الطفل فى الحضانة وتقليل المضاعفات والوفيات وبالتالى تقليل التكلفة المادية، كما أنه سيتم توفير عيادات ما بعد الخروج من الحضانة لمتابعة الحالات عن قرب. وتخص الدكتورة عبلة بالشكر وزير الصحة والسكان وجميع العاملين بالوزارة على الدعم حيث بدأت المبادرة بالفعل فى الإسكندرية فى 6 مستشفيات وتم تدريب الأطباء والممرضين تدريبا مهاريا حسب كل مستوى، وتم دخول آليات المستشفى الصديق للأم والطفل الذى يُسمح فيها للأم بالتواجد بجانب الطفل فى الحضانة ورعايته وإرضاعه مما يقلل الوفيات بنسبة كبيرة ويقلل المضاعفات بنسبة 50% ويحافظ على الرضاعة الطبيعة المطلقة التى تعد من أهم الأمور التى تزيد من صحة الإنسان ومناعته وتمنع إصابته بالميكروبات التى قد تتسبب فى إصابة الطفل بالتخلف العقلى والمضاعفات الذهنية ومرض البول السكرى، فالحضانات تعد من أهم أسباب الإعاقة عند الأطفال التى تتزايد بنسب كبيرة وتتسبب فى زيادة التكلفة على الدولة، حيث إن كل طفل معاق يكلف الدولة من 8000 ـ 30000 دولار سنويا.

مقدمو المشورة الأسرية

واستكملت الدكتور عبلة الألفى حديثها عن عناصر المبادرة التى تمكنها من تحقيق أهدافها، التى اختتمتها بـامقدمى المشورة الأسريةب التى ترى أنها العمود الفقرى للمبادرة، حيث إن الشخص الذى يُقدم المشورة هو شخص مدرب على برنامج تدريبى معتمد محلى وعالمى لمدة 40 ساعة محاضرات مسجلة و22 ساعة محاضرات تفاعلية بثا مباشرا والتدريب عملى وجها لوجه لمدة 10 أيام لتعليمه عدة مهارات هامة أولها المشورة، تعليم مهارات الرضاعة الطبيعة، التثقيف الصحى للأم الحامل، دعم الحامل أثناء الولادة، التغذية السليمة، قياس التطور العصبى للطفل، تعليم الأم طريقة تحفيز طفلها ودعم أعصابه وكيفية الاكتشاف المبكر لأى تأخر يعانى منه، التربية الإيجايبة، طرق تنمية ذكاء الطفل، المباعدة وتنظيم الأسرة.

ويمكن أن يكون مقدم المشورة من خريجى الجامعات أو أى شخص تعلم لمدة 12 عاما، على الأقل وليس شرطا أن يكون من خريجى كلية الطب، وذلك للمساعدة على ملء الفجوة الموجودة لنقص التمريض والأطباء وتوفير فرص عمل للشباب، كما أنه يعمل على تمكين المرأة اقتصاديا وثقافيا من خلال مشاريع صديقة للبيئة، لذا توسعت المبادرة فى نطاقها من الاهتمام بصحة الطفل فقط إلى تنمية الأسرة المصرية بأكملها.

أهمية المبادرة

من جانبها أوضحت الدكتورة منى حافظ الناقة، المدير التنفيذى للجمعية المصرية لأعضاء الكلية الملكية البريطانية لطب الأطفال، أن فكرة المباردة هى التوعية بأهمية الـ1000 يوم الأولى فى حياة الطفل، وتم إطلاق لقب االذهبيةب عليهم، لأنه يتم اكتمال تكوين 85% من مخ الطفل والصحة البدنية طوال العمر خلال هذه الفترة.

تأتى بعد ذلك مرحلة الرضاعة الطبيعية بعد الولادة، ويجب على الأم الاهتمام بالرضاعة المطلقة لمدة 6 أشهر، وبعد مرور الـ6 أشهر تبدأ الأم فى إدخال التغذية التكميلية بجانب الرضاعة الطبيعية وبنظام معين للتأكد من أن الطفل يحصل على التغذية السليمة حتى عمر العامين.

ولم تقتصر الـ1000 يوم على الاهتمام بالتغذية فحسب إنما هناك علاقة عاطفية تنشأ بين الطفل ووالديه من أول يوم فى الحمل، ويستطيع أن يشعر بهما ويتعرف على لمساتهما وأصواتهما وكل ذلك يؤثر على نموه بشكل إيجابى، كما تتم التوعية بضرورة المباعدة بين فترات الإنجاب وأن أفضل فترة تباعد بين الحمل تتراوح من 3 ـ 4 سنوات على الأقل، حتى يكون الطفل حصل على الـ1000 يوم الذهبية الخاصة به ثم تستعد الأم للاهتمام بصحتها من جديد خلال عام آخر، وتقوم المبادرة بالتوعية بكيفية التعامل فى كل مرحلة خلال هذه الفترة.

وعلى أرض الواقع تم بالفعل العمل فى 12 محافظة حتى الآن وعلى رأسها القاهرة والإسكندرية والفيوم، مع وضع خطط لاستمرار العمل فى جميع محافظات مصر، كما أن المبادرة تخدم المناطق التى استكملت مبادرة احياة كريمةب بناءها لتبدأ الـ1000 يوم فى توعية سكانها والاهتمام بصحة أطفالهم.

مهارات مقدم المشورة

وفى السياق، تحدثت الدكتورة هويدا أبو العلا مصطفى، استشارى طب الأطفال وحديثى الولادة ومستشار دولى طب رضاعة طبيعية ومديرة التدريب بالجمعية المصرية لأعضاء الكلية الملكية البريطانية لطب الأطفال، عن تدريب عدد من مقدمى المشورة الأسرية بهدف تقليل الفجوة الكبيرة الموجودة حاليا بين الطبيب والأسرة التى تعتمد فقط على الكشف عن الإصابة بأى مرض، أما عند وجود مدربين فسيكون هناك تواصل دائم، ويستطيع الطبيب أن يقدم النصيحة والمشورة للأسر وتعليمهم الممارسات الصحيحة والمتابعة المستمرة وأن كل أسرة يكون لها مقدم مشورة تستشيره. وهذا الأمر موجود فى كل دول العالم ونعمل على تحقيقه فى مصر، وبدأ بالفعل فى الانتشار وازداد الوعى بأهميته فى مختلف المحافظات.

كما أنه يتم دعم وتسليح مقدم المشورة بكل المهارات التى قد يحتاجها سواء كانت عملية أو نظرية، وأهمها أن يتمتع بنوع من مهارات التواصل لتقديم المشورة لأفراد الأسرة وكيفية كسب ودهم وثقتهم وإقناعهم بالأمر الصحيح. ومن شروط مقدم المشورة أنه يختار الأسر التى يراعيها وأن تكون من نفس منطقته، ويتم تدريبه فى الوحدات الصحية والرعايات الأولية وكذلك الأماكن الخاصة فى المستشفيات لتأهيلهم للانتقال للمنازل فيما بعد، كما أنه يتم العمل حاليا على تحقيق كادر فى المستشفيات تحت مسمى امقدم المشورةب، وبالفعل يتم تدريب أطباء أسنان وصيادلة وأطفال ونساء، كما يتم تدريب الممرضات على مهارات الولادة الطبيعية وأيضا أطباء الأطفال الشباب على الحضانات صديقة الأم والطفل. وفى النهاية يتم عمل تقييم لمقدمى المشورة والمتابعة من قبل مديرى الإدارات للوصول لأفضل نتائج ممكنة.

اقرأ أيضأ l إعادة اعمار 26 منزلاً بقرية الدير ضمن مبادرة «حياة كريمة» بالاقصر